عندما نستعيد ذكرى ما حدث في الثاني من أغسطس عام 1990، فإننا لا نفعل ذلك رغبة في «الوقوف على الأطلال»، أو من أجل البكاء وتجديد آلام الغزو لدى الناس، بل سعيا لأهداف أسمى وأجل من ذلك بكثير .. فالشعوب الحية لا تنسى تاريخها، بكل ما فيه من محن ومنح، وانكسارات وانتصارات، وأحزان وأفراح . وهي حين تتذكر المحن والانكسارات والأحزان، فإنها لا تفعل ذلك بقصد جلد الذات وتأنيب الضمير والقسوة على النفس، وإنما تفعله بهدف استخلاص الدروس والعبر مما حدث، خدمة لحاضرها ومستقبلها . وبقدر ما شكل الثاني من أغسطس محنة كبيرة للكويتيين، فإنه كان أيضا اختبارا عظيما لصلابتهم ولوحدة صفهم، ولقدرتهم على مواجهة أشد المخاطر وأقسى التحديات والانتصار عليها .. وفي اعتقادنا أن الانتصار العظيم الذي تحقق للكويت، بتحرير ترابها من دنس المحتل الغاصب، لم يبدأ في يناير من العام 1991 الشهر الذي بدأت فيه حرب التحرير، أو فبراير الذي توج فيه نضالها بانتصارها وانتصار شرعيتها بمساندة الدول الشقيقة والصديقة، وإنما بدأ هذا الانتصار من يوم 2 أغسطس 1990 ذاته، فقد كان هذا اليوم هو الذي مهد الطريق للانتصار، بما كشف عنه من إصرار الكويتيين على التصدي للغزو ومقاومة الاحتلال، وبما قدموه من تضحيات، تجلت في مئات الشهداء الذي سقطوا دفاعا عن وطنهم، ورووا أرضه بدمهم الطهور، وكذلك مئات الأسرى الذين عاد بعضهم، والتحق آخرون منهم بركب الشهداء، وأيضا بذلك الاصطفاف الوطني الصلب، والرافض لكل دعاوى المحتل وسعيه لبث الفتنة بين أبناء شعبنا، الذين قدموا المثل الأروع في الانتماء من ناحية، وفي الوعي السياسي من ناحية أخرى، بإدراكهم أنهم قد يختلفون فيما بينهم حول قضايا فرعية وأمور تفصيلية، لكنهم لا يختلفون أو يساومون أبدا حول المبادئ والقيم التي يؤمنون بها، وأنهم مستعدون للدفاع عن هذه القيم والمبادئ، ودفع الثمن من أجلها، وفي ذروتها بالطبع قيمة الانتماء للكويت، والتمسك بوحدة شعبها . لا نسعى إذن باستعادتنا لمحنة الثاني من أغسطس، إلى تكريس الآلام أو تجديد الأحزان.
كلمة أخيرة
كان موقف الدول الشقيقة والصديقة بقيادة الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية مع الحق الكويتي، موقفا رائعا لا ينساه شعب الكويت، ولن ينساه أبدا.