• نوفمبر 23, 2024 - 10:53 مساءً

لمسة وفاء من الكويتيين للأمير سعود الفيصل

تطل الذكرى الأولى لوفاة وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل التي صادفت مفعمة في وجدان الكويتيين بمواقفه الحاسمة تجاه محنة الغزو العراقي العام 1990 وجهوده الفاعلة في دعم تحرير البلاد وعودتها إلى أهلها.
ويستذكر الكويتيون الدور المهم الذي أداه مهندس السياسة الخارجية السعودية في حشد التأييد والدعم الدولي لتحرير بلدهم من الاحتلال العراقي قبل ربع قرن من الزمن وذلك انسجاما مع الموقف الحازم للسعودية المؤيد قولا وفعلا لإعادة الشرعية والحق إلى شقيقتها الكويت.
وكشف ذلك الدور المهم للأمير الراحل في دعم جهود تحرير بلده الثاني الكويت عن مدى محبته الكبيرة لهذه البلاد حيث أخلص في مساعيه لأجلها حتى تكون حرة كاملة السيادة وتحت قيادة حكومتها الشرعية.
فمنذ أن تعرضت الكويت لتلك المحنة الكبيرة قاد الأمير سعود الجهود الديبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي بالتعاون والتنسيق المتواصل مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وبخاصة مع سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي كان يتولى في تلك الفترة العصيبة منصب وزير الخارجية بالإضافة إلى تواصله مع كبار قيادات الكويت آنذاك. وعمل الفيصل جنبا إلى جنب مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون على حشد التأييد الإقليمي والعالمي لدعم الحق الكويتي من خلال جولات مكوكية إلى العديد من الدول العربية والأجنبية لنقل الحقائق وتوحيد المواقف والجهود الرامية إلى تحرير الكويت.
وما ميز نهج الأمير سعود في التعامل مع محنة غزو الكويت هو استناده إلى التمسك بالشرعية السياسية والقانونية وتسخير العلاقات الدولية والاستفادة من تأثيرها الإيجابي وتوحيد المجتمع الدولي وكسب تأييده واعتماد الشفافية والوضوح في كشف الحقائق ما أكد على ديبلوماسيته الناجحة وأنه رجل المواقف المبدئية والرؤى المتكاملة التي ساهمت في النهاية بطرد قوات الاحتلال.
وتأكيدا على مدى تأثر الأمير سعود بمحنة غزو الكويت فقد كشف أبرز المقربين منه الأمير خالد بن سعود بن خالد الذي عمل مساعدا له أن المتاعب الصحية لمهندس السياسة الخارجية السعودية كانت عقب الاحتلال العراقي للكويت.
وقال إن الفيصل كان «مصدوما لقيام دولة عربية باحتلال دولة عربية وإحداث شرخ في العالم العربي» وأنه كان يتحدث عن تلك الأزمة بمرارة بقوله إن «لدى العرب دولة عربية محتلة هي فلسطين ونطالب العالم بحقنا في وقف الاحتلال في حين أن دولة عربية تحتل دولة أخرى».
وليس غريبا أن يترك الأمير الراحل ذكرى طيبة لدى الكويت قيادة وشعبا على ما بذله من جهود تجاه بلده الثاني الكويت وخصوصا في حرب التحرير فقد أشاد سمو أمير البلاد بما كان يتمتع به الأمير سعود من خبرة واسعة وحنكة سياسية رفيعة المستوى وبعد نظر وقدرة على معالجة القضايا السياسية في ظروف كانت بالغة الدقة والتعقيد جعلته يحظى بتقدير واحترام إقليمي وعربي ودولي متميز.
واستذكر سموه في برقية تعزية بوفاة الأمير سعود مواقف الامير سعود المشرفة والنبيلة تجاه الكويت وشعبها إبان الغزو العراقي ودعمه لقضاياها العادلة.
وعرفانا بالدور الذي قام به الأمير الراحل في تحرير الكويت من الغزو فقد تم إطلاق اسم الأمير سعود الفيصل على الشارع الرئيسي في المنطقة الديبلوماسية بمشرف تقديرا للدور المميز له في دعم وخدمة القضايا العربية والإسلامية. وعاصر الأمير سعود الفيصل خلال أربعة عقود من تربعه على رأس الديبلوماسية السعودية مرحلة صعبة من حياة الأمة العربية شهدت تحديات وأزمات كبيرة.
فمع توليه منصب وزير الخارجية في العام 1975 واجه الفيصل مجموعة من القضايا البارزة في المنطقة العربية من أبرزها القضية الفلسطينية ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وحالة التوتر الشديد بين العراق وإيران قبل دخولهما في حرب وكان على الوزير اتخاذ القرارات الحاسمة التي تنسجم مع ثقل بلاده.
وفي فترة توليه وزارة الخارجية شهدت الديبلوماسية السعودية العام 2002 إعلانها عن المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من كل الأراضي المحتلة وتسوية مشكلة اللاجئين كما ساهم الأمير سعود في إعادة إطلاق مبادرة السلام العربية عام 2007.
واستطاع خلال توليه منصب وزير الخارجية أن يؤسس علاقات سياسية قوية مع عدد من الدول الكبرى ذات الثقل وزاد من ثقل حضور بلاده في كثير من المحافل الدولية واستمر في ذلك النهج إلى أن أعفي من منصبه في ابريل 2015 بناء على طلبه لأسباب صحية.
والأمير سعود الفيصل من مواليد اكتوبر عام 1940 وتلقى تعليمه في المملكة ثم التحق بجامعة برنستون في ولاية نيوجيرسي في الولايات المتحدة حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد.
والتحق الفيصل بوزارة البترول والثروة المعدنية وعمل مستشارا اقتصاديا لها وعضوا في لجنة التنسيق العليا في الوزارة وانتقل بعدها إلى المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» وأصبح مسؤولا عن مكتب العلاقات البترولية الذي يشرف على تنسيق العلاقة بين الوزارة وبترومين كما عين نائبا لمحافظ «بترومين» لشؤون التخطيط في العام 1970 ثم وكيلا لوزارة البترول والثروة المعدنية في العام 1971.
وكان الأمير الراحل يتقن سبع لغات بالإضافة إلى العربية منها الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية وعاصر خلال توليه منصب وزير الخارجية أربعة ملوك في بلاده.
والراحل متزوج من الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن عبد الله آل سعود وله ثلاثة أبناء وثلاث بنات.

Read Previous

الجسار: تشكيل لجنة لوضع اللائحة التنفيذية لقانون شرائح الكهرباء والماء

Read Next

«التربية»: ترجمة الرغبة السامية بتوعية الطلبة من مخاطر الفكر المتطرف

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x