وضعت سلطنة عمان التنويع الاقتصادي نصب عينيها منذ العمل بخطط التنمية الخمسية في مطلع عام 1976م وقد تمكنت من تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.
ووق تقرير اعدته وكالة الانباء الاماراتية جاء الانخفاض المتواتر في أسعار النفط منذ يونيو 2014م ليمثل تحديا لمسيرة التنمية وفي الوقت نفسه يتيح فرصة ملائمة لإحداث تغييرات هيكلية في بنية الاقتصاد العماني .. وتزامن ذلك مع بداية العمل في إعداد خطة التنمية الخمسية التاسعة / 2016 – 2020 / والذي يمثل هدف التنويع الاقتصادي فيها ركيزة استراتيجية.
وأكدت انتصار بنت عبدالله الوهيبية مديرة عام التخطيط التنموي في المجلس الأعلى للتخطيط..أن الخطة استهدفت البناء على ما تم انجازه في الخطط السابقة لتنفيذ استراتيجية التنويع الاقتصادي وذلك بالتركيز على خمسة قطاعات واعدة .. وهي الصناعة التحويلية والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والثروة السمكية والتعدين حيث تتمتع سلطنة عمان بمجموعة من المقومات لتحقيق هذا الهدف.
وقالت انتصار الوهيبية إنه تم في الخطة الخمسية التاسعة استحداث منهجية التحوط أو ” التخطيط في ظل عدم اليقين” نظرا للتقلبات في أسعار النفط ومن ثم إعداد سيناريوهات مختلفة بدلا عن السيناريو الواحد لتقدير تأثير التقلبات في أسعار النفط على أداء الاقتصاد الوطني .. وذلك بغية الاستغلال الأمثل للمقومات المتاحة للاقتصاد الوطني وعدم الاعتماد على مورد واحد، يعد ناضبا وهو النفط.
وأشارت إلى أن التقييم قد أظهر أيضا أن الارتفاع المتوالي في سعر النفط وما وفره من موارد اضافية قد تزامن مع نمط للاستثمار والتشغيل يعتمد أساسا على الانفاق الحكومي مما أدى إلى نمو قطاعات معينة كقطاع الإنشاءات وقطاع تجارة الجملة والتجزئة والذي أدى إلى تركز فرص العمل بهذه القطاعات التي تعتبر ذات كثافة عمل عالية لكنها ذات أجور متدنية ولا يقبل عليها العمانيون مما نتج عنه تدفق العمالة الوافدة. وتركز التنويع الاقتصادي في قطاعات معتمدة على النفط والغاز والتي تعتبر ذات كثافة رأس مال عالية ومن ثم قصور دورها في توفير فرص عمل للمواطنين.
وأضافت الوهيبية أن سياسة التنويع الاقتصادي تستهدف استدامة التنمية الاقتصادية للبلاد وتحسين مستوى معيشة المواطن وتوفير فرص التوظيف للشباب العماني .. وقد تم اختيار القطاعات الخمس الواعدة بناءا على معايير محددة من أهمها توفير فرص عمل منتجة ومجزية للشباب العماني ..
كما أن لديها ميزة نسبية واضحة ولا تعتمد على موارد ناضبة أو على الانفاق الحكومي ولها علاقات تشابكية مع القطاعات الأخرى وجاذبه للاستثمار الأجنبي وتسهم في نمو القدرة التصديرية.
وأوضحت أن تنمية هذه القطاعات يتطلب التغلب على التحديات المشتركة التي تواجهها وبصفة خاصة العمل على تحسين مناخ الاستثمار وتطوير بيئة جاذبة للاستثمار الخاص المحلي والأجنبي .. كذلك ضرورة العمل على توفير الكوادر العمانية المؤهلة وتذليل المعوقات المتعلقة بالتجارة والجمارك.
وأكدت الوهيبية أن الخطة الخمسية التاسعة استجابة لهذه التوجهات استهدفت استثمارات إجمالية تبلغ / 41 / مليار ريال عماني .. يسهم القطاع الخاص بحوالي / 52 / في المائة وأن / 28 / في المائة من الاستثمارات الإجمالية موجهة لتنمية قطاعات التنويع الاقتصادي الخمسة.
ونوهت بأن متطلبات تنفيذ استراتيجية التنويع الاقتصادي تتمثل في استدامة النمو واستقرار الاقتصاد الكلي حيث تستهدف الخطة الحفاظ على معدل نمو حقيقي في حدود 3 بالمائة سنويا، وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو عبر تحسين مناخ الاستثمار وبيئة الاعمال وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتفعيل برنامج التخصيص وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودعم القدرة التنافسية للاقتصاد العماني .
وقالت إن عملية التنويع تتطلب ايضا تنمية رأس المال البشري عبر رفع كفاءة القوى العاملة الوطنية بهدف جعل القطاع الخاص الاختيار الأول للشباب العماني وتأهيل هذا الشباب للدخول في سوق العمل من خلال تفعيل الاستراتيجية الوطنية للتعليم والصندوق الوطني للتدريب وتنمية دور ريادة الأعمال وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للابتكار.
وأشارت إلى إن الاستثمار الأجنبي المباشر يمكن أن يلعب دورا أكثر فعالية في دفع معدلات النمو. هذا وقد بلغ حجم الاستثمار الأجنبي في السلطنة خلال عام 2014م 5ر6 مليار ريال عماني ولكنه يتركز في قطاعي النفط والغاز والصناعات المعتمدة عليهما .. ولذلك فإن هناك ضرورة للتوجه إلى القطاعات الانتاجية الأخرى التي تساهم في زيادة الناتج المحلي الاجمالي وتوفر مزيد من فرص العمل للمواطنين.
وأوضحت أن الخطة تستهدف تحقيق معدلات نمو مرتفعة في القطاعات الواعدة: قطاع الصناعات التحويلية ستة في ستة في المائة والنقل والخدمات اللوجستية خمسة في المائة والسياحة / 5.3 / في المائة والثروة السمكية 6.5 / في المائة والتعدين ستة في المائة .. مشيرة إلى أن تحقيق مثل هذا النمو يتطلب تحقيق معدلات عالية للاستثمار وخاصة من القطاع الخاص.
وأكدت أن سلطنة عمان قد استرشدت بتجارب الدول الناجحة حيث يتم التركيز على تنفيذ الأهداف التي وردت في الخطة وذلك من خلال تطبيق منهجية كفاءة التنفيذ والأداء التي كانت من أهم العوامل في تحقيق الطفرة الاقتصادية في ماليزيا.
وأشارت مديرة عام التخطيط التنموي في المجلس الأعلى للتخطيط في الختام إلى ” تقرير اكسفورد للأعمال..عمان 2016 ” الذي أكد أن اقتصاد سلطنة عمان مهيأ للتوسع في الخدمات اللوجستية والسياحة حيث تبدي الحكومة العمانية التزاما بتنويع الاقتصاد الوطني”.
من جانبه قال الدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية .. إن التنويع الاقتصادي مهم في هذه المرحلة للمحافظة على مستوى الدخل ولاستدامة النمو الاقتصادي حيث تم تنفيذ العديد من البرامج المهمة لتنويع قاعدة الإنتاج الاقتصادي مثل إنشاء وتطوير وتوزيع المناطق الصناعية والمناطق الحرة على مختلف محافظات السلطنة .. وإنشاء بعض المشروعات الكبيرة مثل مصانع الألمنيوم والحديد والصلب والبتروكيماويات يجري التركيز حاليا على توسعة و تحقيق التكامل بين المناطق الصناعية القائمة وإقامة مناطق صناعية جديدة و يتم تشجيع قيام الصناعات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وأضاف أن القطاعات الخمسة المستهدفة في التنويع الاقتصادي قد تم اختيارها بذكاء فسلطنة عمان تتمتع بموقع جغرافي متميز يمكنها من ان تلعب دورا عالميا مهما في قطاع اللوجستيات وخدمة المواصلات والاتصالات البحرية العالمية خاصة وان كثيرا من الدراسات الاقتصادية تؤكد أن الموقع الجغرافي والقرب من المنافذ البحرية ميزة حقيقية وثروة كبيرة وبما ان السلطنة تطل على بحر العرب مباشرة والمتصل بالمحيط الهندي ..فيكون الاستثمار في القطاع اللوجستي منطقي جدا حيث سينظم هذا القطاع عملية تدفق البضائع والطاقة والمعلومات وحتى البشر من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك ولا يمكن القيام بأي تجارة عالمية أو عملية استيراد وتصدير عالمية أو عملية نقل للمواد الأولية أو المنتجات الصناعية دون دعم لوجستي احترافي.
وأكد أنه لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي واستدامته دون أن تلعب الصناعة دورا مهما في الإنتاج الكلي، فقطاع الصناعات التحويلية يتكامل بشكل طبيعي مع وجود قطاع لوجستي وحسب التقديرات التي تم الإعلان عنها فقطاع الصناعات التحويلية يساهم الآن بحوالي / 12 / في المائة في الناتج المحلي الاجمالي ووظف القطاع الصناعي حوالي / 11 / في المائة من مجمل العاملين في القطاع الخاص في العام 2014م.