هناك سؤال لا شك أنه يشغل كثيرا خبراء الاقتصاد والتنمية، تماما كما يشغل غيرهم من الناس، وهو: لماذا تتفوق بعض الدول على سواها، وتحرز نجاحات كبيرة في الميادين الاقتصادية والتنموية، فيما تتراجع دول أخرى، أو على الأقل تتباطأ معدلات التنمية والاستثمار فيها؟
ربما تختلف زاوية النظر إلى هذا السؤال، وتتباين الرؤى والتحليلات في الإجابة عنه، لكننا نعتقد أن هناك عوامل أساسية تشترك فيها كل الدول التي باتت مضرب الأمثال في التطور الاقتصادي والتنموي، وأهمها توافر المناخ الذي يشجع على الاستثمار، ويحفز طاقات العمل والإنتاج.. ولن يتحقق ذلك ما لم تتم إزالة العراقيل والمعوقات التي تعترض طريق التنمية، بحيث يكون المناخ جاذبا للاستثمار والمستثمرين، وينفتح المجال أمام حركة اقتصادية وتنموية، بحيث لا تبقى هذه الحركة مجرد مظهر عارض، وإنما تتحول إلى تيار عام يشكل جوهر الحياة ومسارها الرئيس.
وغني عن القول إنه لا بد أيضا من أن يواكب ذلك تطوير للخدمات وتوسيع لنطاقها، بكل ما يشمله مفهوم الخدمات في هذا العصر، من أول خدمات البنية التحتية التي تشكل الرافعة الأساسية لأي نهضة اقتصادية وتنموية، وحتى الخدمات الإلكترونية التي هي روح عصرنا وعصبه الأساسي، بل باتت تشكل قاطرة التقدم فيه.
لم تحقق الدول المتقدمة تقدمها وازدهارها من فراغ، وإنما انطلقت من مرتكزات جوهرية، لم تكن لتحرز أي تطور من دونها.. وفي الوقت نفسه يصبح لزاما علينا أن نقرر أن هذه «الوصفة» ليست مستعصية أو مستحيلة التحقيق، وأن باستطاعة كل دولة أن تتوصل إلى هذه المعادلة، إذا أرادت، وأن تلحق بركب التقدم، وتحقق من النجاحات ما كان يوما بعيد المنال.