لم يكن ما أعلنت عنه وزارة الداخلية يوم الخميس الماضي ، بشأن تمكنها من كشف شبكة إرهابية مؤلفة من عشرة أشخاص ، تقوم بعقد صفقات لشراء أسلحة وصواريخ من نوع “FN6” وشحنها إلى تركيا، ومنها إلى تنظيم «داعش» في سورية ، والاتصال بقياديي التنظيم في سورية، لم يكن ذلك كله هو الضربة الأولى لرجال أمن الكويت ، «العين الساهرة لهذا الوطن» – كما وصفهم بحق سمو أمير البلاد – وإنما هو حلقة في سلسلة «الضربات الاستباقية» التي وعد بالقيام بها نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، وأوفى فعلا بما وعد ، وها نحن نرى خلايا الإرهاب تتساقط ، خلية إثر أخرى ، تحت وقع ضربات «أبطال الكويت» والحارسون لأمنها واستقرارها .
لقد أثبتت تجربة السنوات الخمس الماضية التي أعقبت اندلاع ثورات الربيع العربي ، أن مطلب الشعوب في تحقيق الأمن والاستقرار ، لا يقل بحال عن مطلبها في تحقيق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، كما أثبتت الكويت أنها نموذج مختلف ومتفرد في المنطقة ، فهي لم تضحِ بأحد الاستحقاقين على حساب الآخر ، وإنما حققت الأمرين معا ، أو بالأدق حافظت عليهما معا ، فهي ليست «وافدا جديدا» على الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ، وذلك بعد أن تكرست وترسخت هذه المكتسبات منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان ، ليس فقط طبقا لنصوص الدستور ، بل أيضا عبر ممارسات دستورية وديمقراطية ، وباتت جزءا أصيلا من تركيبة المجتمع والدولة في الكويت ، ولم يعد في وارد أحد أن يتصور الكويت من دون ديمقراطية أو حرية أو حقوق إنسان .
أنجزت الكويت كل ذلك ، وأنجزت معه أيضا تنمية رائعة ومتميزة شملت كل المجالات، وأولها وأهمها تنمية الإنسان نفسه ، بالتوازي مع تنمية العمران .. صحيح أن هذه التنمية مرت ببعض المنعطفات التي سببت لها قدرا من التراجع في بعض الأحيان ، لكنها لا تلبث أن تستعيد قوتها وعافيتها ، وتعود أفضل مما كانت ، وهو ما نشهد تجليات كثيرة له الآن .
من هنا فإن الشارع الكويتي قد ازداد خلال الفترة الأخيرة طمأنينة وثقة بالجهاز الأمني لدولته ، هذا الجهاز الذي استحق أيضا أن ينال ثقة الشعب وقيادته ، وهو ما كان الشيخ محمد الخالد حريصا على تأكيده ، خلال لقائه قبل أيام ، بالجنود المجهولين الذي وقفوا خلف تلك الضربة القوية الأخيرة لمخططات الإرهابيين ، حيث قال : إن ثقة القيادة السياسية العليا برجال أمن الدولة دافع وحافز لنا لمزيد من الجهد والعطاء ، والإخلاص لأمن الوطن وأمان مواطنيه ، وطالبهم بتوجيه المزيد من الضربات الاستباقية للإرهابيين ، لحفظ الأمن وتأمين الجبهة الداخلية.
وكان الخالد محقا تماما وهو يؤكد لهؤلاء الرجال فخر واعتزاز كل المواطنين الذين تابعوا الجهود الأمنية المتميزة التي أسفرت عن ضبط الخلية الإرهابية الأخيرة ، والجهود الاستباقية التي يقوم بها رجال أمن الدولة في تأمين الأمن الداخلي للوطن الغالي الكويت، فتلك حقيقة مؤكدة ، وهي أيضا «أمانة» ناب عنا جميعا الوزير الخالد في إيصالها إلى هؤلاء الأبطال الذين لا نملك إلا نحييهم ونشد على أيديهم ، من أجل يواصلوا مهمتهم النبيلة ، ورسالتهم المقدسة في حماية أمن واستقرار الكويت .