أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم رغبة الكويت ودول الخليج في إشاعة أجواء الاستقرار والهدوء والتمتع بعلاقات جوار وتعاون مع إيران، داعيا إلى احترام الجوار وعدم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى أو زعزعة الأمن فيها، مؤكدا على أن الكويت تؤمن أن جميع دول الخليج بما فيها إيران شركاء متساوون في هذا الإقليم وأن من مصلحتنا جميعا السعي إلى خلق علاقات تعاون.
وقال الغانم في حوار نشرته جريدة «الشرق القطرية»: إن منطق التاريخ يقول إن المجتمعات الممزقة والمتشظية هي مجتمعات في طريقها إلى الموت، ومنطق الفرقة مناقض لمنطق البناء والاستقرار والازدهار والتنمية، معتبرا أن كل هذه الصراعات هي صراعات مصطنعة مشحونة بانفعال زائف وقائمة على سيناريوهات حالمة، ولا يوجد طرف يريد أن يقضي على الآخر.
وفيما يخص القضية الفلسطينية والعمل على مساعدة الأشقاء الفلسطينيين في محنتهم، رأى الرئيس الغانم على أنه يجب إبقاء القضية الفلسطينية في وجداننا العربي كقضية مركزية أولى، وأن تظل في طليعة اهتماماتنا السياسية والإنسانية، بالإضافة إلى متابعة النضال ديبلوماسيا في كل محفل قاري أو دولي متاح، لكشف حقيقة إسرائيل وانتهاكاتها المتواصلة والمستمرة لحقوق الفلسطينيين.
وشدد الغانم على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يكون مدعوما إقليميا وسياسيا، وإيقاف حمّام الدم والدمار الذي أصاب البنية التحتية في سورية.
أما فيما يخص الملف اليمني، فدعا الغانم إلى حل سياسي عادل وشامل يحفظ وحدة اليمن واستقراره السياسي والمجتمعي وينهي حالة الصراع الدموي هناك.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
] إلى أين تتجه العلاقات الخليجية ـ الإيرانية في ظل الخلافات القائمة حول عديد من الملفات؟
ـ هناك ثوابت في السياسة الكويتية معلنة ومتأصلة فيما يتعلق بهذا الملف، أولها رغبة الكويت ودول الخليج في إشاعة أجواء الاستقرار والهدوء والتمتع بعلاقات جوار وتعاون مع إيران، وثاني تلك الثوابت هو أن أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي خط أحمر لا يجوز التهاون والمساومة عليه، أما ثالث تلك الثوابت فهو إيماننا بأهمية إيران ودورها في المنطقة كدولة كبيرة، لكن هذا الإيمان يجب ألا يكون على حساب مصالح دول مجلس التعاون وأمنها واستقرارها، ورابع تلك القوانين هو احترام الجوار وعدم تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى أو زعزعة الأمن فيها، فنحن في الكويت نؤمن أن جميع دول الخليج بما فيها إيران شركاء متساوون في هذا الإقليم وأن من مصلحتنا جميعا السعي إلى خلق علاقات تعاون.
] كيف تقيّم تجربة مجلس التعاون الخليجي؟ وما المطلوب لتحقيق تطلعات الشعوب الخليجية؟
ـ استمرار مجلس التعاون لمدة 35 عاما برغم كل الظروف والتقلبات يعد بحد ذاته نجاحا، وقد تكون مسيرة المجلس لا ترقى إلى مستوى طموح الشعوب الخليجية لكن وجود الحد الأدنى من أوجه التعاون بين دولنا نقطة يجب البناء عليها، وعلينا أن نعرف أن التجارب الوحدوية تأخذ حاصلها الزمني عبر التاريخ وتمر بلحظات مد وجزر، لكن الأهم من كل ذلك هو استمرار إيماننا بالحلم الخليجي وأنه سيأتي يوم ما نصل فيه إلى شكل من الاتحاد ناضج ومكتمل وأقرب إلى المثالي.
] دعوتم في أكثر من مناسبة إلى رفض الطرح الطائفي والفئوي والتمسك بالوحدة الوطنية، فهل لمستم لهذه الدعوات نتائج إيجابية على أرض الواقع؟
ـ منطق التاريخ يقول إن المجتمعات الممزقة والمتشظية هي مجتمعات في طريقها إلى الموت، ومنطق الفرقة مناقض لمنطق البناء والاستقرار والازدهار والتنمية، وكل خلل بنيوي يمكن تخيل تأجيل حله إلا خلل التصارع المجتمعي، حتى في النص القرآني هناك معادلة (ولا تنازعوا فتفشلوا) أي إن الفشل مقرون بالتنازع، وكل هذه الصراعات هي صراعات مصطنعة مشحونة بانفعال زائف وقائمة على سيناريوهات حالمة، ولا يوجد طرف يريد أن يقضي على الآخر، ونحن سكان هذا الإقليم شركاء في الدين والأرض والتاريخ والجغرافيا والثقافة والفلكلور واللغة وتطلعات المستقبل، ونحن في الأصل متحدون في الخوف على أطفالنا ومستقبلهم، ومتحدون في رغبتنا في العيش بكرامة ونماء في عالم صعب ومعقد.
] برأيك.. إلى أين تتجه الأزمتان السورية واليمنية.. وما الحلول لهما؟
ـ في شأن الأزمة السورية كان موقفنا واضحا منذ البداية، وهو ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة، وهذا الحل يجب أن يُدعم إقليميا ودوليا، إذ لا يجوز بعد هذه السنوات الخمس أن نؤجل الحل السياسي، خاصة أن ثلاثة آثار تدميرية تتكرس في سورية يوما بعد يوم، وهي عدد الضحايا الأبرياء وملف اللاجئين المرعب وأخيرا حجم الدمار الذي أصاب البنية التحتية في عموم سورية نتيجة للأزمة، ونحن في الكويت عوضا عن الانتظار السلبي للحظة التوصل إلى حل سياسي، آثرنا التدخل إنسانيا للحد من تفاقم الأزمة الإنسانية، وعليه اضطلعت الكويت وعلى رأسها سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بملف اللاجئين السوريين فاستضافت ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين، وكانت الكويت الدولة الأكثر مساهمة في هذا الملف الإنساني، أما بالنسبة للملف اليمني، فالكويت كما تعلم ومنذ أشهر استضافت مفاوضات الأطراف اليمنية المعنية بالأزمة، ولعل مجيء تلك الأطراف إلى الكويت وموافقتها على احتضان الكويت لتلك المفاوضات، يعكسان ثقة جميع الأطراف بالكويت كبلد يدعو دائما إلى حل كل المشاكل مهما تفاقمت وتأزمت حلا سياسيا سلميا، وما نأمله حقيقة هو النجاح في التوصل إلى حل سياسي عادل وشامل يحفظ وحدة اليمن واستقراره السياسي والمجتمعي وينهي حالة الصراع الدموي هناك، حيث أننا في الكويت نادينا منذ اليوم الأول بضرورة التوصل إلى حلول توافقية لعملية الانتقال السياسي في اليمن، إذ لا يجوز أن يتم الاستئثار باليمن من قبل فصيل سياسي واحد أو فصيلين، فاليمن ملك لجميع أبنائه بمختلف أطيافه السياسية والمذهبية والمناطقية، وعندما تطورت الأمور في اليمن إلى الحد الذي بات هناك تهديد عسكري يمس المملكة العربية السعودية ويستهدف الشرعية في اليمن، أعلنت الكويت موقفها الداعم للمملكة بكل ما تملك من إمكانات، وتضامنا مع أشقائنا الخليجيين في دعوتهم إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك.
] كونك مهتما وشديد التركيز على القضية الفلسطينية، ومن خلال رئاستك السابقة للاتحاد البرلماني العربي.. ما الدور المطلوب حاليا في نظرك لمساندة القضية الفلسطينية؟
ـ أول العناصر التي من شأنها مساندة القضية الفلسطينية ودعمها، هو إبقاء تلك القضية في وجداننا العربي الجمعي كقضية مركزية أولى، بغض النظر عن الملفات والقضايا المتعلقة بالصراعات الأخرى، التي نالت في الفترات الأخيرة جل اهتمامنا على حساب قضيتنا الفلسطينية وأتحدث عن موقف معرفي له علاقة بوعينا الجماعي،أي بعبارة أخرى أتحدث عن ذلك الإحساس الجمعي الذي كان محل اتفاق غير مكتوب بيننا نحن العرب، المتعلق بكون القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني أم القضايا وأكثرها أهمية ومركزية، فعندما تخسر خيارات الانتصار العسكري وتراجع النضال والكفاح بفعل تغير طبيعة العالم واصطفافاته وبسبب اختلال ميزان القوى، فعليك ألا تخسر خيار التمترس وراء الإيمان المطلق بحقنا في الدفاع عن قضيتنا الفلسطينية بكل الوسائل الأخرى المتاحة، بدءا من الحجارة التي يرميها الطفل الفلسطيني على دبابة الاحتلال، مرورا بالصلابة الديبلوماسية في كل المحافل الدولية، وانتهاء باستغلال أي فرصة لإبراز الهوية الفلسطينية ثقافيا وفنيا ورياضيا واجتماعيا، أي بعبارة أخرى استغلال كل مناسبة لإبراز حقيقة أن الفلسطينيين باقون وموجودون كشعب، وعلينا النضال ديبلوماسيا في كل محفل قاري ودولي متاح أمامنا، متسلحين بعملنا ودأبنا لكشف حقيقة إسرائيل وكشف انتهاكاتها، والتوجه إلى كل المحافل الشعبية وإلى قوى التمثيل المدني في العالم، ووضعهم أمام حقيقة أن إسرائيل هي كيان مناقض لكل ما هو إنساني ومدني وحقوقي.
] كيف ترى العلاقات القطرية الكويتية؟
ـ العلاقات القطرية الكويتية علاقات أخوة ووحدة مصير، وتحمل خصوصية، لأننا نتحدث عن علاقة ضاربة جذورها في التاريخ بروابط نسب ومصاهرة واندماج، إلى جانب أنها علاقة استراتيجية، سياسيا وأمنيا وتكاملية اقتصاديا.
] هل أنتم راضون عن حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
ـ مهما بلغت الأرقام المتعلقة بالتبادل التجاري بين البلدين فلن تكون محل رضا لدينا، فطموحنا نحن الكويتيين والقطريين غير محدود، وما هو مقبول بالتأكيد أكبر وأكثر.
] كيف تنظرون إلى مجلس الشورى القطري والتجربة الديموقراطية في قطر؟
ـ مجلس الشورى القطري يمثل الإطار الرسمي للمشاركة الشعبية في إدارة شؤون البلاد، ورغم حداثة التجربة النيابية، فإننا ننظر إليها على أنها تجربة جديرة بالانتباه، وهي تتطور بفضل إيمان القيادة القطرية وعلى رأسها سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر بأهمية المشاركة الشعبية في صنع القرار.
] هل هناك تنسيق مع مجلس الشورى القطري لفتح آفاق التعاون بين البرلمانين الكويتي والقطري؟
ـ علاقاتنا مع مجلس الشورى القطري نموذج مثالي للتعاون والتنسيق بين البرلمانات، ولدينا علاقات مميزة مع المشرعين القطريين وعلى رأسهم رئيس المجلس الأخ العزيز مبارك الخليفي، ونتشاور باستمرار، وهناك انسجام كبير بين البرلمانيين في المحافل البرلمانية العربية والقارية والدولية، وأستطيع القول من خلال رئاستي للاتحاد البرلماني العربي إن مجلس الشورى القطري كان داعما رئيسيا وعنصرا فاعلا لإنجاح عمل الاتحاد البرلماني العربي.
] باعتباركم شخصية رياضية لها ثقلها.. كيف تقيّمون ترتيبات دولة قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022؟
ـ قطر لن تنجح في رهان التنظيم فقط، بل ستكون البطولة التي تستضيفها علامة فارقة في تاريخ بطولات كأس العالم العريقة، لما تمتلكه قطر من حسن الإدارة والتنظيم وذلك أثبتته فعاليات سابقة، وأنا على يقين أن العالم بأسره سيذكر بطولة قطر كمحطة بارزة في تاريخ البطولة الممتد منذ عام 1930.