إذا كان التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مطلوبا في كل وقت، فضلا عن كونه بالطبع واجبا دستوريا، فإنه يبدو الآن أكثر أهمية وإلحاحا من أي وقت مضى، وذلك في ظل ما تشهده المنطقة والعالم كله من تقلبات سياسية واقتصادية، تجعل مثل هذا التعاون «فرض عين» على الجميع.
وقد رسمت الرسالة التي بعث بها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، إلى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ردا على تهنئة المجلس لسموه بمرور عشر سنوات على توليه مقاليد الحكم، الإطار الصحيح لهذا التعاون المنشود، وذلك بقوله «إننا نشيد بما نلمسه من تعاون مثمر وبناء بين السلطتين، من أجل خدمة الوطن والمواطنين».. فلا شك أن هذا هو الهدف الأسمى لكل السلطات، أن تخدم وطنها ومواطنيها.. ومع ما يحيط بنا من أزمات وتحديات، لعل أكثرها وضوحا الآن هو تراجع أسعار النفط، وما ترتب عليه من تداعيات سلبية على مداخيلنا من تصديره، والعجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة، يصبح من الحتمي أن يكثف مجلس الأمة والحكومة تعاونهما، للخروج برؤية موحدة وشاملة، لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة.
إن هذا التحدي الكبير والخطير يستوجب، ليس فقط التعاون بين السلطتين للتعامل معه، بل أيضا يفرض عملا جادا ومركزا منهما ومن كل الجهات والمؤسسات المعنية، لكي نخلص إلى إستراتجية شاملة مبنية على قواعد وأسس علمية وموضوعية، لا يكون التركيز فيها فقط على قضية الدعم والموقف من الإبقاء عليه كما هو، أو تخفيضه على السلع والخدمات المقدمة للمواطنين، وإنما الأهم والأجدى بكثير هو أن ندرك مدى حاجتنا الماسة إلى تطوير برامجنا وخططنا التنموية، بحيث ننهي تماما هذا الداء الذي تمكن من اقتصادنا فترة طويلة، وهو الاعتماد على مصدر شبه وحيد للدخل، ونستهل مرحلة جديدة تصبح قاعدة التنمية فيها عريضة وشاملة ومتنوعة المصادر. والكويت تملك القدرة على ذلك، ولديها من الكوادر والقدرات البشرية ما يمكنها من صنعه، كما أن لديها رصيدا تاريخيا هائلا، تراكم عبر سنين طويلة من الإبحار إلى قارات الدنيا والتجارة معها، واكتساب الخبرات التي توارثها أبناء الكويت جيلا بعد جيل، وأيضا في تلك الأجيال الشابة التي تلقت العلم في أرقى جامعات أوروبا وأميركا، وصارت متمكنة من التعاطي مع كل تقنيات العصر وعلومه.
وهذا كله ما نرجو أن تترجمه السلطتان بتعاونهما الجاد، لخدمة الوطن والمواطنين، كما حددت لهما الرسالة السامية.