تعيش الكويت اجواء انتخابية لا يختلف المتابع للشأن السياسي الكويتي على وصفها بالمفصلية كونها من جهة جاءت في ظروف اقليمية دقيقة تعيشها المنطقة لها بطبيعة الحال انعكاسات بشكل أو بآخر على وطننا الكويتي الذي بدوره ليس بمنأى عن التأثر من ذلك الكم الهائل من التخريب والتدمير الذي يطال الكثير من الاقطار العربية في الوقت الحاضر، وقد كان مرسوم حل المجلس الاخير واضحا وصريحا فيما يخص تلك التطورات الإقليمية وما تحمله من تدهور هنا وتصعيد هناك الامر الذي يحتم الرجوع إلى مربع الشعب من خلال الدعوة إلى الانتخابات العامة، ومن جهة اخرى تحمل هذه الانتخابات طابعا خاصا حيث انها تشهد عودة مختلف القوى والتيارات السياسية إلى رشدها السياسي بعد مقاطعة غير موفقه ادركت من خلالها ان هيبة الدولة وقوة القانون فوق كل الضغوط والمساومات والابتزازات، وان الحياة السياسية ماضية ومستمرة فيهم ومن دونهم وفوق هذا وذاك ادركت خير ادراك بأن تشريعات الدولة لا تخرج الا عن طريق مؤسستها التشريعية فقط، وليس للبهرجة الإعلامية والتكسب من هذا الحدث أو ذاك اي قيمة تذكر أو ادني تأثير على سياسة الدولة وهيبتها وقوانينها.
ان ما ينتظر اعضاء المجلس القادم هو الكثير من الاعمال التي تحتاج إلى نهج معتدل ورؤية صحيحة ونظرة واعية حتى ترى النور وتكون واقعا ملموسا بالنسبة للمواطن البسيط، وتبقى على رأس تلك الاعمال الاصلاحات الاقتصادية من خلال خطط ذات خطوات عملية مدروسة ومشاريع تنموية ضخمة ترفع بدورها مؤشر اقتصاد الدولة إلى الضوء الأخضر بل نتعدى ذلك بكثير عندما يتم البحث في تنويع مصادر الدخل عن طريق طرح مشاريع بقوانين تحمل دراسات وافكارا اقتصادية متنوعة تصب في خانة تعزيز مصادر الدخل، والحقيقة ان مثل تلك الخطوات الاقتصادية الإصلاحية ليست بحلم بعيد المنال ولنا في بعض النماذج بالمنطقة مثال حي في البناء الاقتصادي والتنموي بعيدا عن البيروقراطية المعطلة للانجازات والمحطمة لهمم وسواعد المستثمر.
وحتى تنجز الاعمال وتحل القضايا التي تحمل طابع الأولوية بالنسبة إلى الوطن والمواطن لابد من تنحية الصراعات والحسابات الشخصية جانبا وقطع الطريق على من يحذو هذا المسار، وذلك لن يتحقق الا من خلال ابناء الشعب عندما يتوجهوا في السادس والعشرين من الشهر الجاري إلى مراكز الاقتراع ولا مكان في ادمغتهم لاصحاب الشعارات التي ليس من ورائها انجاز أو تنمية تعود بالنفع على ابناء هذه الارض الغالية، فدور النائب غير مقرون تماما بحفنة تصريحات على صفحات الجرائد أو مواقع التواصل الاجتماعي يهاجم فيها هذا وذاك، وليس دوره ايضا في اضاعة عمر المجلس بسجالات بعيدة عن الشأن الكويتي، بمعنى اخر ليس دور النائب القيام بمهام وزارة الخارجية وتحديد توجه الدولة الديبلوماسي!! فكل ذلك عبث لا يعدو اكثر من تكسب انتخابي يريد البعض من خلاله زيادة اعداد قاعدته الانتخابية من بعض المرضى بجنون الطائفية والفئوية.
يتحدث البعض في الندوات الانتخابية عن رئيس الوزراء القادم، وحتى بعد مرسوم الحل ببضعة ايام كان هناك حديث وسجال حول رئيس الوزراء القادم من قبل بعض الاطراف الامر الذي يكشف بدوره عن تكسب سياسي بحت كما يكشف عن الفراغ الكبير في اجندات بعض المرشحين الذين يعانون من قصور في الفكر والطرح الاصلاحي، وبأي حال من الاحوال فان حق اختيار سمو رئيس مجلس الوزراء هو حق اصيل لصاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه وفقا للدستور، فهو من يقدر الوضع العام للبلاد وما تتطلبه ظروف ومعطيات المرحلة، وغير ذلك ما هو الا مشاهد تمثيلية ركيكة يقوم بها البعض امام الناخبين لا تزيح بدورها حجرا من فوق حجر.
خلاصة القول «الكويت تستاهل» ولا تستحق ان نخذلها باختيارات تكون بمنزلة الشوكة في خاصرتها، فتعيق الانجازات وتعطل مسيرة الاصلاح فيها.