قال صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إن «القمة الخليجية المغربية غير المسبوقة التي عقدت في الرياض جاءت في ظل ظروف سياسية، واقتصادية، وأمنية حرجة تمر بها أمتنا العربية والإسلامية تتطلب تنسيقا مشتركا وتشاورا مستمرا وتعاونا كبيرا». مؤكدا سموه «اننا ماضون في سعينا لتعزيز الشراكة الإستراتيجية لإيماننا المطلق بحتميتها وضرورتها في ظل أحداث تستوجب الوحدة لا الفرقة والتجمع لا الانفراد».
وأضاف سمو الأمير في كلمته في القمة «أن تلك القمة بين قادة دول مجلس التعاون، والمملكة المغربية الشقيقة ستعطي الشراكة الإستراتيجية القائمة بيننا أبعادا إضافية لتعاوننا، وستنقلها إلى آفاق جديدة تحقق آمال وتطلعات شعوبنا».
وأعرب سموه عن اعتزاز دول مجلس التعاون بعلاقاتها الأخوية التاريخية والعريقة التي تربطها بالمملكة المغربية، مشددا على «الارتقاء بها إلى مستوى يعكس عمقها ويجسد تجذرها».
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة أصحاب الجلالة والسمو أصحاب المعالي والسعادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرني بداية أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وإلى حكومة وشعب المملكة العربية السعودية الشقيقة على تفضلهم باستضافتنا وعلى ما لقيناه ومنذ وصولنا من كرم ضيافة وإعداد متميز لهذا اللقاء الهام كما يسرني أن أضم صوتي لأخي خادم الحرمين الشريفين في الترحيب بجلالة الأخ الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة بين أشقائه قادة دول مجلس التعاون.
إن هذا اللقاء المبارك الذي يأتي في ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية حرجة تمر بها أمتنا العربية والإسلامية تتطلب تنسيقا مشتركا وتشاورا مستمرا وتعاونا كبيرا في قمة غير مسبوقة بيننا كقادة لدول مجلس التعاون والمملكة المغربية الشقيقة ستعطي الشراكة الإستراتيجية القائمة بيننا أبعادا إضافية لتعاوننا وستنقلها إلى آفاق جديدة تحقق آمال وتطلعات شعوبنا.
أصحاب الجلالة والسمو تعتز دول مجلس التعاون بعلاقاتها الأخوية التاريخية والعريقة التي تربطها بالشقيقة المملكة المغربية والتي كان سعينا على الدوام إلى الارتقاء بها إلى مستوى يعكس عمقها ويجسد تجذرها حتى تمكنا بفضل من الله وتوفيقه وحرصكم على الوصول بها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية المنشودة .
أصحاب الجلالة والسمو إننا ماضون في سعينا لتعزيز هذه الشراكة الإستراتيجية لإيماننا المطلق بحتميتها وضرورتها في ظل أحداث تستوجب الوحدة لا الفرقة والتجمع لا الانفراد.
وفي الختام أتضرع إلى الباري عز وجل أن يحقق اجتماعنا المبارك النجاح والتوفيق والسداد.
من جانبه اكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تضامن دول مجلس التعاون الخليجي ومساندتها لكل القضايا السياسية والأمنية التي تهم المغرب الشقيق وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية، مشددا على الرفض التام لأي مساس بالمصالح المغربية العليا.
وأضاف خادم الحرمين «أود أن أؤكد باسمي وباسم إخواني حرصنا الشديد على أن تكون علاقتنا مع بلدكم الشقيق على أعلى مستوى في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها، فنحن جميعا نقدر لبلادكم الشقيقة مواقفها المساندة لقضايا دولنا، ونستذكر باعتزاز مشاركتها في حرب تحرير الكويت، ومبادرتها بالمشاركة في عاصفة الحزم، والتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب».
وتابع خادم الحرمين: «أود أن أؤكد على ما نوليه جميعا من اهتمام بالغ بمعالجة قضايا أمتنا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة في سورية وفي ليبيا، كما نؤكد حرصنا على أن ينعم العراق بالأمن والاستقرار وفي اليمن فإننا حريصون على إيجاد حل للأزمة وفقا للمبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، ونأمل أن تسفر المباحثات في الكويت الشقيقة عن تقدم إيجابي بهذا الشأن».
واختتم الملك سلمان كلمته قائلا: «سيكون لقاؤنا هذا بإذن الله تعالى موحدا لمواقفنا معززا لعلاقاتنا وداعما لها، وسينقلها إلى مجالات أرحب خدمة لمصالح بلداننا وشعوبنا»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس».
من جهته، أعرب الملك محمد السادس عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على استضافة هذه القمة المهمة ولكل قادة دول مجلس التعاون الخليجي على مشاركتهم فيها.
وقال في كلمته أمام القمة: «أعرب عن اعتزازي وتقديري على الدعم المادي والمعنوي الذي تقدمونه للمغرب لإنجاز مشاريعه التنموية والدفاع عن قضاياه العادلة، ولقد تمكنا من وضع الأسس المتينة لشراكة إستراتيجية، هي نتاج مسار مثمر من التعاون، على المستوى الثنائي، بفضل إرادتنا المشتركة، فالشراكة المغربية الخليجية ليست وليدة مصالح ظرفية، أو حسابات عابرة، وإنما تستمد قوتها من الإيمان الصادق بوحدة المصير، ومن تطابق وجهات النظر، بخصوص قضايانا المشتركة».
ولفت النظر إلى أن هذه القمة «تأتي لإعطاء دفعة قوية لهذه الشراكة، التي بلغت درجة من النضج، وأصبحت تفرض تطوير إطارها المؤسسي، وآلياتها العملية»، مشيرا إلى أن هذه القمة تأتي في ظروف صعبة، مؤكدا أنها ليست موجهة ضد أحد بشكل خاص.
وشدد على أن المغرب يعتبر أمن واستقرار دول الخليج العربي من أمن المغرب وأن ما يضره يضر دول مجلس التعاون.
وعقب انتهاء أعمال القمة بين قادة دول مجلس التعاون والعاهل المغربي، صدر بيان ختامي، أكد على العلاقات الوثيقة القائمة بين قادة وشعوب الخليج والمغرب والروابط التاريخية المتينة، وإيمانهم بأهمية التضامن والتكامل بينها.
وأوضح البيان أن القمة شكلت مناسبة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية بين دول الخليج والمغرب، ولتنسيق المواقف في مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهها المنطقة العربية، وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وعبر الجانبان في البيان الختامي عن التزامهم بالدفاع المشترك عن أمن بلدانهم واستقرارها، واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وثوابتها الوطنية، ورفض أي محاولة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ونشر نزعة الانفصال والتفرقة لإعادة رسم خريطة الدول أو تقسيمها، بما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وأكد البيان أن دول مجلس التعاون والمملكة المغربية تشكل تكتلا استراتيجيا موحدا، حيث إن ما يمس أمن إحداها يمس أمن الدول الأخرى، وفي هذا السياق، جدد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية موقفهم المبدئي من أن قضية الصحراء الغربية هي أيضا قضية دول مجلس التعاون، وأكدوا موقفهم الداعم لمغربية الصحراء، ومساندتهم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، كأساس لأي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
كما أعربوا عن رفضهم لأي مساس بالمصالح العليا للمغرب إزاء المؤشرات الخطيرة التي شهدها الملف في الأسابيع الأخيرة.
وجدد البيان إدانة دول الخليج والمغرب للتطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وأكد عدم ربط هذه الآفة الخطيرة بحضارة أو دين، والوقوف في وجه محاولات نشر الطائفية والمذهبية التي تشعل الفتنة وترمي إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول، داعيا إلى تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الإرهاب واجتثاثه والقضاء على مسبباته، مؤكدا أهمية التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لدعم هذه الجهود.