الحكومة الإلكترونية مرة أخرى

لعل زيارتي خلال هذا الصيف لعدد كبير من الدول الأوروبية والولايات الامريكية، تكون مدخلا يوضح سبب إلحاحنا على هذا الموضوع، الذي سبق أن طرقناه غير مرة، ولفتنا النظر إلى قيمته وأهميته.. وها نحن نعود لنؤكد عليه مجددا، وندعو إلى المزيد من العناية به والتركيز عليه.
فقد لمست في كل الدول التي زرتها حجم ونوع الخدمات التي تقدمها الحكومة الإلكترونية، لمواطني تلك الدول والمقيمين فيها والزائرين لها، والتسهيلات التي يشعر بها الجميع في إنهاء معاملاتهم وقضاء مصالحهم، إلى حد تتخيل معه أن هذه الدول لا تكاد تعرف كلمة مستحيل، وأنه مهما كانت المعوقات التي تواجه الدولة أو الأفراد، فإنها قابلة للحل والتعاطي معها بحرفية ومهنية عاليتين.
وهذا بالضبط ما نفتقده في الكويت، فعلى الرغم من أننا قطعنا شوطا كبيرا، على طريق التحول إلى الحكومة الإلكترونية، وبالفعل فقد أصبح هناك ربط إلكتروني بين معظم مؤسسات الدولة، وهو تطور لا يمكن لأحد أن ينكره، لكنه ليس كافيا للتحول الكامل إلى نظام الحكومة الإلكترونية، فلا تزال لدينا جوانب غير مكتملة في هذا الشأن، تحول دون شعور المواطن والمقيم بأن معاملاته تمضي في المسار السلس الذي يختصر الوقت والجهد، بل أكثر من ذلك يسهم في مضاعفة الإنتاج.
نعم فالأمر يتعدى حد إراحة المتعاملين مع أجهزة ومؤسسات الدولة، وإنجاز معاملاتهم ومصالحهم، إلى ما هو أهم وأكبر، ونعني به زيادة الإنتاج، والإسهام في ترشيد الإنفاق ووقف هدر المال العام.. وليس في ذلك أدنى مبالغة، بل هو نتيجة طبيعية تترتب على ما نطالب به ونلح عليه.. فتوفير الوقت والجهد وإنجاز المعاملات دون إبطاء أو تعويق، يصب دون أدنى شك في مصلحة زيادة الإنتاج وضبط النفقات.
إذن فإن لدينا قواعد وأسسا لهذه الحكومة الإلكترونية المنشودة، بما يهني أننا لن نبدأ من الصفر، أو ننطلق من فراغ، وهو ما يجعل الطريق أمامنا ممهدا للانتقال إلى الحكومة الإلكترونية الكاملة، والوصول إلى المستوى الذي حققته الدول المتقدمة التي أشرنا إليها في البداية، وذكرنا أنها أوجدت الصيغة التي نبحث عنها ونتمناها. لكننا نعود ونؤكد أن الوصول إليها ليس مستحيلا ولا حتى صعبا، وأن كل ما يتطلبه أن نكون جادين في محاولتنا لتحقيق هذا الهدف، وألا نكتفي بأن نقطع نصف الطريق إليه ثم نتوقف، بل ينبغي أن نواصل ونستمر، حتى نبلغ غايتنا، وهو ما نأمل أننا سائرون باتجاهه، وأننا قادرون على تجاوز أي عقبات أو عراقيل، تحول دون وصولنا إلى هذه الغاية.