• نوفمبر 23, 2024 - 4:31 مساءً

الإضراب الذي يهدد شريان الحياة في الكويت .. غير مشروع

مجددا تندلع الاضرابات في الكويت وهذه المرة تهدد بإصابة شريان الحياة والاقتصاد في الكويت بعدما تمسك كلا الطرفين بموقفه المتشدد، حيث اصر نائب رئيس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح على التزام الحكومة بقرارات مشروع البديل الاستراتيجي للرواتب على القطاع، فيما اصر ممثلو الاتحاد والنقابات على موقفهم الرافض للمساس بأي من المزايا وطالبوا الوزير بتقديم تعهد حكومي مكتوب بعدم تطبيق البديل الاستراتيجي على العاملين في القطاع النفطي.
والمؤسف، أن تُثار أساليب التضليل حول بديل الرواتب، وتروج المعلومات غير الصحيحة من أجل عرقلة تطبيقه، رغم أن السواد الأعظم من الموظفين الحاليين ومن سيعينون في المستقبل، هم مستفيدون منه استفادة عظيمة، ورواتبهم ستزداد، على عكس ما يردده البعض.
وإذا كان العاملون في القطاع النفطي يهددون بالإضراب والاحتجاجات على تطبيق البديل، فإن الامر لايخلو من التكسب الانتخابي على حساب مصالح الكويت العليا، خصوصا أن رواتب موظفي النفط لن تُمس من قريب أو بعيد، والمشروع لن يطبق عليهم، بل على من سيعين عقب تطبيق القانون.
لكن السؤال القديم يفرض نفسه مجددا حول مشروعية الاضراب في قطاع مثل القطاع النفطي الاكثر حيوية وخطورة في الدولة.

قانونيون أكدوا ان الاضراب في مثل هذا القطاع غير مشروع ويهدد االاقتصاد والاستقرار.
الناشط القانوني عبدالرحمن الدوسري يقول أن التشريعات الكويتية والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الكويت لم تبح الإضراب، وأن ما يثار حول مشروعية الإضرابات وفق القانون الكويتي والاتفاقات الدولية الملزمة عارٍ عن الصحة. وعلى الرغم من اقتناعي أن من حق النقابات و الجمعيات المهنية الدفاع عن حقوق من تمثلهم و المطالبة بتحسين أوضاعهم الوظيفية، إلا أن هذا الحق حق مقيّد و لا يجب أن تتم المطالبات بوسائل مخالفة للقانون. فلا يجوز أن يترتب على استعمال حق النقابات في المطالبة بحقوق منتسبيها أن تتعطل المرافق العامة ومصالح الأفراد.
واستعرض الدوسري في مدونته بعض التشريعات الكويتية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالإضراب. حيث لم ترد مفردة الإضراب في أي من التشريعات الكويتية واستخدم المشرّع الكويتي في بعض التشريعات ما يفيد الإضراب. فمثلا، في القانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي، نصت المادة 132 على انه (يحظر على طرفي المنازعة وقف العمل كليا أو جزئيا أثناء إجراءات المفاوضة المباشرة أو أمام لجنة التوفيق أو أمام هيئة التحكيم أو بسبب تدخل الوزارة المختصة في المنازعات عملا بأحكام هذا الباب).
وأضاف: مفهوم هذه المادة أن الوقف الكلي أو الجزئي للعمل أو ما يسمى اصطلاحا بالإضراب محظور أثناء إجراءات حل المنازعات بالترتيب المذكور في القانون رقم 6 لسنة 2010. ولم يرد أي نص آخر في القانون يحظر الإضراب بعد إجراءات حل المنازعات بما يفيد بمشروعية الإضراب في هذه الحالات.
اما المحامي إبراهيم الكندري فأكد انه: اتفق الفقهاء وأجمعت القوانين المنظمة لحق الإضراب في دول كثيرة على أن للإضراب شروطا يجب مراعاتها وإلا اعتبر باطلا غير مشروع وهذه الشروط هي:
1 – ان يتم تنظيم وإعلان الإضراب بواسطة النقابة العمالية.
2 – يجب إخطار رب العمل والجهة الإدارية قبل بدء الإضراب بمدة محددة على أن يتضمن الإخطار سبب الإضراب ومدته.
3 – يجب أن يستنفذ العمال جميع الطرق السلمية لحل المنازعة.
4 – عدم جواز الإضراب في المرافق الحيوية والمنشآت الاستراتيجية.
عليه فإن إضراب الموظفين العموميين وامتناعهم عن العمل يعتبر عملا مخالفا للدستور ويتسم بعدم الشرعية، والأولى والأجدى على الموظف العام الذي يطالب بتحسين حقوقه وأوضاعه الوظيفية ألا يحرم المواطنين من أبسط حقوقهم باعتبار أنه موظف عام مكلف بتقديم خدمة للناس والمواطنين، وأن كلا منهم مختص بتقديم خدمة أو خدمات لا يقدمها سواهم أو غيرهم في أي جهة أخرى، ولهذا فإن الخدمات التي تقدمها كل وزارة تعتبر خدمات حيوية واستراتيجية باعتبار أن كل وزارة متخصصة بتقديم عمل وخدمة معينة لا تقدمها أي وزارة أو جهة أخرى، وبالتالي فإن أشد المتضررين من هذه الإضرابات هم المواطنون.
وأضاف انه إزاء النقص التشريعي الذي ينظم حق الإضراب وإزاء الفوضى العارمة التي نتجت عن هذه الإضرابات واكتفاء الحكومة بالمشاهدة والنظر دون أي حراك إيجابي سواء بالاستجابة إلى مطالب الموظفين المضربين أو بإنهاء هذه الإضرابات فإنه يجب اللجوء إلى القضاء للاحتكام إليه لنترك له أن يقرر مدى مشروعية هذه الإضرابات باعتبار أن القضاء يسد الفراغ الذي يتركه المشرع في ضوء المبادئ والقواعد المنظمة للإضراب والمعترف بها دوليا وعالميا.
وتابع: أرجو من جميع أطراف هذه الإضرابات ان يضعوا في اعتبارهم مصلحة الدولة والمواطنين والمصلحة العامة مقدمة دائما على المنفعة الفردية.
بدوره قال الكاتب الصحفي محمد غريب حاتم في مقال له: ان الاضراب سيشل الكويت كلها لان النفط الخام ومشتقاته والبتروكيماويات هي العمود الفقري والاقتصاد اليومي الوطني، وللعلم وطوال تاريخ الاتحاد فان آخر حل هو الاضراب
واوضح انه قبل اربعين سنة كان هناك اضراب وتبعته اضرابات منها تم ومنها لم يتم، لكنها كانت على حق ووعي واخلاص وطني لان العامل خصوصا (المشغلين والصيانة والانتاج والموانئ) كانوا يعانون من ضعف الرواتب والمميزات اما اليوم فقد اخذ الكل حقه وفوق التصور، ولهم من الميزات ما لا يحلم فيه احد في العالم فهل يعرف المواطنون الكويتيون ان مشغل مصافي او انتاج يحصل على راتب يتجاوز (3000) دينار وعلاج مجاني وبونص يعادل ثلاثة اضعاف راتبه. وتساءل: هل تعلمون ان سكرتيرة كويتية في القطاع النفطي تحصل بعد الكادر على راتب وكيل وزارة؟
واعتبر ان من اعطاهم الكادر الجديد على طبق من ذهب، دمر العدالة والمساواة في الدولة، وعلى الحكومة تصحيح هذا الخطأ التاريخي، وفرض سياسة تشد الحزام وتقليص المصروفات.
من جهته قال استاذ الشريعة في جامعة الكويت الدكتور عادل المطيرات في فتوى له ان الإضراب عن العمل عموما لا يجوز وليس من الإسلام في شيء، ولم يثبت في تاريخ الاسلام منذ عهد النبوة شيء يسمى إضرابا أو اعتصاما عن العمل، وهذا الإضراب له نتائج سيئة في المجتمع منها: إحداث الفوضى والبلبلة في المجتمع مما ينذر بالفتن المؤدية إلى إتلاف النفوس والأموال والأعراض.
وأضاف: ان الاضراب يؤدي كذلك الى إضعاف هيبة الدولة مما يجرئ ضعاف النفوس إلى فعل ما يريدون لإحداث المشاكل في المجتمع.
وتابع الدكتور عادل المطيرات ان ما يحصل من وراء هذا الإضراب من ضرر بمصالح الناس العامة والخاصة حيث يتوقف العمل في أماكن يحتاجها الناس في يومهم وليلتهم، والإضرار بمصالح الناس لا يجوز لما صح في سنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضرر ولا ضرار »… لذلك كله فلا يجوز هذا الاضراب، والطريقة الصحيحة للمطالبة بالحقوق هي مناصحة المسؤولين ومحاولة إقناعهم بالمطالب العادلة عن طريق وجهاء البلد وكبار القبائل والعشائر والعائلات المعروفة، فإن لم يحصل شيء من ذلك فالواجب هو الصبر إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. ولا يجوز الاستعجال في هذه الأمور فالحكمة هي المطلوبة في هذه المواقف، وتقديم المصلحة العامة للبلد على مصلحة بعض الناس.

Read Previous

الصانع: بالقرآن نصون وحدتنا الوطنية

Read Next

العدساني للمضربين: لا تهددوا استقرار القطاع النفطي

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x