أكد السفير المصري لدى البلاد ياسر حرص الحكومة المصرية على تسوية أي ملفات عالقة للمستثمرين الكويتيين في مصر واستمرارها في بذل كل الجهود من اجل تسوية كافة القضايا بما يحافظ على حقوق الطرفين.
وأكد، بحسب الأنباء، أن محور تنمية قناة السويس مشروع ضخم وجميع الفرص الاستثمارية به مطروحة أمام المستثمرين الكويتيين، مشيرا إلى أنهم موجودون بالفعل في مصر والحكومة حريصة على زيادة استثماراتهم هناك وعلى اجتذاب المزيد منهم.
وفيما حوار صحافي مع السفير عاطف:
] نبدأ معكم من العلاقات المصرية الخليجية وفي القلب منها العلاقات المصرية الكويتية، كيف تقيمونها؟
ـ العلاقات المصرية الخليجية علاقات وثيقة، والسنوات الأخيرة اثبتت مدى قوة هذه العلاقات ومتانتها في كم الدعم والتواصل على أعلى المستويات السياسية والاقتصادية والاستثمارية بين مصر ودول الخليج بشكل عام وتحديدا السعودية والإمارات والكويت والدور الذي لعبته الدول الثلاث كان ومازال مقدرا جدا من جانب مصر.
وثانيا: العلاقات الوثيقة دائما يكون فيها تعاون في كثير من القضايا، وهناك تعاون عميق وتفاهم نرصده في معظم ان لم يكن في كل القضايا بين مصر ودول الخليج.
وهناك بعض القضايا التي يكون فيها اختلاف في وجهات النظر، وهذا طبيعي في ظل علاقة تغطي كثيرا من القضايا الإقليمية والدولية شديدة التشابك مع المصالح، وفي النهاية فإن كل دولة تحكمها رؤيتها لتحقيق مصالحها وربما في هذه النقطة يكون هناك نوع من التباين.
فعادة الدول تنظر إلى القضايا بما يحقق مصالحها، وايضا رؤيتها لترتيب الأوضاع الإقليمية، وهذا ايضا يمكن ان يجعل هناك بعض الاختلاف في الرؤى.
ولكن بشكل عام فإن التنسيق والتفاهم المصري الخليجي على أعلى مستوى.
أوجاع الاقتصاد
] ننتقل إلى أوضاع الاقتصاد المصري الذي يقلق جميع المصريين في الداخل والخارج، ما رسالة الطمأنة من سيادتكم فيما يخص الاقتصاد المصري؟
ـ الاقتصاد المصري بالتأكيد خلال السنوات الخمس الماضية يحتاج إلى القدرة على الاستقرار وهذا يخص أي اقتصاد في العالم، وظروف مصر خلال السنوات الخمس الماضية كانت صعبة جدا ولم تشهد استقرارا، فبعد الثورة كان هناك نظام انتقالي وهو المجلس العسكري وجرت انتخابات البرلمان وبعدها الانتخابات الرئاسية فأصبح هناك نظام متكامل في البرلمان والرئاسة ولكنها كانت سنة صعبة جدا وجميعنا يعرف وضعها، وفي الآخر قرر الشعب لفظ هذا النظام.
ومن ثم جاء نظام جديد وايضا انتقالي إلى ان جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة 2014 وتعد هذه أول فترة بدأ يعود فيها الاستقرار إلى الحياة السياسية والحياة العامة في مصر عموما.
وفي الوقت نفسه بدأ هذا الاستقرار السياسي يضفي ملامح الاستقرار على الوضع الاقتصادي.
وتقديري الشخصي وايضا آراء الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين ان وضع الاقتصاد العالمي لم يتعاف منذ أزمة 2008 2009 ولم يستعد الاقتصاد العالمي عافيته على الإطلاق.
وكل التقارير الدولية تشير إلى ذلك، فمعدلات نمو التجارة بين دول العالم كلها تشهد معدلات ضعيفة جدا، وفي الوقت نفسه فإن الاقتصادات الكبرى التي تعتبر قاطرات نمو الاقتصاد في العالم ومنها الاقتصاد الصيني تشهد تراجعا في معدلات النمو التي اعتادت عليها.
ونفس الامر بالنسبة للدول الناشئة التي كانت تلعب دورا ـ إلى حد ما ـ في تحفيز الطلب العالمي مثل البرازيل وغيرها، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة تشهد نوعا من الركود حيث لا تزيد معدلات النمو بها عن 1 في المائة.
فكل هذا التراجع في معدلات النمو لقاطرات الاقتصاد العالمي اثر على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية وهو ما اثر علينا في مصر ايضا بشكل كبير اضافة إلى غياب الاستقرار السياسي طوال الفترة السابقة.
فقطاع السياحة كان من اهم قطاعات التشغيل في مصر التي يعمل بها مواطن من كل 7 مواطنين يعملون في السياحة بشكل مباشر أو غير مباشر.
فمصر فقدت حوالي مليوني وظيفة كانت تعمل في قطاع السياحة بسبب تراجع معدلات السياحة سنويا حيث فقدنا العام الماضي وحده اكثر من 50 في المائة من معدلات السياحة القادمة إلى مصر.
وقد وصل عدد السياح القادمين إلى مصر في عام 2010 إلى 14 مليون سائح وكان دخل مصر من السياحة وقتها اكثر من 11 مليار دولار، وبالتالي فإن تراجع معدلات السياحة اثر بشكل كبير على الاحتياطي النقدي وما يدخل الدولة والاقتصاد المصري من عملات صعبة.
وبالطبع السياحة تحرك الاقتصاد وذلك ببناء شركات ومصانع وفنادق وحركة استثمارات ضخمة تحرك الاقتصاد وتساهم في توظيف الشباب بشكل رئيسي.
] ما روشتة تعافي الاقتصاد المصري من وجهة نظركم؟
ـ الاقتصاد المصري به من المقومات التي تساعده على النمو والحركة بشكل متسارع، وأرى ضرورة ان يتعامل خلال الفترة المقبلة مع مختلف التحديات باستعادة حركة السياحة والتقليل من حجم الاستيراد خاصة الاستهلاكي وزيادة حركة الصادرات المصرية وجذب المزيد من الاستثمارات من الدول العربية الشقيقة أو مختلف الدول الأجنبية مع تسوية جميع الملفات العالقة بالنسبة للمستثمرين.
وأيضا يجب دعم الاحتياطي النقدي حتى نستطيع ان نشرع في عملية الاصلاح التي تنطوي على كثير من الصعاب والمعاناة والمشقة للشعب المصري خاصة الفئات الأقل دخلا.
ولذلك فلدينا تحديات كبيرة نواجهها حاليا، وان شاء الله الشعب المصري قادر مع الرئيس السيسي على تجاوز تلك التحديات.
انخفاض تحويلات المصريين
] كيف تنظرون لانخفاض معدلات تحويل المصريين في الخارج؟
ـ حينما يتحرك الاقتصاد بشكل اكبر ويصبح هناك نوع من الاستقرار الاقتصادي الكامل، يشعر به المواطن المصري في الخارج سيحول امواله عن طريق البنوك والشركات الرسمية بدلا من الافراد لأنه سيكون لديه ثقة اكبر في حسن انتظام دولاب العمل في الاقتصاد المصري.
] ولكن ما إجراءاتكم للتعامل مع هذه القضية خاصة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية؟
ـ نحن نتعامل مع القضية بشكل متكامل بما فيه البعد القانوني والأمني للذين يقومون بالتحويل خارج المصارف الرسمية، فنحن نتعقب مثل هذه الحالات ونضعها امام القانون.
الجالية المصرية
ننتقل إلى قضية التعاون المصري الكويتي على مختلف الاصعدة ومواقف الكويت مع مصر خلال السنوات الأخيرة تحديدا واحتضانها للجالية المصرية الكبيرة في الكويت.
الحمد لله التعاون قائم بين مصر والكويت على أعلى المستويات بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والاتصالات مستمرة واللقاءات متجددة دائما بين قيادتي البلدين.
] هل هناك لقاءات قريبة بين قيادتي البلدين؟
ـ ان شاء الله سيكون هناك لقاء قريبا، وايضا لدينا آليات متعددة للتواصل بين البلدين على رأسها اللجنة المشتركة والتي تنعقد سنويا بين مصر والكويت وآخر اجتماعاتها كان في شهر فبراير الماضي وكانت لجنة مثمرة جدا وتم خلالها الاتفاق على كثير من القضايا بين البلدين في شتى المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية وغيرها.
وايضا الزيارات المتواصلة بين البلدين سواء على المستوى الحكومي أو البرلماني.
وعلى مستوى رجال الاعمال هناك تواصل مستمر بين رجال الاعمال في البلدين وتعاون استثماري متواصل.وفي الجانب الاقتصادي سواء عن طريق المكتب الثقافي المصري في الكويت أو المكتب الثقافي الكويتي في مصر وأنشطتهما المتعددة، وهناك تواصل كبير وزيارات متبادلة للمثقفين المصريين والعرب للكويت على مدار العام وخاصة مع احتفال الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية وكذلك زيارة الفنانين والمثقفين الكويتيين لمصر وكان آخرها حصول بطل فيلم «حبيب الأرض» على جائزة افضل ممثل في مهرجان الاسكندرية.
فهذا العمق الثقافي القوي هو أساس في هذه العلاقات المتميزة بين البلدين.
] وماذا عن الجالية المصرية في الكويت؟
ـ أسجل دائما شكري وتقديري للجالية المصرية في الكويت ودعمهم لبلدهم مثل مشاركتهم في مشروعات مثل بيت الوطن، وايضا حرصهم على قضاء إجازاتهم في مصر ايضا هو دعم قوي وتواصل مستمر مع بلدهم، وايضا يؤدون عملهم بشكل فيه إتقان ومحط إعجاب من الجانب الكويتي الشقيق.
واعتقد ان الجالية المصرية في الكويت والجاليات المصرية بشكل عام تلعب دورا إيجابيا في مد جسور التواصل مع شقيقاتنا من الدول العربية.
أزمة المدرسين
] ننتقل لما دار خلال الأيام الماضية من أزمة خفض بدل السكن للمدرسين، وكيف تعاملتم مع هذا الأمر؟
ـ كما ذكرت سابقا ان العلاقات بين مصر والكويت من القوة والعمق بحيث نستطيع تناول أي قضية ونتعامل معها بما يحافظ على المستوى المتميز من التعاون بين البلدين بما فيها قضية بدل ايجار السكن للمدرسين.
] هل هناك انفراجة في هذا الإطار؟
ـ سنجلس مع اشقائنا من الجانب الكويتي وسنبحث كيف يمكننا معالجة هذا الأمر وما يمكن ان نقدمه في هذا الصدد.
ايضا كانت هناك مشكلة تعرض لها عدد من المصريين المسافرين إلى مصر بسياراتهم الخاصة وحجزهم داخل الموانئ بسبب مستحقات مالية على عدد من أندية السيارات ومنها النادي الكويتي، كيف تمت معالجة هذه القضية؟
مسافة السكة
] ولكن كيف تنظر مصر للمخاوف الخليجية من الدور الإيراني في المنطقة، خاصة مع تأكيدات الرئيس السيسي ان أمن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن المصري وجملته الشهيرة «مسافة السكة»؟
ـ الرئيس السيسي أكد بشكل واضح ان أمن الخليج من صميم الأمن القومي المصري، وليس محتاجا التأكيد عليها، وفعليا نحن نشعر بشكل جدي وعميق بان امن الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن المصري والأمن القومي العربي بشكل عام.
وبالتالي فإن مصر تحاول تعظيم قواتها العسكرية وجيشنا ينمي قدراته من اجل حماية امن مصر القومي وامن المنطقة العربية كلها.
فنحن اليوم في مسرح اقليمي مفتوح لنفاذ التنظيمات والأفراد والأسلحة والعمليات الإرهابية، فنحن مستهدفون من الجماعات والكيانات الإرهابية التي تلعب دورا ضارا وتخريبيا بمصالحنا في المنطقة، ومصر تتعامل مع هذه الكيانات والمنظمات الإرهابية والأفراد والأفكار بكل قوة وحزم.
وفي الوقت نفسه نحن حريصون على استقلال قرارنا حتى لا يتصور احد انه يستطيع ان يفرض علينا اجندة معينة أو تصورا معينا لشكل المنطقة في المستقبل.