ليس هناك أجمل ولا أدق من ذلك الوصف الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على الكويت، حين قال عنها: «إنها دولة صغيرة، لكن قلبها الكبير يستوعب العالم كله». ولذلك فإن الكويت حين تحتفل بالذكرى الثانية لتسميتها من قبل المنظمة الأممية «مركزا للعمل الإنساني»، وتسمية صاحب السمو الأمير قائدا للعمل الإنساني، فإنما تحيي باحتفالها القيم الإنسانية التي عاشت ولا تزال تعيش بها، والتي تعتز بأنها هي التي تحكم نظرتها للحياة، وعلاقاتها مع الآخرين.
لقد شكل هذا البعد الإنساني على الدوام، جوهر الحياة الكويتية، بل وصار محورا أساسيا ومهما من محاور السياسة الخارجية، وعلاقات الكويت بالدول الأخرى. ولعل الجميع يذكرون للكويت أنها رفضت تكريس الأحقاد والضغائن حتى مع من ناصبوها العداء، أو تجاه دولة غزتها يوما واحتلت أرضها، إدراكا منها أن شعب تلك الدولة ينبغي ألا يؤخذ بجريرة حاكم طاغية، جنى على شعبه تماما كما جنى على الشعوب الأخرى المجاورة.. ومدت الكويت يدها بالعون والمساعدة للجميع، في شتى أرجاء المعمورة، دون تفرقة على أساس العرق أو اللون أو الدين.
وبشهادة كل المنظمات الدولية المعنية، فإن العمل الإنساني الكويتي، قد اتسع نطاقه بشكل كبير، منذ تولي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم، وغطى معظم مناطق العالم، خصوصا تلك التي ضربتها الكوراث الطبيعية، أو تفجرت فيها النزاعات والحروب الأهلية.. وتكفي الإشارة هنا إلى استضافة الكويت ثلاثة مبادرات للمانحين للشعب السوري، والتي استهدفت إغاثة اللاجئين والنازحين وتقديم يد العون لهم، وحققت في ذلك نجاحات كبيرة، أشاد بها الكثيرون من زعماء العالم ومسؤولي المنظمات والمؤسسات المشتغلة بالعمل الإغاثي والإنساني.
والمؤكد أن هذا العمل الإنساني الكبير، يقدم للعالم الوجه الحضاري للكويت، الوجه الذي يحكي للدنيا كلها قصة شعب آثر الخير على ما عداه، ورفض أن يستأثر بما حباه الله من خيرات وثروات، بل قرر أن يشرك الآخرين في الانتفاع بها، فاقتطع منها جزءا مهما وقدمه في صورة مساعدات ومبادرات إغاثية متعددة.
وهو لا يفعل ذلك منا على الآخرين، أو طلبا للشكر والتنويه، بل إيمانا منه بما قرره المأثور النبوي الشريف «كلكم لآدم»، ويقينها بأن الناس جميعا إخوة لنا، يسعدنا ما يسعدهم، ويؤلمنا ما يؤلمهم.. وهذا كله لا يذهب سدى بالتأكيد، فلم تكن وقفة العالم بأجمعه معنا، حين تعرضنا للغزو والاحتلال، ونصرته لنا حتى تم التحرير من فراغ، وإنما مبنية على إدراك عالمي واعٍ بأنهم أمام دولة لم تقدم إلا خير، ولم يصدر عنها ما يؤذي غيرها.
وستظل مسيرة العمل الإنساني الكويتي تتواصل، في ظل رعاية قائد العمل الإنساني لها، وستظل الكويت رائدة لكل ما ينفع الناس، ويمكث في الأرض.