د. هناء بوجروة محامية مثابرة ومصرة على النجاح، حيث لم تكتفِ بالحصول على درجة الماجستير، بل سعت إلى الحصول على الدكتوراه في القانون الخاص، لا ترد سائلا عن مسألة قانونية، أو استشارة، تساءلت في حوار لها مع «الخليج» إذا كانت المرأة الكويتية قد أصبحت وكيلة نيابة وعضوة في مجلس الأمة، فما المانع من أن تكون قاضية؟
بوجروة تحدثت عن دراستها القانون، ومشوارها في عالم المحاماة، والمصاعب التي تصادف اصحاب الروب الاسود، خاصة دخول المرأة المخفر، وعدم تقبل المجتمع لذلك، وأحكام البراءة التي حصلت عليها ومشاعر الموكلين بها.
] نحب التعرف على شخصية الدكتورة هناء؟
ـ في البداية أحب أن أشكركم على هذه الاستضافة الطيبة، وباختصار د. هناء هي محامية وأم، ودكتورة في القانون، أي في تخصصي.
] ما الدافع إلى تخصصك بالحقوق، وما الدافع الذي جعلك تستمرين لنيل الدكتوراه؟
ـ عندما تخرجت في الثانوية كان معدلي يسمح لي بأن أدخل أي تخصص من التخصصات الأدبية، وكان طموحي منذ زمن أن أدرس المحاماة، وكنت أحب هذه المهنة، برغم أن هناك قلة في العائلة كانوا يمارسون هذه المهنة، والحمد لله دخلت كلية الحقوق واستمتعت في دراستي، وحينما انتهيت من الدراسة وامتهنت مهنة المحاماة، تأكد لي أن اختياري كان موفقا، ما شجعني لتكملة دراستي والحصول على الدكتوراه.
] هل شجعك الأهل على دراسة الحقوق؟
ـ نعم، فالمحاماة من المهن المرموقة في العالم، كما تعد من المهن الأولى هي والطب، وبفضل تشجيع عائلتي حصلت على ليسانس الحقوق من جامعة الكويت، والماجستير والدكتوراه من مصر.
] مهنة المحاماة من المهن الصعبة… فكيف تعاملت في هذا المجال وأنت امرأة؟
ـ بصفة عامة طبيعة الأنثى يصعب عليها ممارسة هذا العمل في أوقات معينة، وخاصة في التحقيقات التي قد يكون موعدها منتصف الليل، هذا إلى جانب احتمالية تأخري في الدوام، فضلا عن دخول المخافر والنيابة، وهي أمور لم يتقبلها المجتمع حتى الآن من المرأة.
لكن الحمد لله أهلي وزوجي كانوا مرحبين بالمسألة، ولم يكن هناك ما يعيقني عن العمل، والحمد لله استطعت الاستمرار.
] هل هناك مواقف صعبة تعرضت لها في بداية عملك كمحامية؟
ـ نعم، ومن أصعب المواقف التي تعرضت لها أنني كنت أعمل في مكتب الخبرة في الاستشارات القانونية، وفي أثناء تنفيذ أحد الأحكام رفض المدعى عليه أن ينفذ الحكم، وتعرضت للضرب أنا وموكلتي وكانت مطلقته، وكان موقفا من أصعب المواقف التي تعرضت لها، لكن الحمد لله لم أتأثر وأكملت مسيرتي.
] هل بدأت العمل في المحاماة من مكتب خاص لك؟
ـ لا، فقانون المحاماة لا يسمح للمتدرب بفتح مكتب محاماة إلا بعد مرور عامين من ممارسة المهنة والتدريب، ولذلك تدربت في مكتب المحاماة والاستشارات القانونية للأستاذ الكريم محمد الدلال، والأستاذ أسامة عبدالجليل، وللأمانة كانت من أفضل التجارب التي مررت بها في حياتي المهنية، لأنني استفدت من هذا المكتب، ومن ثم انتقلت إلى مكتب الأستاذ خالد عبدالجليل، واستفدت كثيرا في مجال الجنح والجنايات والأحوال الشخصية، وبعده انتقلت لمكتب الأستاذ خالد الكندري رئيس جمعية المحامين، واكتسبت معه خبرة في مجال التأمين، وهو مجال تخصصي وموضوع الدكتوراه، لأنني عندما قررت موضوع الرسالة كنت أعمل مع بوفيصل فأعجبني الموضوع، وأردت أن أتعمق فيه، والحمد لله حصلت على رسالة الدكتوراه من خلال مكتب بوفيصل.
] هل تخصصت في نوع معين من القضايا؟
ـ لا، لم أتخصص في نوع معين، لكن في بدايتي كانت أغلب القضايا بين الأحوال والمدني والتجاري، أما الآن وفي الآونة الأخيرة بدأت أشتغل بالجنائي.
] ما أصعب القضايا، المدنية أم الشخصية أم الجنائية؟
ـ لا نستطيع أن نقول إن هناك شيئا صعبا في القانون، فكلما بحثتِ في القانون ستجدين ثغرات في القوانين لصالح موكلك، فطالما عندك ملكة البحث سوف تجدين ما يفيد موكلك، لكن الصعوبة تكمن في الأداء وفي الوقوف أمام القضاء، وفي توصيل المعلومة للقاضي، وهذه دائما تكون أمام محكمة الجنايات التي دائما ما تخرج طاقات المحامي وفنونه في المرافعة، ولذلك فهي من أصعب القضايا، خاصة أنك تحملين هم الموكل لأن هذا مصير إنسان، ولا بد من بذل مجهود كبير لتصلي إلى النتيجة المرجوة، لكن بشكل عام فالمحاماة كلها شاقة ومتعبة.
] المحامي الكويتي دائما متهم بأن وراءه مستشار عربي، فما ردك على هذا الاتهام؟
ـ صحيح، هذا الكلام فيه جانب كبير من الصحة، فنحن نتكلم عن الجيل الأول الذي كان يعتمد تماما على المستشارين ولا يعمل بيده، لكن الآن الشباب والطاقات الجديدة يعملون بأيديهم، ويحضرون مذكرات ويحضرون أمام المحاكم بمنتهى الطلاقة، وبصراحة هناك طاقات جيدة.
لكن هناك نقطة مهمة لا بد أن أطرحها، فالمحامي الذي يحضر المحكمة ويقابل موكلين سيكون عنده مشكلة في إعداد المذكرات، نظرا لضيق الوقت، فالاستعانة ليس معناها أن المحامي لا يفهم، فمن الممكن جدا أن أجلس مع مستشاري وأجري معه نقاشا قانونيا، بحيث أعطيه نقاط الدفاع المهمة التي يعمل على أساسها، فأحيانا مسألة الوقت فقط تمنع المحامي من كتابة المذكرات.
] ما أهم حكم حصلت عليه خلال عملك بالمحاماة؟
ـ للأمانة أنا أعتز بكل أحكامي، سواء كانت أحوالا أو جنائية، فكل الأحكام في كل المجالات أعتز بها والحمد لله.
] ألا توجد قضية معينة عندما أسألك هذا السؤال تخطر على بالك؟
ـ هناك بعض المواطنين الذين شعرت بفرحة كبيرة لهم عندما حصلت لهم على أحكام، لأنهم فعلا كانوا مظلومين، فلا شك أن هذا إحساس جميل جدا يتملكك وأنت تنتزعين حكم مظلوم، والمسألة تختلف على نوع القضية، والحمد لله لم نخسر ولا قضية حتى الآن.
] هل تتحرين الدقة في اختيار أو قبول الموكلين، وهل تتأكدين من صدق من تتحرين عنه، وإذا شعرت أنه ليس صاحب حق فهل ترفضين قضيته؟
ـ يمكن، وحدث معي كثيرا، فلا بد أن أتأكد من صحة كلام الموكل، وأن أتصل بالطرف الآخر – بعد إذن موكلي طبعا – فإذا وجدت عدم تناقض في الكلام أتولى القضية طبعا.
] هل حدث في أحد المرات أنك ترافعت عن الطرف الآخر بعد أن وجدت أنه هو صاحب الحق؟
ـ لا، بالطبع لا أترافع عنه، لكن أرفض القضية فقط، لكن بعض الخصوم طلبوا مني بعد رفضي الموكل الأول أن أتولى قضيتهم لأنهم يدركون قوة المحامي الذي أمامهم، فيطلبون مني أن أكون محاميتهم لكنني أرفض المبدأ ذاته.
] هل تحبذين فكرة وجود المرأة الكويتية كقاضية؟
ـ نعم، المرأة الكويتية كونها أصبحت وكيلة نيابة وعضوة في مجلس الأمة، فما المانع من أن تكون قاضية، وليس شرطا أن تتولى كل أنواع القضاء وكل أنواع الدوائر.
] أنت مع تخصصها في أنواع معينة؟
ـ نعم.. هناك أنواع من القضايا لا تقدر عليها المرأة، فالمرأة عاطفية بعض الشيء، ويمكن أن تؤثر عاطفتها عليها في أنواع معينة من القضايا.
] هل معنى ذلك أن المرأة المحامية والقاضية لا تستطيع أحيانا أن تفصل عاطفتها عن العمل؟
ـ المحامية شرعا ليس عليها إثم أو مسؤولية، مثل مسؤولية القاضي، وشرعا ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن قاضيا في الجنة وقاضيين في النار، فهذه مسؤولية كبيرة، وبالطبع قد تؤثر العاطفة، وهذا رأيي الشخصي.
] رقم هاتفك الشخصي معلن عنه على «تويتر»، مع التنويه أنك تقبلين الاستشارات، فهل هناك إقبال من الجمهور؟
ـ نعم، هناك إقبال بالفعل في الآونة الأخيرة من الجمهور، حيث يستشيرون ويحصلون على أكثر من رأي لأكثر من محام، وهذا يدل على تطور العقليات.
] هل هناك احترام من المجتمع لعلانية رقمك الشخصي؟ أم أن هناك مضايقات؟
ـ لا أبدا، كلها استشارات، لكن جمعية المحامين تمنع ذلك، فهناك نص قانوني يمنع إعلان المحامي عن نفسه لاعتباره نوعا من أنواع الإعلان.
ومن المفترض أن إعلاني عن رقمي مخالف للقانون في جمعية المحامين، لكن أنا أراه من وجهة نظري غير مخالف للقانون، لأن ذلك لا يعتبر إعلانا بل يعتبر خدمة للمجتمع، ومادمت أنني أعتبره خدمة فلن أحذف الرقم، لأنها خدمة مجانية ومن دون مقابل.
] قلت إن المجتمع حتى الآن لا يتقبل عمل المحامية، فهل استطاعت المحامية الكويتية أن تثبت وجودها الآن؟
ـ طبعا، المجتمع يتقبل وجود المحامية لكن لا يتقبل فكرة دخولها للمخفر، ولا فكرة دخولها في مجالات معينة، لكن الفكرة نفسها مقبولة.
] كيف حققت الموازنة في نجاحك بين عملك ودراستك؟
ـ لم أتزوج إلا بعد انتهاء الماجستير، أي أنني تجاوزت شوطا كبيرا من مهنة المحاماة، لكن المشكلة الحقيقية أنني أول ما تزوجت كنت قد فتحت مكتبي منذ شهر، فكانت المعاناة أن أوازن بين حياتي الأسرية الجديدة وبين مكتبي الجديد، لكن مع مساعدة والدتي وزوجي الحمد لله تجاوزت هذه المرحلة، وبعدها أنجبت أبنائي الثلاثة.
] بعد الإنجاب أصبحت هناك ثلاث مشاكل، المكتب والزوج والأبناء، فكيف وازنت بينهم؟
ـ أول شيء لا بد أن أذكر أن الأمر أخذ من وقتي كإنسانة، ولكي أوازن الأمور كان لا بد أن أقوم بعمل جدول ونظام أمنح فيه وقتا لدوامي ووقتا لبيتي ووقتا لنفسي.
] المخالفات المرورية أصبحت كثيرة في الآونة الأخيرة ما السبب وما العلاج؟
ـ تكرار المخالفات المرورية من بعض السيارات هو خطر على قائد المركبة وخطر على المواطنين الذين يقودون المركبات بجواره، فمثل هؤلاء الأشخاص يقومون بقيادة المركبات برعونة، وهذا الأمر من الممكن أن يتسبب في إزهاق أرواح بشرية مشيرة إلى أن وزارة الداخلية وضعت الإجراءات وزادت من قيمة المخالفات المرورية ولكن في نفس الوقت الشباب مازال يخالف القوانين.
] وماذا نحتاج لكي نعالج هذا الأمر؟
ـ نحتاج إلى ثقافة مجتمعية، وذلك للتوعية بأخطار تلك الأمور، فعلى وسائل الإعلام دور في توعية الأفراد، وعلى الأسرة دور مهم في تربية أبنائهم التربية الصحيحة، وعلى المدرسة أيضا دور للتوعية بأخطار الطريق، مشيرة إلى أنه يجب أن تكون هناك حلول أيضا لزحمة الطرق عن طريق عمل الجسور والكباري.
] ما رايك في البلاغات الكاذبة التي تقدم من شخصيات مجهولة؟
ـ البلاغ الكاذب ينقسم إلى قسمين الأول يتمثل في كل من قدم إلى موظف عام مختص باتخاذ الإجراءات الناشئة عن ارتكاب الجرائم، بلاغا كتابيا أو شفويا متضمنا إسناد واقعة تستوجب العقاب إلى شخص لم تصدر منه، وهو عالم بعدم صحة هذا البلاغ يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين والغرامة أو إحداهما، والثاني يعد من قبيل إزعاج السلطات فكل من أزعج السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية بأن أخبر بأي طريقة كانت عن وقوع كوارث أو حوادث أو إخطار لا وجود لها يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات والغرامة أو إحداهما.
والبلاغ الكاذب من الممكن أن يتسبب في العديد من المشكلات في أروقة المجتمع الكويتي، وعلى سبيل المثال من الممكن أن يتسبب في زعزعة الأمن إذا ما كان هذا البلاغ يتعلق بالأمن الوطني، وعلى رجال الداخلية أن يتثبتوا من البلاغات الكاذبة وفي النهاية تبقى وزارة الداخلية هي المحرك الرئيسي للشكوى ضد مقدم البلاغ الكاذب.
] وما هو توصيف هذه الجريمة؟
ـ هناك جريمة تسمى اساءة استعمال وسائل الاتصالات الهاتفية (اساءة استعمال الهاتف)، خاصة بكل من يزعج أحدا عن طريق الهاتف، سواء النقال أو التلفون الأرضي، وسواء كان ذلك عن طريق الاتصال والمعاكسة أو الماسجات، وعقوبة هذه الجريمة تصل إلى الحبس سنة.
] وما الهدف من وراء هذا الفعل من وجهة نظرك؟
ـ أهداف ذلك الفعل عديدة، ومنها أن تأتي بهدف مصالح معينة من خلال التهديدات، ومنها ما يأتي لمآرب ومصالح معينة، بالإضافة إلى انها قد تكون على أساس الإثارة، لأنه قد يكون الفعال على مستوى حياته لا توجد عنده إثارة لذلك يريد أن يفرغ هذه الإثارة من خلال تتبع ذلك السلوك لذلك يبلغ عن هذه التهديدات الكاذبة.
] ما رأيك في أداء الوزير الصانع في وزارة العدل؟
ـ وزير العدل يعقوب الصانع يحاول أن يعالج الثغرات التي يعاني منها المحامون، من خلال وضع الحلول العاجلة لها، فكما أنشأ مجلس التقاضي في جمعية المحامين قام بتشديد الرقابة على المراسلات من قبل المحاكم، وقام بفصل عدد كبير من مندوبي الإعلانات الذين ثبت أنهم تكاسلوا عن أداء وظائفهم المناطة بهم في توصيل الإعلانات إلى مكاتب المحامين أو وكلائهم، وأنا أطالب الوزير الصانع بالسعى إلى خصخصة الإعلانات القضائية والتى من شأنها ايصال الإعلانات في وقتها المحدد والتى تساهم في تسريع عملية التقاضي، وها هو يقوم بخطوة من شأنها تخفيف الأعباء عن المحامي، والتى تتمثل في رفع الدعاوى إلكترونيا، وهذا الأمر من شأنه توفير الوقت والجهد على المحامي.
وبينت بوجروة أن الوزير يسعى إلى توفير الجهد والوقت على المحامي من خلال تسيير بعض الإجراءات التي من شأنها المساهمة في تسريع عملية التقاضي، وتمنت أن تكون لدى الوزير الصانع رؤية بأن يكون التنفيذ من خلالها إلكتروني، كما أن هناك إشكالية كبيرة يعاني منها المحامي تتمثل في الإعلانات التي تؤرق أغلب المحامين.
] ما أهم الامور التي يجب أن يسعى إلى تحقيقها؟
ـ هناك العديد من الخطوات الأخرى التي ننتظرها من الوزير الصانع، والتي تتمثل في حل مشكلة الإعلانات أو التنفيذ أو موضوع البطء في عمليات التنفيذ التي يعاني منها المحامي، كما يجب معاجلة تضارب مواعيد الجلسات المختلفة.