وسط إجراءات أمنية مكثفة، تحيي حسينيات الكويت يوم العاشر من محرم ذكرى استشهاد الإمام الحسين.
وفي يوم عاشوراء، يتجدد الحزن على الامام الحسين بن علي، وتقام مآتم العزاء في مختلف الحسينيات في عموم البلاد، فهو يوم تجديد الذكرى الاليمة وما وقع من مصاب جلل لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كربلاء.
فمنذ الصباح الباكر يخرج آلاف المواطنين إلى مختلف المساجد والحسينيات متشحين بالملابس السوداء رافعين الرايات والشعارات التي تحمل في معظمها «ياحسين.. ياشهيد كربلاء.. سيد الشهداء»، وبعضها عن الحسن وعلي والعباس والسيدة زينب وآل البيت الكرام.
ويلقى معظم الخطباء قراءات عن يوم عاشوراء حيث انه يوم التضحية والفداء من اجل رفع راية «لا اله الا الله محمد رسول الله» وانتصارا للحق على الباطل، مشددين على ان ثورة الحسين كانت ثورة لانقاذ البشرية تعلم منها الكثير من زعماء العالم ومنهم غاندي «كيف يكون مظلوما فينتصر».
من جانبه أكد الخطيب الديني السيد عبدالرسول الفراتي إن الإمام الحسين عليه السلام كان يقول إن الإسلام يستحق كل شيء سواء التضحية بالأهل أو المال أو الولد، وان الغفلة عن ذلك هو تفريغ عاشوراء من محتواه.
وقال إن الإنسان المسلم ليس مخيرا في حفظ الدين، وإنما عليه الدفاع عنه والتحمل أمام الفتن والإغراءات، لأنه شرط الفوز بالجنة، وبالتالي فإن كربلاء هو مدى فهمنا للدين.
وأضاف الحسيني خلال محاضرة في حسينية النور في الرميثية، أن الزمان عبارة عن حياة الإنسان، وهو العلاقة بين الحياة والموت، حيث إن الأخير هو حقيقة مهمة وضرورية لوجود الإنسان، كما أن الحياة ضرورية له، لافتا إلى أن الإنسان يتكامل بالموت، لذلك نجد أن الشهداء على مر العصور والأزمنة فهموا المعنى الحقيقي للحياة والموت، وأدركوا عظمة الموت في سبيل الله، وأدركوا أن الموت ما هو إلا مرحلة انتقال من عالم إلى آخر.
وأوضح أن السر في التفاوت بين البشر من حيث الغنى والفقر، والسعادة وغيرها، يرجع إلى الإنسان الذي ينظر إلى الحياة دون الموت أنها شر، بينما عند أولئك الذين يفهمون الحياة انها مقدمة للموت فهي البلاء الذي يهيئ الإنسان لعالم الآخرة، كالذي يدرس في الغربة ويتحمل الآلام من أجل الانتقال من الجهل إلى العلم لتحسين الوضع الاجتماعي المتدني إلى الأفضل، مشيرا إلى أن شرط النجاح الأبدي هو الارتباط الواقعي بالدين أي الإيمان، وعمل الصالحات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
بدوره، أوضح السيد محمد جبريل في حسينية دار الفاطميات أن الدين لا يتغير بتغير الزمان، وان ما حلله أو حرمه النبي صلى الله عليه وسلم في عهده هو ذاته إلى اليوم حلالا أو حراما لأنها من الله عز وجل، مشيرا إلى أن الله جعل الجهاد لتقوية الدين وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بـ 23 غزوة، وان الإمام علي عليه السلام حين كان يبدي قوته وشجاعته في الحروب كان يريد تقوية الإسلام وليس التفاخر أو التباهي.
واشار جبريل إلى ان من أعلنوا شهادتهم بالتوحيد والنبوة وكفروا بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم هم كفار مستترون بالإسلام، وان الله عز وجل إذا أراد شيئا يهيئ أسبابه سواء كانت أسبابا ظاهرية أو تكوينية، خاتما مجلسه بالدعاء الي توحيد الأمة الإسلامية وحفظ دماء المسلمين عامة ونصرة الدين الإسلامي وإعلاء راية الحق.
وفي الحسينية العباسية ارتقى المنبر الخطيب الحسيني الشيخ د.فاضل المالكي والذي تطرق في محاضرته إلى النصر، لافتا إلى أن النصر لا يكون بالكم العددي وإنما لابد من الكيف النوعي.
وتابع المالكي أن الكيف النوعي يأتي من خلال المعنوية العالية التي تعتمد على عدة عوامل رئيسية اول تلك العوامل ان تكون العقيدة مبنية على الدليل والبصيرة، مضيفا إلى انه واقعا بان العواطف المجردة تنفع في بعض الأحيان ولكنها ما تلبث ان تتبخر امام الشبهات، ولكن العقيدة الراسخة لا يمكن ان تتغير أو تتبدل مع مرور الايام فهي ثابتة صلبة.
واضاف أن العقيدة المسلحة بالبراهين والأدلة هي التي تبقى اما العاطفة المجردة فسرعان ما تنهزم وتتبخر امام الشبهات، مشيرا إلى ان العقيدة الراسخة هي التي يتسلح بها الإنسان المؤمن في وقت الازمات والتجاذبات المختلفة.
وأكد ان من يكون عمله ونيته ليست خالصة لله عز وجل فسيكون مصيره الخسارة المبينة مصداقا لقوله تعالى (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورا).
وتابع المالكي: ان المعنوية العالية تاتي من العقيدة الراسخة وايضا من الايمان بما عند الله في الاخرة، فالمؤمن الذي يحبس نظره عن الدنيا يهون عليه تقديم نفسه في سبيل الله كما جاء في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدا عَلَيْهِ حَقّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وزاد: لهذا كان الحسين ومن مـــعه في كربلاء مستبشـرين بما وعدهم الله مقدمين للقتال في سبيل الحق مؤمنين بأن الحق مع الحسين عليه السلام، مشيرا إلى ان الاقدام على المواجهة هو جهاد النفس.
ولفت إلى ان الايمان بعدالة القضية مضافا اليه الثقة بالقيادة من العوامل التي تجعل الانسان صاحب معنوية عالية، مضيفا انه يتبين لنا ان العقيدة الراسخة لها دور كبير واساسي في عوامل النصر.
وبيّن المالكي ان ذكرى الإمام الحسين عليه السلام تدعونا لنحاسب انفسنا وان يكون لنا درسا نتعلم منه القيم والتصميم والعزيمة والاصرار ووحدة الكلمة، مشيرا إلى ان موقف الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء موقف انساني بامتياز.