مقسط ــــ الخليج ــــ نشأت الدبيس
حقق المؤتمر الدولي الرابع «عُمان في الصحافة العالمية» نجاحا كبيرا في إبراز الدور الحضاري والتاريخي لسلطنة عُمان عبر العصور التاريخية، بفضل المشاركة الواسعة لمجموعة من الأساتذة الجامعيين والباحثين والمفكرين من بلدان شقيقة وصديقة، كما سلط الضوء على التطور الملحوظ في كافة المجالات منذ بداية عهد السلطان قابوس بن سعيد، والتي انعكست على ممارسة السياسة الخارجية العُمانية، وهو الأمر الذي عنيت به الصحافة العالمية بوجه عام، والصحافة الأميركية بوجه خاص.
وفي ختام أعماله أوصى المؤتمر بإنشاء وحدة متخصصة عن الصحافة داخل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تكون مهمتها التواصل مع المؤسسات الإعلامية وتحليل المقالات والأخبار المتعلقة بالسلطنة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقوم الهيئة بانتقاء جملة من الوثائق والصور المعبرة عن الحضور العُماني في الصحافة العالمية، ورقمنتها وإتاحتها للباحثين في الفضاء الرقمي (الإنترنت)، كما أوصت الندوة بإعداد ببلوغرافيا قائمة بالمواضيع المتعلقة بعُمان في الصحافة العربية والعالمية وطباعتها وجعلها في متناول الباحثين في الجامعات والمراكز البحثية العُمانية العالمية إلى جانب الاستمرار في عقد مثل هذه المؤتمرات داخل الدولة وخارجها للتعريف بالدور الحضاري، والفكري، والتاريخي لعُمان على مر العصور.
كما طالبت التوصيات بإدراج موضوع «الحضور العُماني في الصحافة العالمية» ضمن مواضيع أحد المقررات الجامعية ذات التخصص وتوجيه طلبة الدراسات العليا للتعمق في دراسة جزئيات هذا الموضوع، وتشجيع الباحثين العُمانيين على المشاركة في مثل هذه المؤتمرات عن طريق الإعلان عن هذه المؤتمرات في كافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكان المؤتمر الدولي الرابع «عُمان في الصحافة العالمية» قد اختتم أعماله بتلاوة التوصيات بعد يومين من تقديم أوراق العمل التي تناولت صورة عُمان في صحافة العالم. ورعى حفل الختام الدكتور عبدالله بن محمد الصارمي وكيل وزارة التعليم العالي.
وأكدت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أنها ستطبع أوراق عمل المؤتمر في كتاب وتوزعها على المؤسسات العلمية ومراكز الدراسات المختلفة وكذلك سفارات السلطنة في الخارج لتكون متاحة أمام المهتمين بالشأن العُماني في الدول المختلفة، كما أكدت أن جلسات المؤتمر ستكون متاحة على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت) للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الفئات المستهدفة من مثل هذه المؤتمرات. وأكد الباحثون في التوصيات التي رفعوها لرئاسة المؤتمر على أهمية إيلاء مزيد من الاهتمام في إعداد أفلام وثائقية عن عُمان في الصحافة العالمية باللغات العربية والأجنبية لإلقاء الضوء على كل ما يكتب عن السلطنة في الجوانب الحضارية والتاريخية والتنموية في الوقت الراهن، إلى جانب مطالبتهم بأهمية دراسة محتوى المجلات العُمانية التي لم تعد تصدر في الوقت الحالي، وعقد بعض المؤتمرات التي تتناول منجزات النهضة العُمانية في الصحافة العُمانية العالمية منذ عام 1970م حتى الوقت الراهن علاوة على قيام الجهات المختصة بإنشاء متحف متكامل يعنى بتاريخ الصحافة العُمانية في الجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي والحضاري.
وشارك في المؤتمر الدولي مجموعة من الأساتذة الجامعيين والباحثين والمفكرين من بلدان شقيقة وصديقة شملت كلا من مصر واليمن والسودان وتونس والجزائر وروسيا وفرنسا وأمريكا وأوكرانيا والهند وجزر القمر وكينيا إضافة إلى مجموعة من الباحثين العُمانيين من مختلف المؤسسات الحكومية والأكاديمية.
وألقى الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كلمة في ختام فعاليات المؤتمر أكد فيها أن الوثائق والدراسات تمدنا بمعلومات تقودنا إلى التعمق أكثر في كتابة تاريخ عُمان وحضارتها والإسهام العُماني في مختلف العلوم الإنسانية وتطلع سعادته في كلمته لقيام الباحثين في الجامعات والكليات القائمة في السلطنة إلى إيلاء البحث العلمي جل الاهتمام والمبادرة إلى المشاركة في المؤتمرات واللقاءات العلمية، وتوجيه طلاب العلم نحو استغلال الوثائق والمواد الأرشيفية في بحوثهم ودراساتهم العلمية.
وألقى الدكتور عبد الحميد شلبي رئيس قسم التاريخ بجامعة الأزهر كلمة نيابة عن المشاركين في المؤتمر قال فيها: إن أهمية المؤتمر تكمن في أنه لأول مرة يقام مؤتمر بهذا الحجم والزخم العلمي سواء فيما يخص أعداد المشاركين أو الحضور المشرف من كافة المؤسسات العُمانية. ولا شك أن موضوعات المؤتمر قد اشتبكت فيها الدراسات الإعلامية بالدراسات التاريخية، ولا عجب فالتاريخ والصحافة صنوان، فلا غنى للمؤرخ عن الصحافة، ولا غنى للصحفي عن التاريخ، وأكد المؤتمر على أهمية الصحيفة كمصدر مهم من مصادر التاريخ.
وناقشت أوراق عمل اليوم الثاني في الندوة محورين اثنين تمثلا في صورة عُمان في الصحافة الإفريقية وصورة عُمان في الصحافة الأوروبية والأمريكية من خلال 13 بحثا تنوعت مناهجها وسياقاتها. إلا أنها ركزت في استقراء صحيفة الفلق وهو ما جعل بعض المداخلين يستغربون من سبب التركيز على صحيفة الفلق التي كانت تصدر في زنجبار في ظل وجود صحف مهمة أخرى هناك لا تقل أهميتها عن الفلق.
ومن بين أوراق العمل البارزة التي قدمت ورقة عمل قدمتها الباحثة أولغا أندريانوفا من جامعة السوربون الفرنسية حملت عنوان «وضع الأحداث في سياقها: التاريخ العُماني في مرآة الصحافة الفرنسية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وأشارت الباحثة إلى أن الصحافة الفرنسية لم تحفل كثيرا بانتصارات العُمانيين على البرتغاليين باعتبار البرتغال كانوا حلفاء وأصدقاء فرنسا. وأكد الباحثة التي تجيد اللغة العربية لكنها ألقت بحثها بالانجليزية أن عُمان وردت في أرشيف أول جريدة فرنسية «لاغازيت» 13 مرة، والجريدة كانت قد بدأت الصدور عام 1631 إلى أن توقفت عام 1789 ورأت الباحثة أن الأخبار التي نشرتها الصحافة الفرنسية في بداياتها الأولى عن عُمان اتصفت بعدم الدقة، إلا أن عام 1721 كان نقطة تحول بالنسبة للصحافة الفرنسية في تعاملها مع الأخبار العُمانية. وفي هذا العام لأول مرة تطلق الصحافة الفرنسية لقب «إمام» على حاكم عُمان. وفي هذا العام نشرت الصحيفة تقريرا مصدره العاصمة البرتغالية لشبونة يتحدث عن معركة بحرية عُمانية بالقرب من البحرين انتهت بكارثة كبيرة مات الإمام على إثرها كمدا وحزنا. خلفه بعد ذلك ابن أخيه وأبدى ميلا تجاه البرتغاليين وفك أسر الكثير من المعتقلين الذين كان قد أودعهم عمه في السجون، إلا أن الباحثة لم تذكر أسماء الأئمة الذين تحدثت عنهم وإن كانت قد أشارت إلى «الإمام اليعربي» دون أن تسميه وهذا ما كان قد ورد في الصحيفة التي نقلت عنها. وفي عام 1789 عندما تطورت الصحافة الفرنسية أولت الكثير من الاهتمام بالشأن العُماني والشأن الخليجي بشكل عام وكانت تنشر أخبارا عن عُمان وعن مقتل الإمام وتطرقت إلى حرب العُمانيين ضد القواسم. لكن الحضور العُماني في الصحافة الفرنسية ازدهر في مرحلة نقل العاصمة العُمانية إلى زنجبار وفي تلك المرحلة وصفت الصحافة الفرنسية وركزت كثيرا على وصف قوة الأسطول البحري العُماني.
ومن بين الطرائف التي تطرقت لها الورقة أن حربا إعلامية نشبت بين الصحف الفرنسية خلال زيارة السلطان برغش بن سعيد ففي الوقت الذي عظمت زيارته إحدى الصحف فإن صحيفة أخرى رأت في زيارته نوعا من الاستفزاز وكتبت مقالات هاجمته فيها. كما لقيت زيارة السفينة العُمانية كالوراين أصداء جيدة في الصحف الفرنسية عام 1875.
عُمان في صحافة شرق إفريقيا
وقدم أيضا الباحث الدكتور أبو ياسر مبورالي كامي ورقة عمل بعنوان «عُمان في صحافة دول شرق إفريقيا زنجبار وكينيا نموذجا دراسة تحليلية وصفية» تحدث فيها عن أن دول شرق إفريقيا لها تاريخ طويل وممتد مع سلطنة عُمان، فحكام عُمان اتخذوا دول شرق إفريقيا موطنا لهم ومركزا لهم منذ بداية التاريخ في المنطقة، وتطرقت عدة صحف في شرق إفريقيا لمحاسن حكام عُمان وتاريخهم الممتد في المنطقة في عدة جوانب، ويناقش الدكتور ما كتبت الصحف في شرق إفريقيا في مختلف اللغات العربية والإنجليزية ومنها السواحيلية من تاريخ العُمانيين في المنطقة وما قاموا به من أعمال عظيمة في مساعدة أهالي شرق إفريقيا، وركز الباحث على ذكر أسماء الصحف التي تناولت موضوع العُمانيين في كل من كينيا وزنجبار وذلك بتحليل المحتويات المكتوبة مع القيام بتحليل الصور التي ظهرت في عدة صحف وإعطائها التحليل الكامل لمضمون الصور التي ظهرت في الصحف.
الهوية العُمانية
وأبرز الدكتور محمد بن جمعة الخروصي رئيس قسم كلية العلوم التطبيقية بالرستاق من خلال ورقة العمل الرابعة بعنوان «الهوية السياسية العُمانية في الصحافة الأوروبية الصحافة الإنجليزية في الفترة من 1970-2016 أنموذجا»، حيث تمر المجتمعات في تطورها بمراحل متعددة يكون للخطاب الإعلامي والصحفي دورا بارزا في التأثير على نظرة الآخر لهذه المجتمعات وفي تكوين الصورة النمطية لها إيجابا كان ذلك أو سلبا. ولذا فإن الخروصي ركز على الهوية الثقافية العُمانية كما يعكسها الخطاب الإعلامي والصحفي الإنجليزي، ومعرفة كيف يعالج هذا الخطاب الإعلامي لقضايا الهوية العُمانية. وتنبع أهمية الدراسة من كون أن الإعلام والصحافة الإنجليزية يشكلان دورا أساسيا في تكوين توجهات الأفراد وكذلك في تشكيل وتوجيه الرأي العام، وهو يمثل أحد أبرز أوجه الإعلام العالمي في التأثير على المتلقين.
البعد الاقتصادي والسياسي
أما الورقة الخامسة فجاءت بعنوان «عُمان في الصحافة الفرنسية جوانب من التاريخ الاقتصادي والسياسي» للدكتور ابن نعمية عبدالمجيد أستاذ التعليم العالي بجامعة وهران بالجزائر، حيث اهتمت الصحافة الفرنسية بنشر مواد إعلامية حول عُمان خاصة في المجال الاقتصادي والسياسي. وقد أصبح بالإمكان الاعتماد على هذا المحتوى الإعلامي كوثيقة تفيد في كتابة التاريخ يستفيد منها المؤرخ. من خلال دراسة وتحليل جوانب من هذا المحتوى الإعلامي، ومن هذا المنطلق سعى الباحث إلى معرفة الصور التي عرضتها الصحافة الفرنسية حول عُمان وخاصة في بعدها الاقتصادي والسياسي. ومن بين المجلات ذات العلاقة نجد مجلة الجغرافيا التي كانت تصدر سنويا تقارير مقتضبة حول دول العالم وكان من بينها الإشارة إلى عُمان وإلى زنجبار باعتبارها منطقة تابعة لعُمان. فمن خلال تلك التقارير المختصرة يمكن التعرف على الحركة الاقتصادية وعلى تطورها في عُمان وخاصة ما تعلق بالمبادلات التجارية.
العلاقات مع دول الجوار
وعنونت الورقة السادسة بـ «عُمان في جريدة العالم الديبلوماسي الفرنسية 1970-2004م» للدكتور فايد بشير محاضر بقسم التاريخ والآثار بجامعة الدكتور محمد الأمين دباغين بالجزائر، وتعتبر جريدة العالم الديبلوماسي «Le Monde Diplomatique» من الصحف الفرنسية العريقة والمرموقة، تأسست عام 1954م، من قبل السيد هوبير «Hubert»، حيث ترافق ظهورها مع الأحداث الكبرى التي عرفتها الساحة العالمية آنذاك، وعبر تاريخها الطويل نشرت الجريدة عددا مهما من المقالات والتحقيقات والأخبار حول سلطنة عُمان تناولت مواضيع متنوعة شملت: التاريخ والجغرافيا، الإرث القبلي، المذهب الإباضي، النظام السياسي، الثروة النفطية، النظام الاقتصادي، قطاع السياحة، الحياة الاجتماعية والثقافية، الجيش، العلاقات مع دول الجوار وخاصة المملكة العربية السعودية وإيران، الحضور العربي والدولي، الآفاق المستقبلية.
محاسن حكام عُمان
وفي الجلسة الثانية قدم الدكتور أبو ياسر مبورالي كامي، محاضر جامعة موئي ألدوريت بكينيا، ورقة عمل بعنوان «عُمان في صحافة دول شرق أفريقيا زنجبار وكينيا نموذجا دراسة تحليلية وصفية»، حيث ان دول شرق أفريقيا لها تاريخ طويل وممتد مع سلطنة عُمان، فحكام عُمان اتخذوا دول شرق أفريقيا موطنا ومركزا لهم منذ بداية التاريخ في المنطقة، تطرقت عدة صحف في شرق أفريقيا عن محاسن حكام عُمان وتاريخهم الممتد في المنطقة في عدة جوانب.
المعرض الوثائقي مستمر
وشهد المعرض الوثائقي المصاحب للندوة حركة زيارة جيدة من مختلف فئات المجتمع ، ويحتوي على أكثر من 300 وثيقة مختلفة من الصحف والمجلات المحلية والعربية والأجنبية وأصول الصحف والمجلات، حيث يضم المعرض ستة أركان مختلفة هي ركن عُمان في الصحافة المحلية، وعُمان في الصحافة العربية، وعُمان في الصحافة الأجنبية، والركن الرابع خاص لأهم وأبرز الصور والمقالات لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد، وركن عُمان في صحافة زنجبار وركن خاص بالتاريخ الشفوي.