• نوفمبر 22, 2024 - 9:26 صباحًا

الدستور .. 53 عامًا من الديموقراطية والاستقرار

.في الذكرى الـثالثة والخمسين لصدور وثيقة دستور الكويت في 11 نوفمبر 1962، يجدر بنا أن نتوقف قليلا أمام هذه المناسبة، لنستخلص منها بعض الدروس التي ينبغي أن تظل ملازمة لنا على مدى الأجيال.
فالدستور الكويتي ليس مجرد مجموعة مواد يضمها بين دفتيه، وإنما هو التزام وعهد وميثاق بين الحاكم والمحكوم، كما أنه لم يبق «محنطا» في كتاب يحفظ على أرفف المكتبات، بل تحول على مدى السنوات الطويلة، منذ صدوره، إلى إطار يحكم حركة الحياة السياسية والاقتصادية، وينظم الحقوق والواجبات، ويكون الحكم الفصل، بل والمنقذ أحيانا في الأزمات والتحديات.
ولعل أحدا لم ولن ينسى ما حدث في أثناء الغزو العراقي الغاشم للكويت عام 1990، ففي تلك الفترة أراد الطاغية المقبور صدام حسين محو اسم الكويت من خريطة العالم، لكن الكويتيين تصدوا ببسالة لمؤامرته، وقاوموها بكل الأشكال… وإذا كنا نقدر للمقاومين الأبطال في الداخل دورهم العظيم في مكافحة الاحتلال، وإشعاره بأن الكويت لم تستسلم، ولن ترفع له الراية البيضاء أو تستجيب لمطامعه، فقد كانت هناك أيضا مقاومة لا تقل عن نظيرتها في الداخل، عبر العمل السياسي والديبلوماسية الرسمية والشعبية في الخارج، وكان مؤتمر جدة تتويجا لها، وأحد أبرز تجلياتها، حيث أكدت كل النخب والشرائح الممثلة للشعب الكويتي تمسكها بالدستور وبالأسرة الحاكمة التي نص هذا الدستور على توليتها حكم الكويت، وكان ذلك أكبر إشارة إلى أن الكويت لن تهزم أبدا، لأنها متمسكة بوحدتها الوطنية، وترفض أن يشق أحد عصا قوتها ومنعتها، أو يهدم بنيانها المتماسك والراسخ.
وفضلا عن كون هذا الموقف الذي سجله أبناء الكويت واجبا محتوما تجاه وطنهم، فقد شكل أيضا نوعا من الوفاء للآباء المؤسسين الذين أنتجوا لنا دستورا يكاد يكون نموذجيا، فمن يطالع مواده، خصوصا تلك المتعلقة بالحقوق والحريات، يتصور أنه دستور واحدة من أعرق الدول الديموقراطية في أوروبا. وهكذا أراد له الآباء المؤسسون بالفعل، وأرادوا للكويت أن تكون واحة للحرية والديموقراطية في المنطقة، وكان لهم حقا ما أرادوا، فهذه الوثيقة التاريخية لم تحفظ للمواطنين حقوقهم وحرياتهم فقط، بل أيضا ضمنت للوطن أمنه وسلامه واستقراره، حتى في ظل الاضطرابات التي عصفت بالمنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة، وبقيت الكويت قوية متماسكة لا تعرف العواصف السياسية الهوجاء، لأنها لم تكن في حاجة أصلا إليها، فهي تعيش ربيعا دستوريا وديموقراطيا دائما منذ ما يزيد على نصف القرن.
أخيرا فإن الدستور الكويتي – كما وصفه بحق رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في كلمته بمناسبة هذه الذكرى – «لم يعد مجرد تجربة عابرة مرتبطة بسياق تاريخي معين، بل أصبح قدرا وعنوانا وطريقة عيش». وتلك حقيقة أكدتها الوقائع والأحداث والتحديات التي واجهتها الكويت، وسيظل هذا الدستور ضمانة لوحدتنا الوطنية ولأمن واستقرار الوطن.

Read Previous

أسبوع من المحبة والتواصل

Read Next

«الإعلام الإلكتروني» .. القضاء على الفوضى دون مساس بالحريات

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x