أنجزت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية تقريرها في شأن دراسة الوضع الاقتصادي وتوصياتها حول وثيقة الإصلاح المالي لرفعها للمجلس ومناقشتها، ويعقد الخبراء الاقتصاديون آمالهم على نواب الامة لتفهم الوضع الاقتصادي للدولة، وان يمدوا يد العون للحكومة لبدء تنفيذ الاصلاحات المطلوبة.
فقد اصبح رفع أسعار البنزين والكهرباء والماء، وترشيد الدعوم المقدمة حاليا للمواطنين ضرورة حتمية و ليس مسلكا اختياريا للكويت، بفعل عجز الموازنة وتراجع مداخيل بيع النفط، والحاجة إلى إصلاح الاقتصاد الوطني،ومراجعة الهدر المالي في كثير من قنوات الصرف، التي تتطلب إعادة نظر، وتوجيه المساعدة لمن يستحقها فقط.
ويستغرب مراقبون أن يتسابق نواب إلى رفض إلغاء الدعم، من باب الدغدغة الإنتخابية، أو مغازلة الشارع، بعيدا عن المنطقية ورؤية الواقع كما هو، والفزعة للكويت لأجل إنقاذها من مسارات مالية خطيرة، حتما ستجعلها أمام خيارات تنال من وضعها المالي، وتؤجج استقرارها الداخلي، لا سمح الله.
ومع الاعتراف بوجود هدر مالي في الدولة، وهذا لاينكره أحد، فان الحكومة مطالبة، بالتصدي للحنفيات التي تبدد الأموال العامة، وتوجيهها التوجيه الصحيح، لكن هذا لايعني بأي حال من الأحوال، بقاء الدعومات على ما هي عليه، لأن مايُنفق عليها يمثل أضعافا مضاعفة، لمميزات قياديين أو مكافآت مسؤولين، أو مساعدات خارجية، مفروضة على الكويت، شاءت أم أبت، ضمن تحركها الدبلوماسي الدولي، كجزء لايتجزأ من تعزيز أمنها الوطني.
ومطلوب من معارضي إلغاء الدعوم، أن يكون طرحهم، منطلقا من مصالح البلد العليا، ومستقبل أمنها المالي..وينظروا واقعيا، إلى أن رفع أسعار الوقود، يمكن أن يوفر على الدولة مايزيد على مليار ونصف مليار دينار، كما أن تطبيق الشرائح في استهلاك الكهرباء والماء، يُدخل إلى الموازنة العامة مايربو على مليارين..
أما الحكومة فمطالبة أولا، بفرض رقابة صارمة ضد أطراف يمكن أن تستغل الفرصة، لتزيد الأسعار كما حدث يوم زادت قيمة بيع الديزل والكيروسين، كما لابد من استمرار «علاج» العلاج بالخارج، ليكون علاجا إلى الداخل، من خلال جلب الكفاءات الطبية إلى الكويت، والارتقاء بخدمات الصحة، لاسيما أن كلفة ابتعاث المرضى تتجاوز سنويا الأربعة مليارات دينار، ومعظم هؤلاء لايستحقون.
من جانبه قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح ان وثيقة الاجراءات الداعمة لمسار الاصلاح المالي والاقتصادي في المدى القصير باتت نافذة الفعل منذ ان صادق عليها مجلس الوزراء فضلا عن حصولها على دعم كامل من القيادة السياسية.
واعرب الوزير الصالح في تصريح صحافي تعقيبا على الملاحظات الخاصة بوثيقة الإصلاح في اجتماع لجنة الشؤون المالية بمجلس الأمة عن سعادته بالاراء القيمة التي تفضل بها المتحدثون في الاجتماع.
وعبر عن سعادته بدعم المتحدثين وتفهمهم لخطورة استمرار الاختلالات المالية والاقتصادية الراهنة في البلاد وتاكيدهم على اهمية وثيقة الاصلاح والمعالجات التي تضمنتها بوصفها مدخلا مستحقا لمعالجة هذه الاختلالات في الاجلين القصير والمتوسط وبوصفها التزاما حكوميا واضحا بمسار الاصلاح.
واثنى على دعوة المتحدثين للحكومة إلى تبني خطة إعلامية واسعة لتنوير الرأي العام بأهمية حزمة الإصلاحات الواردة في الوثيقة مشيدا بمطالبة جميع الجهات المشاركة في الاجتماع بضرورة الاسراع في تنفيذ برامج الوثيقة ووضع آليات التنفيذ اللازمة لتحويل برامجها إلى واقع ملموس.
وقال: ان الوثيقة ليست ردة فعل نتيجة لتراجع أسعار النفط بل جزء من رؤية أشمل تستهدف تحقيق نقلة نوعية في هيكل الاقتصاد الكويتي في المدى الطويل تضمن تفرغ الدولة لمهامها الأساسية في التنظيم والرقابة على النشاط الاقتصادي وإعادة دور الريادة لهذا النشاط للقطاع الخاص تدريجيا عبر قوانين التخصيص والشراكة بمشاركة فعالة من المواطنين وبما يضمن تنويع قاعدة الإنتاج وخلق فرص عمل حقيقية للمواطنين واستدامة الرفاهية.
وأكد الصالح أن تنفيذ برامج الوثيقة بنجاح يتطلب تعاون وتضافر جهود السلطتين التنفيذية والتشريعية، مضيفا أن ملاحظات المتحدثين في اجتماع سيتم أخذها في الاعتبار أثناء مراحل تنفيذ برامج الوثيقة.
وكانت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية استكملت دراسة الوضع الاقتصادي بحضور الوزير الصالح ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية هند الصبيح ووزير التجارة والصناعة الدكتور يوسف العلي ووزير الكهرباء والماء احمد الجسار ومحافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل وممثلين عن غرفة تجارة وصناعة الكويت.
وشارك في اجتماعات اللجنة كل من الجمعية الاقتصادية الكويتية وجمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية واتحاد المصارف واتحاد الشركات الاستثمارية وعدد من المختصين للاطلاع على موقفهم من وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي في المدى المتوسط التي أعدتها لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الوزراء وأعتمدتها الحكومة في 14 مارس الجاري.