بين الكويت ومصر من الصلات والوشائج، ما لا يمكن أن يؤثر فيه حادث فردي يقع هنا أو هناك، أو يهزه مشهد لواقعة ما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي، كما جرى سابقا وهذا الأسبوع حين تداولت تلك المواقع شريطا يظهر فيه شخص غير كويتي يقوم بضرب وإهانة شاب مصري، نتيجة خلاف مالي وقع بينهما.
وعلى الرغم من أن الحادث وقع منذ نحو سنة ونصف السنة، فإنه صدم المجتمع الكويتي صدمة كبيرة، وأبدت كل أطيافه رفضها الشديد لما حدث، وطالبت بتوقيع أقصى العقوبة على الجاني، أيا كان موقعه وانتماؤه.. ولأن الكويت دولة قانون، وتحترم حقوق الإنسان، ولا تفرق قي المعاملة القانونية والإنسانية بين مواطن ومقيم.
وإذا كان إخوتنا المصريون قد أدانوا الحادث، فقد كانت إدانتنا ـ نحن الكويتيين ـ أشد وأكبر، أولا لأننا نرفض إهانة أو ظلم أي وافد يعمل في الكويت، وثانيا لأن لأشقائنا المصريين منزلة خاصة العلاقات المصرية أكبر وأمتن من أن يسيء إليها أحد، أو يحاول تشويهها والنيل منها.
واننا نحمل لمصر الشقيقة ولشعبها كل مشاعر المودة والتقدير.. ونثق بأن أبناء هذا الشعب قادرون بما لديهم من مخزون ثقافي وحضاري، على قراءة الأحداث قراءة صحيحة، ويرفضون أي محاولة للإساءة إلى علاقات الدولتين والشعبين الشقيقين، عبر النفخ في حادث فردي وتضخيمه وتهويله، والإيعاز بأنه يشكل ظاهرة، وهو ما يعلم المصريون المقيمون في الكويت قبل سواهم، أنه محض كذب وافتراء، ويلمسون من خلال معايشتهم اليومية أن الشعب الكويتي هو من أكثر الشعوب احتراما وتقديرا للمقيمين على أرضهم، ولإسهامهم المهم والفاعل في دولاب العمل بالكويت. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن الكويت من أكثر دول العالم التي تشهد امتزاجا للوافدين بالحياة فيها، إلى حد يزيل عنهم كل مشاعر الغربة والوحشة والبعد عن أوطانهم الأصلية.
ليست هذه دعوة لمنع إدانة واستنكار تلك الواقعة التي أشرنا إليها، بل إننا أول من يدينها ويستنكرها، لكننا ندعو إلى وضع كل شيء في نصابه، دون تهوين أو تهويل، ونرفض استغلال حادث فردي، بل واستثنائي بكل المقاييس، للإساءة إلى علاقات اتاريجية، بين شعبين شقيقين لم ولن يقلح أحد في النيل مما يربط بينهما من مودة وإخاء ووفاء.
إنك عندما تتحدث عن الكويت ومصر، فإنما تتحدث عن شعبين امتزجت دماؤهما، على أرض سيناء في الحروب ضد العدو الإسرائيلي، وعلى أرض الكويت في حرب التحرير ضد جحافل صدام الغازية، تماما كما تلاقت أيديهما في معارك البناء والتعمير والاستثمار فوق أرضهما معا، وسيظلان كذلك محتفظين بروح التعاون والتلاقي والإصرار على النهوض والتطور، والمشاركة في صنع مستقبل أفضل وأجمل لدولتيهما وللمنطقة العربية كلها.