
عندما يأتي الحديث عن مفهوم الدولة المدنية فاننا نتحدث عن اطار يتم فيه حفظ وصيانة حقوق كل فئات وشرائح المجتمع بغض النظر عن اي اعتبارات عرقية أو قومية أو دينية أو مذهبية أو عائلية أو قبلية كما نتحدث ايضا عن واجبات تؤديها كل تلك الفئات تجاه الدولة، ففي ظل الدولة المدنية تنصهر كل الفوارق وتذوب كل النعرات ولا يتبقى الا الافضلية في العمل والانتاج والفكر والمنهج، وكل ذلك بكل تأكيد لن يتحقق بالصورة المرجوة دون وجود رغبة حقيقية في تطبيق وممارسة مفهوم الدولة المدنية.
لقد اثبتت كل التجارب اليوم ان «المدنية» هي المفهوم الشامل الذي في استطاعته استيعاب كل الافكار والمبادئ والعقائد، بمعنى اخر «المدنية» هي باعث للامن والسلام والتسامح وتقبل الاخر والتعايش معه ايا كان دينه أو مذهبه أو نهجه.
ان بريطانيا هي نموذج جدير بالتقدير والاحترام في تطبيق مفهوم الدولة المدنية لانها باختصار شديد تستوعب الجميع، ونكررها مرات ومرات تستوعب الجميع، وعملية انتخاب عمدة لندن الجديد تؤكد ذلك وتقر بأن الشعب البريطاني وصل إلى اعلى الدرجات في الوعي الديموقراطي ، فقام اختياره على اساس العمل والكفاءه ولم يقم لأي شيء اخر اي اعتبار، من هنا علينا اعتبار هذا الاختيار ابلغ رد على البعض الذين دائما ما يتهمون الغرب بالعنصرية والعدائية للاسلام والمسلمين.
علينا الاعتراف، خصوصا اولئك المتاجرين بالدين، ان الدولة هي مفهوم شامل ووعاء يحتوي كل الافكار والمبادئ والايدلوجيات، حقوق الاخر محفوظة ومصانة ولا تنتهك تحت اي مسمى، فالثواب والعقاب هو عند الله رب العباد وليس عند بني البشر، فمتى ما استطعنا ادراك هذا المبدأ تبدلت احوالنا إلى الافضل وتقدم وعينا الديموقراطي مئات الاميال إلى الامام.