اكد السفير العراقي محمد حسين بحر العلوم أن الحدود الكويتية – العراقية مؤمنة خاصة المنطقة الجنوبية، مشيرا إلى ان الاستعدادات الحدودية على أعلى مستوى من الجهوزية تحسبا لأي مفاجآت طارئة.
وقال، بحسب صحيفة الأنباء، ان عودة الأملاك الكويتية والتصرف فيها من قبل أصحابها دخلت حيز التنفيذ.
واعلن بحر العلوم عن موعد انعقاد اللجنة الكويتية ـ العراقية في ديسمبر المقبل في بغداد برئاسة وزيري خارجية البلدين، مشيرا إلى أنها ستبحث ملفات عديدة واتفاقيات في مجال التعاون التجاري والازدواج الضريبي والنقل والطيران.
وفيما يلي بعض حديث بحر العلوم:
] في البداية حدثنا عن العلاقات الكويتية ـ العراقية إلى أين وصلت؟
ـ العلاقات الكويتية – العراقية تشهد تطورا إيجابيا ملحوظا، وتسير في خط متصاعد، والبلدان يسلكان خطا بيانيا متصاعدا في نهج ونسج علاقة ثنائية متبادلة المصالح، ومتفقة على أسس ثابتة بما يخدم مصالح البلدين الشقيقين، قائمة على الأسس التاريخية والاخوة والاحترام المتبادل وفقا للقوانين الدولية والمصالح المشتركة، ولا شك ان هناك مخلفات للاحتلال الصدامي واستحقاقات ترتبت على العراق نتيجة هذا العمل الإجرامي، لذلك تحمل العراق هذه الاستحقاقات بقلبه وعقله، ومع قيام العراق الجديد وتنفيذا للدستور العراقي الذي ينص على ان تكون هناك سياسة عراقية خارجية متجانسة ومتناسقة مع مصالح العراق ومصالح دول الجوار والمنظومة الدولية، كان من المهم علينا أن نبدأ بسياسة خاصة مع دول الجوار، فهي الحلقة الأولى التي تحيط بالعراق والشباك الأول للعراق بإطلالته، وقد ورثنا استحقاقات تاريخية نتيجة العقود الخمسة الماضية، والتي حكمت الديكتاتورية فيها بغداد وخلفت مشاكل متراكمة مع دول الجوار.
حيث دخل العراق في العقود الخمسة في حروب وصراعات ومشاكل، منها الحرب العراقية ـ الإيرانية التي استمرت 8 سنوات وخلفت مشاكل عديدة استطاع العراق تجاوزها من خلال شبكة علاقات طيبة مع إيران، بالإضافة إلى علاقتنا مع الكويت الشقيقة خاصة بعد جريمة العصر «الاحتلال الصدامي» والذي كسر القوانين والميثاق العربي، مما أدى إلى اختلال التوازن فيما يتعلق بوحدة الأمة العربية.
«جريمة العصر» تبعتها استحقاقات دولية ترتبت عليها قرارات دولية لمجلس الأمن تحت البند السابع.. كيف تعامل العراق مع الأمر واضحا لحل كل الأمور وما ترتب عليها؟
] وأنتم على مشارف انتهاء عملكم الديبلوماسي بالكويت وكأول سفير للعراق بالكويت بعد الاحتلال الصدامي.. كيف تصفون هذه المرحلة وماذا عن تجربتكم الديبلوماسية في الكويت؟
ـ عملي الديبلوماسي بالكويت مرحلة مثمرة ومسيرة تحد، خاصة في ظل ترقب الجميع لهذه المغامرة كيف ستسير، فقد كلفت أن أكون سفيرا للعراق بالكويت في ظل ظروف عصيبة وفترة حرجة جدا في تاريخ العلاقات بين البلدين، وكنت متسلحا بالإيمان بالله وسعيت جاهدا لأوفق في مهمتي لأخرج منها ناجحا، كان سلاحي الأساسي في هذه المهمة هو أني ليست بعيدا عن هذا المجتمع، فقد دخلت الكويت طالبا عام 1999 وأكملت دراستي الثانوية في ثانوية كيفان كان وقتها والدي السيد حسين بحر العلوم قاضيا في محكمة الأحوال الشخصية بالكويت، ثم رجعت للكويت عام 1989 موظفا بعدما تخرجت في الجامعة في بغداد للعمل، وبدأت حياتي العملية في إحدى الشركات الكويتية في المجال الهندسي كمهندس إلكتروني، بالإضافة إلى عملي في عدة مشاريع كبرى في حقل الإلكترونيات، منها فندق سفير انترناشيونال، وفندق الجي دبليو ماريوت، بالإضافة إلى علاقات الوالد العميقة في المجتمع الكويتي، وبعد مرحلة التحرير جاءت زياراتنا الاجتماعية للكويت مع الوالد، والتي من خلالها بدأنا نعيد العلاقات، بالإضافة إلى مشاركة والدي في أول ندوة للعلاقات الكويتية – العراقية، وكان والدي أول من شارك في هذه الندوة، وأتذكر دخول والدي للعراق بعد خروجه منها عن طريق الكويت 1969 عندما حكم على الوالد من قبل النظام العراقي فكان خروجه من العراق عن طريق الكويت وعودته للعراق عن طريق الكويت، وهي مفارقة زمنية جميلة، فالكويت وفرت له الخروج الأمن، لذلك كانت الكويت البوابة العربية للخروج والدخول، هذا المشوار الزمني منحني علاقات طيبة بالمجتمع الكويتي.
وعندما كلفت بمهمة سفير للعراق بالكويت جئت متسلحا بخبرتي المجتمعية، وكنت على يقين بأن الديبلوماسية الاجتماعية التي تحصنت بها ستسهل مهمتي لإنجاح الديبلوماسية السياسية، خاصة ان المجتمع الكويتي منفتح وهي ميزة نفتقدها بالمنطقة، والحمد لله بدأنا نستعيد هذه الحياة المجتمعية، وهو الأمر الذي أعطى لي بعدا كبيرا في العمل الديبلوماسي وسهل مهمتي، فالعمل الديبلوماسي الاجتماعي في الكويت يتداخل مع العمل الديبلوماسي السياسي، وقد وضعت نصب عيني أن سفير العراق بالكويت هو سفير لكل العراقيين، وتعاملت مع الجميع بإخوة متساوية، لأنني جئت متسلحا بالتفاؤل ومفعما بالأمل، لثقتي بان أدواتي متوافرة، فوفقت في عملي وهذا ما لمسته في تعاملي مع المجتمع الكويتي.
] حدثنا عن موعد انعقاد اللجنة الكويتية – العراقية المشتركة القادمة وأبرز الملفات التي سيتم طرحها؟
ـ وضعت اللجنة العراقية – الكويتية المشتركة على الطاولة كل أوجه التعاون بين البلدين في كل المجالات، الاقتصادية والثقافية، والطيران إلى جانب سبل تعزيز العلاقات بين الجانبين، وستعقد في موعدها المقرر ديسمبر من كل عام، وسيتم عقدها هذه المرة في بغداد برئاسة وزيري خارجيتي للبلدين، وهناك تطور إيجابي على كل الأصعدة والعديد من الملفات التي ستعرض خلال الانعقاد، بالإضافة إلى إبرام العديد من الاتفاقيات منها اتفاقية التعاون التجاري، واتفاقية الازدواج الضريبي، واتفاقية في مجال النقل، وفي مجال الطيران، وكلها اتفاقيات في طور التنفيذ.
] ذكرتم ان مجلس الوزراء العراقي أصدر قرارا برفع الحجز الذي وضعه المقبور صدام حسين على الممتلكات الكويتية، هل دخل القرار حيز التنفيذ وتم تسليم الكويتيين ممتلكاتهم؟
ـ بدأت عمليات التنفيذ بعد صدور قرار من مجلس الوزراء العراقي، كعودة الأملاك والتصرف فيها من قبل الجانب الكويتي، وهناك أفاق تجارية كبيرة بين البلدين، وهو يصب في نطاق التبادل التجاري بين الجانبين، وهناك مناقشات مستمرة، تحتاج إلى توفير البنية القانونية ووضعها حيز التنفيذ ووضع الضوابط التجارية من جانب البلدين، فعلى سبيل المثال «منفذ صفوان» يعد من أهم المنافذ لدخول البضائع للعراق، لذلك يسعى العراق إلى تطويره من خلال الضوابط التجارية المرنة في التعامل، والآن نشهد مرحلة تجارية كبيرة بين البلدين الشقيقين، ولكنها ما زالت دون مستوى الطموح.
] ناشد العراق المجتمع الدولي والدول المانحة لتنظيم مؤتمر دولي لدعم العراق ومساعدته في تأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة من إرهاب «داعش»، هل تم تحديد موعد لهذا المؤتمر؟ وهل طلبتم المساندة من الجانب الكويتي وكم يحتاج العراق؟
ـ إعادة إعمار العراق قضية كبيرة جدا، خاصة بعد ان دمر الإرهاب المنطقة الغربية بالكامل، مع وجود نزوح بشري يقدر بـ 3 ملايين و600 ألف نازح انتشروا في كل المدن العراقية من إقليم كردستان إلى بغداد والموصل، المشكلة العراقية إنسانية، وهي أكبر أزمة إنسانية عالمية بالعالم هذا العام 2016، والعراق الآن يعمل على تحرير الموصل من دون خسائر كبيرة، ونحاول ألا يكون هناك نزوح بشري كبير بمساعدة التحالف الدولي وتكون العملية ميسرة، والتوقعات ليست بالحسبان، فبعد عملية تحرير الموصل ستكون هناك مشكلة النازحين، وهؤلاء مسؤولية الحكومة العراقية من ناحية تقديم الرعاية لهم، بالإضافة إلى إعادتهم إلى أماكنهم، لذلك على العراق كخطوة أولى التفكير في إعادة تأهيلهم لحياتهم، ومن ثم إعادة إعمار هذه المناطق، والتي تنقسم إلى 4 محافظات كبري دمرت جراء أعمال «داعش» الإرهابية، خصوصا ان العراق كان مسرحا لمحاربة الإرهاب، وكان الحائط والمصد الأول لمحاربة الإرهاب لإنقاذ العالم والمنطقة الإقليمية ودول العالم من شروره، فقد تجمع الإرهابون من مختلف دول العالم على أرض العراق فكان ساحة الحرب الأولى.
وقد أعلن العراق أمام العالم انه ليس في حاجة إلى دعم بشري ولكنه في حاجة إلى دعم عسكري لتقويته ومساندته، وجاء الدعم بأشكال مختلفة منها العسكري والاستشارات والخبرات من كل دول العالم، استراليا وفرنسا وكندا للقضاء على آفة الإرهاب وعدم السماح له بالتمدد، لذلك الميزانية العراقية المالية استنزفت نتيجة هذا الجهد العسكري، وقبل أكثر من شهر كان هناك مؤتمر دولي في واشنطن لدعم العراق، وجهود دولية لمناصرته، وتقدمنا بطلب للكويت الشقيقة لمساندة العراق في هذا الأمر لما تتمتع به من حضور دولي وخبرة كبيرة في مجال الدعم الإنساني، خاصة ما قامت به في دعم الأزمة السورية من خلال عقد 3 مؤتمرات للمانحين، ودورها في إعادة إعمار السودان، وجمع الفرقاء اليمنيين على طاولة الحوار، ودورها الداعم والمساند للعراق على تخطي أزماته، ليكون العراق مستقرا ينعم بالأمان وانعكاسات ذلك على المنطقة، فللكويت مواقف مشرفة مع العراق في دعمه ماديا ومعنويا على مر العصور، وهناك برامج إنسانية كثيرة في دعم العراق آخرها مؤتمر واشنطن، والذي قدمت الكويت فيه للعراق دعما بقيمة مليون دولار، بالإضافة إلى منحة 200 مليون دولار، بالاضافة إلى المشاريع الكويتية الإنسانية في العراق، والمشاريع الخيرية الكويتية، وتبرعات الجمعيات الخيرية بتوجيه من صاحب السمو خلال شهر رمضان الماضي والتي تقدر بـ 49 مليون دولار، وقد قدمت الكويت للعراق حتى الآن ما يفوق المليار دولار، وهو ما يحسب للأشقاء في الكويت تجاه العراق، لذلك طلبنا ان يكون لها موقف مميز في حشد المجتمع الدولي من أجل عقد مؤتمر لدعم العراق إنسانيا بعد تحريره من «داعش» ووجدنا ترحبيا واستعدادا من أشقائنا الكويتيين، ولكن لا بد من دراسة المرئيات العراقية، والاستعانة بالخبرات الكويتية لنصل إلى منطقة مشتركة لكيفية القيام بالأمر وتنفيذه، وحتى الآن لم يتم تحديد موعد، وهناك نقاشات حول هذا الموضوع.
] كيف تصفون المشهد السياسي العراقي وهل يمر بمرحلة النضوج؟
ـ المشهد السياسي مشهد وليد على الساحة العراقية، ورغم التوقعات بأنه يعيش مرحلة اكتمال النضوج والاستقرار، إلا انه ما زال يعاني بسبب التراكمات التاريخية والتي تركت أثرا عميقا في العراق والعراقيين، ويقوم مجلس النواب العراقي بدور كبير في إقرار البيئة القانونية لهذه العملية السياسية، من خلال تطبيق قانون الأحزاب كبوابة كبيرة لوضع سياسي متقدم ومتطور في العراق، في ظل الوضع الإرهابي الذي تعاني منه العراق، والذي بدوره أثر عليه كثيرا، ما أستطيع قوله اننا كعراقيين متفائلون بالعملية السياسية لأنها تراكمية أساسها المواطن العراقي وبطاقات الانتخاب، وفي كل دورة يتطور نضج المواطن العراقي، ويعول العراقيون على انتخابات عام 2018 واختيار سياسيين مؤهلين لإدارة العملية السياسية مما سيصب في مصلحة العراق، والذي بدوره سيقدم للمواطن العراقي خدمات وفرصا في كل المجالات، ويظل هدفنا نحن العراقيين البناء وإحلال الأمن والاستقرار وبناء الدولة، لدينا طاقات بشرية وثروات طبيعة كبيرة ونحتاج إلى الاستقرار والهدوء لبناء غد مشرق للأجيال القادمة.
] ماذا عن التنسيق الأمني الحدودي بين العراق ـ والكويت؟
ـ اللقاءات والتنسيق مستمر بين الجهات الأمنية العراقية ـ والكويتية، خاصة الجهات الحدودية بين البلدين مستمرة ونستطيع القول ان الحدود بين البلدين مؤمنة خاصة المنطقة الجنوبية، فكما تعلمون أن «داعش» متواجد في المنطقة الغربية، ولكن بين الحين والآخر تخرج بعض الأمور التي تكون خارج السيطرة ولكن الحدود بين البلدين آمنة، والاستعدادات الحدودية على أعلى مستوى من الجهوزية لأي مفاجآت طارئة.