• نوفمبر 24, 2024 - 11:55 مساءً

شراء الأصوات .. بيع للوطن

مع اغلاق أبواب إدارة شؤون الانتخابات للترشح في انتخابات مجلس الأمة، فتح بعض المرشحين مزاد بيع الأصوات في إحدى الدوائر، بواقع 650 دينارا للصوت الواحد، ما يعادل نحو ألفي دولار أميركي تقريبا، مع توقعات بأن تسجل الأسعار أرقاما قياسية وصولا إلى ألف دينار في انتخابات 2016، مع احترام المنافسة بين المرشحين، علما بأن سقف الأسعار في انتخابات 2013 السابقة لم يتجاوز 350 دينارا.
وربط أحد خبراء الانتخابات الظهور المبكر للمال السياسي في الانتخابات الحالية بالصراعات السياسية على الوصول إلى الكرسي الأخضر في قاعة عبدالله السالم بين أعضاء المجلس المنحل والأعضاء القدامى، الذين تخلى معظمهم عن قرار المقاطعة.
وأشار إلى أنه لا يمكن عزل الانتخابات الحالية عن الظروف الجيوسياسية في المنطقة، وهو ما أشار إليه صراحة مرسوم حل المجلس السابق.
على صعيد متصل، قال عضو لجنة المشاريع العليا في الموسوعة الفقهية، والمشرف على إصدار سلسلة مجموع فتاوى الأوقاف الشيخ عبدالله نجيب سالم لـ «إيلاف«: «إن المقصد الأساسي للانتخابات اختيار الأمة لأفضل كفاءاتها العلمية والدينية والاجتماعية، لتقوم بتمثيلها في مجلس الأمة، الذي يقوم بدور تشريعي ورقابي في المجتمع».
وأضاف: «لما كان بيع أصوات الناخبين وشراؤها يؤديان إلى تسلط الأغنياء القادرين على دفع الأموال، أو السياسيين اللاعبين بأموال المجتمع (المال السياسي)، وبالتالي إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها، واستغلال مشتري الأصوات لمناصبهم النيابية في مصالحهم الشخصية أو التجارية أو مصالح من موّلهم، شكل هذا باب شر واسعا يوصل إلى الاستبداد وخراب المجتمعات».
وتابع: «لذلك أقول إن الناخب أمام خيارين في الانتخابات، إما أن ينتخب من يرى فيه تحقيق مصلحة الدين والأمة والناخب، أو أن يمتنع عن انتخاب المرشح الفاسد الضعيف المنتفع، أو أن يبيع صوته لمن يدفع أكثر، فهذه خيانة للأمانة الوطنية وبيع للضمير وإفساد للانتخابات ومصالح الدين والدنيا، وليس للناخب أن يتعلل بحاجته إلى المال، كما إنه ليس للمرشح أن يتعلل بحاجته إلى النجاح، فتلك دعاوى باطلة، لا قيمة لها شرعا».
من جانبه، قال عضو اللجنة الشرعية للوقف الجعفري الشيخ أحمد حسين إن بيع وشراء الأصوات محرم ومجرّم، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وكل الشرائع السماوية والأخلاقية، التي تحض على النزاهة، وتدعو إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
ودعا الناخبين إلى اختيار الأنفع والأصلح بعيدا عن التنفيع والفساد والمال السياسي، مضيفا: «على كل مواطن أن ينأى بنفسه عن الممارسات، التي تخلّ بنزاهة العملية الانتخابية، وإختيار الشخص المناسب لإعتلاء مقعد مجلس الأمة، باعتبارها مهمة خطيرة تتعلق بحياة المواطن ومستقبل أبنائه».
وأضاف: «على كل ناخب أن يضع مستقبل أولاده وأحفاده، ومستقبل الكويت نصب عينيه، وهو ذاهب ليصوّت في الانتخابات، وألا يختار فاسدا أو طائفيا أو عنصريا أو من يعيش حالة اللاوعي السياسي، وأن يختار من يقدم كل ماهو إيجابي إلى البلاد، وليس الصراخ والجدل العقيم، والقادر على مواجهة الحكومة في كل ما يضر بالشعب، ويدعمها في كل ما هو خير».
من جانبه قال الكاتب الصحافي حمد السريع: ما إن تبدأ عملية تسجيل المرشحين حتى تنتشر الاقاويل والأحاديث عن عمليات شراء اصوات لبعض الناخبين من قبل بعض المرشحين وفي كل مناطق الكويت.
ووزارة الداخلية ومن خلال جهاز المباحث الجنائية ألقت القبض على عدة اشخاص يقومون بشراء اصوات الناخبين وقد صدرت احكام بالادانة للبعض منهم.
وتتم عملية شراء الاصوات اما لمنع التصويت للمنافسين لأحد المرشحين أو للتصويت له، ويكون دفع مبالغ نقدية بعد التسجيل أو في يوم التصويت.
وأوضح ان القانون جرّم شراء الاصوات ووزارة الداخلية تقوم باجراءاتها، ولكن يبقى السؤال الاهم وهو ثقافة المواطن الذي يعلم علم اليقين ان من يدفع له لشراء صوته، فهل يعلم انه غير نظيف، ولهذا لا يهمه ما يفعله ويرتكبه ضد هذا المواطن لقناعته بأن من تسلم الرشوة لن يستطيع محاسبته أو سؤاله؟.
وأضاف السريع : يحدثني احد الاشخاص وبحسرة لموقف حدث له امام رواد ديوانية احد أعضاء مجلس الامة حين دخل عليه طالبا مساعدته لتوظيف ابنه، فالتفت العضو الى سكرتيره وكأنه يسأله هل هذا الشخص اخذ منه مالا أو لم يأخذ؟ وعندها أشار إليه السكرتير بعلامة ان السائل قد قبض مبلغ الفي دينار للتصويت له، فأبلغه العضو وامام الملأ: لقد حصلت على صوتك مقابل المال ولن اقدم لك اي خدمة اخرى.
نهض الشخص وخرج من الديوان والعرق يتصبب منه والندم والحسرة يلفانه حيث اخطأ بحق نفسه وحق ابنائه عندما قبض مبلغا ماليا من عضو راش لحاجته الماسة في ذلك الوقت، ولكنه لم يكن يعلم انه باع ضميره ورجولته لشخص منعدم الضمير لن يتروع في بيع وطنه أو يرتكب اي عمل يسيء للمواطن الكويتي.
لهذا، فإن من يبيع صوته لحاجته للمال كما يعتقد فإنه لن يحصل الا على عضو فاسد لن يتوانى في البحث عن تعويض ما دفعه من ماله الى ذلك الناخب من اي مصدر غير مشروع وبأي تكلفة.
وتابع السريع: حين تبيع صوتك يعني انك بعت ضميرك ومبادئك، فلهذا لا تتذمر أو تنتقد الآخرين لأنك لا تستطيع انتقادهم وانت قدوة لافعالهم السيئة بسبب تلك الرشوة.
وفي أظهر تقرير سابق لـ «غلوبال سكيوريتي» ان «شراء الأصوات وصل إلى أبعاد تاريخية في الكويت، مع أصوات يشاع ان قيمتها تصل الى 1000 دينار للصوت. تقليديا، كان شراء الأصوات واضحا وكان المرشح يعتمد طرقا معينة للتأكد من حصوله على صوت الناخب كما وعد. لكن، مع تشديد الرقابة على مثل هذه الظاهرة أصبح من الصعوبة بمكان التحقق من اعطاء الناخب صوته للمرشح يوم الاقتراع وبذلك ظهرت أشكال أخرى من أشكال شراء الأصوات. على سبيل المثال، تقديم وعود للناخبين بحصولهم على خدمات مثل السفر للعلاج بالخارج أو تقديم وساطات للحصول على خدمة معينة. الملاحظة المهمة هي أن النواب يستغلون مناصب النفوذ في توزيع الخدمات مقابل الولاء».
ويضيف التقرير: «مزاعم شراء الأصوات أمر شائع وغالبا نابع من دوافع سياسية، ولكن ليس هناك شك في أن بعض المرشحين يحاولون التأثير على الناخبين بالرشاوى. ومع ذلك، فإن كثافة الحملات الانتخابية والحوارات السياسية في اثناء السباق الانتخابي لا تشير إلى ان النظام الانتخابي الكويتي يعج بالفساد، والكويتيون يمارسون عمليتهم الديموقراطية بكل شرعية. إلى درجة لم يسبق لها مثيل في انتخابات 2006، توحد المرشحين من جميع الخلفيات السياسية لمكافحة الفساد ودعم الإصلاح. ووجدوا موجة دعم شعبي وأنشطة ضغوط مكثفة من المنظمات الشبابية المؤيدة للإصلاح».

Read Previous

4 عقود جديدة في «الأشغال» لخدمة الطرق

Read Next

الخالد: أهلًا وسهلًا بالمعارضة .. العالم بأسره يرقب التجربة الديموقراطية الكويتية

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x