على الرغم من أن الكويت كلها فجعت، في يوم عيدها، وفي غمرة احتفالاتها بذكرى الاستقلال والتحرير، باستشهاد أحد رجال الأمن وإصابة عدد من رفاقه، لدى وجودهم في أحد المواقع للمشاركة في تنظيم الاحتفالات، وضبط الأمن والحفاظ على راحة وأمان المواطنين والمقيمين، فإن مما عوّض هذا المصاب الأليم، وخفف من وقعه على نفوسنا، هو ذلك التجاوب على أعلى وأرفع مستوى مع ما حدث، إلى حد أن صاحب السمو الأمير أولى الأمر اهتمامه السامي، وأصدر توجيهاته الفورية بمعاملة الشهيد معاملة الكويتيين، كما وجّه سموه بالعناية القصوى بالمصابين، حتى يتم الله عليهم الشفاء، وقام نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد بزيارتهم والمتابعة المستمرة لحالتهم.
هكذا ـ كما اعتادت الكويت ـ تتحول لحظات الألم إلى مناسبة لوحدة الشعور الجمعي، وللاصطفاف الوطني ضد الإرهاب، ولإظهار التمسك الشديد بوحدتنا وتكاتفنا، ورفضنا كل أشكال الإرهاب والعنف، حتى لو تلبست بلباس الدين، وتخفت وراء شعارات هي أبعد ما تكون عن جوهرها، فالإسلام كله رحمة وعدل وإحسان، وشريعته ترفض تماما القتل والإيذاء والإجرام، كما تنبذ الكره والغلّ والبغضاء.
لقد استعادت الكويت في ذلك اليوم، الروح ذاتها التي سرت فيها يوم وقع المصاب الفادح في مسجد الإمام الصادق، حين ذهب سمو الأمير إلى موقع المسجد، وأصر على الدخول إليه عقب وقوع الحادث بزمن قصير جدا، رغم محاولات مرافقيه لثنيه عن ذلك، وقال كلمته الشهيرة «هذولا عيالي»، والتي باتت مثلا على ألسنة الكويتيين، وتعبيرا عن وحدتهم ورفضهم الفتنة، مهما كان الثمن الذي يدفعونه مقابل هذا الموقف النبيل.
إن الكويت التي أصابها الحزن الشديد على ما جرى في يوم العيد الوطني، قد أثبتت أيضا أنها أهل لمواجهة الشدائد والملمات، وأنها عصية على الفتنة، وأن كل المحاولات الساعية لاختراق صفها الوطني ستبوء بالفشل، وأن رجال الأمن فيها بقيادة الشيخ محمد الخالد، سيظلون هم حصنها الحصين، وسياجها المكين، الذي يتصدى لكل من يريد الوطن وأهله بشر، ويواصل رسالته في حماية أمن الكويت واستقرارها، وأن التضحيات التي يقدمونهم فداء لتراب ديرتهم، لن تنال من عزيمتهم أو توهن قوتهم.
وستظل الكويت أقوى وأبقى من كل بغاة الشر، وحاملي ألوية العنف والإرهاب، متحصنة بوحدة شعبها، وحكمة قيادتها، وإصرارها على أن تزرع بذور الخير في كل مكان، وتمد يدها بالسلام والمحبة لكل بني الإنسان على وجه هذه الأرض.