• نوفمبر 23, 2024 - 5:07 مساءً

زيارة الرئيس السيسي إلى البرتغال تعزز الشراكة المصرية الأوروبية

توجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بزيارة إلى البرتغال امس الاثنين 21 نوفمبر وتستمر حتى اليوم الثلاثاء 22 نوفمبر والتي تعد أول زيارة تستضيفها البرتغال منذ تنصيب الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا في مارس 2016 وهي نقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية والأمنية،علاوة على كونها قوة دافعة لتعزيز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي في كافة المجالات.
وتنبع أهمية الزيارة الرسمية للرئيس السيسي إلى لشبونة من كونها أول زيارة لرئيس مصري إلى البرتغال منذ حوالي 20 عاما، وتزامنها مع استعادة مصر لدورها المحوري إقليميا ودوليا عقب الانتهاء من استحقاقات المرحلة الانتقالية والتي تضمنت إقرار الدستور الجديد، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وممارسة مجلس النواب لدوره التشريعي والرقابي، وحصول مصر على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى موافقة صندوق النقد الدولي على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري والقرارات الاقتصادية التي تبنتها مصر مؤخرا وفى مقدمتها تحرير سوق الصرف، والجهود التي تبذلها الحكومة البرتغالية لزيادة معدل النمو الاقتصادي واحتواء الديون السيادية .
وسوف يلتقي الرئيس السيسى، خلال الزيارة، مع كل من الرئيس البرتغالي، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء، وعمدة لشبونة، بالإضافة إلى ممثلي عدد من المؤسسات العلمية والأكاديمية ومجتمع الأعمال البرتغالي لبحث سبل تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية، بالإضافة إلى دفع التعاون في مجالات الاقتصاد والبحث العلمي والدفاع، وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
وحرصت البرتغال على تأييد خيارات الشعب المصري في ثورة الثلاثين من يونيو، حيث أعربت البرتغال على لسان وزير خارجيتها أجوستو سانتوس سيلفا – الذي نقل رسالة إلى الرئيس السيسي من الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا في 13 يونيو الماضي تؤكد على أهمية تعزيز علاقات التعاون بين البلدين ـ عن دعم لشبونة الكامل لمصر، وقد أكد الوزير البرتغالي، خلال اللقاء مع الرئيس السيسي، على تطلع بلاده لتعزيز علاقاتها بمصر وتطوير التعاون معها في جميع المجالات، مشيرا إلى وجود الكثير من القواسم والتحديات المشتركة التي تتطلب تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بما يحقق مصالحهما المشتركة ومثمنا في هذا الصدد ما حققته مصر من استقرار سياسي، وإعلائها لقيم التعددية والمواطنة، فضلا عن نجاحها في استكمال بنائها الدستوري.
ومن جانبه، أشاد الرئيس السيسى، في منتصف يونيو الماضي، بمواقف البرتغال إزاء التطورات التي مرت بها مصر خلال السنوات القليلة الماضية، والتي عكست تفهم البرتغال لطبيعة تلك التطورات والظروف التي تشهدها المنطقة.
وفي ذلك الصدد.. أكدت سفيرة البرتغال في القاهرة مادالينا فيشر أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى لشبونة ستعزز التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، واصفة العلاقات بين البلدين بـ «التاريخية».
ومن جهة أخرى، شهدت العلاقات السياسية بين البلدين تقدما ملحوظا نتيجة الزيارات المتبادلة بين مسئولي مصر والبرتغال ومن بينها زيارة وزير الخارجية البرتغالي إلى القاهرة في يونيو الماضي،علاوة على احترام البرتغال لخيارات الشعب المصري وإرادته في ثورة الثلاثين من يونيو، واستعادة مصر لدورها المؤثر في منطقة الشرق الأوسط.
ومن ناحية أخرى، تحرص مصر والبرتغال على تنسيق المواقف المشتركة تجاه مختلف القضايا في المحافل الدولية كالأمم المتحدة ومن بينها سبل مواجهة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وضمان استقرار منطقة البحر المتوسط وتطورات الأزمات التي تشهدها عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما تطورات الأوضاع في ليبيا وسوريا، فضلا عن الجهود الدولية التي تُبذل للتوصل إلى حلول سياسية لتلك الأزمات بما يحفظ وحدة هذه الدول وسلامتها الإقليمية ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها.
وفى ذلك الصدد، أوضحت سفيرة البرتغال بالقاهرة أن بلادها حريصة على تعزيز العلاقات بين مصر وتجمع الدول الناطقة بالبرتغالية التي تأسست عام 1996 وتضم في عضويتها «البرتغال والبرازيل وأنجولا والرأس الأخضر وغينيا بيساو وموزمبيق وساو تومي وبرينسيبي، وتيمور الشرقية، بالإضافة إلى غينيا الاستوائية وموريشيوس والسنغال كمراقبين».
وفي المجال الاقتصادي.. تتناول المباحثات التي سيجريها الرئيس السيسي مع المسئولين البرتغاليين سبل تعزيز التعاون الاقتصادي وحجم التجارة الذي لا يرق حتى الآن إلى مستوى العلاقات التاريخية بين البلدين.
وتستهدف البرتغال من وراء تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع مصر الاستفادة من الفرص العديدة التي توفرها السوق المصرية ومن بينها وجود حوالي 90 مليون مستهلك، وزيادة حجم صادراتها إلى الأسواق الأفريقية وخاصة عقب إطلاق منطقة التجارة الحرة للتكتلات الأفريقية الثلاثة (كوميسا وسادك وإياك) بشرم الشيخ في يونيو 2015 والتي تضم 26 دولة من بينها مصر ويمثل الناتج المحلى الإجمالي لها حوالي 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلى للقارة الأفريقية حوالي 1.2 تريليون دولار وتضم أكثر من 56 في المائة من سكان القارة، بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع العالم العربي.
وفي السياق نفسه، قالت سفيرة البرتغال بالقاهرة إن مصر والبرتغال تسعيان لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة وتشجيع القطاع الخاص بالبلدين على الدخول فى شراكة تجارية، مشيرة إلى أن شركات برتغالية عديدة أبدت اهتماما بالاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية وخاصة عقب القرارات الاقتصادية الأخيرة وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف، وإطلاق حزمة المشروعات القومية العملاقة في مصر والتوقعات المتعلقة بزيادة معدل النمو الاقتصادي في مصر الذي من المتوقع أن يتراوح ما بين 4 و5 في المائة خلال العام المالي 2016 ـ 2017 وفقا لوزارة المالية مقابل 4.3 في المائة في العام المالي 2015 ـ 2016.
وتوقع محللون اقتصاديون أن يتزايد حجم التجارة والاستثمارات بين مصر والبرتغال نتيجة سياسات برنامج الحكومة المصرية التي تهدف إلى تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة التنافسية، وتوفير البيئة المواتية للاستثمار، ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلي، وإعطاء دفعة للنمو وخلق فرص العمل مع توفير الحماية لمحدودي الدخل.
كانت الحكومة المصرية قد توصلت لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أغسطس الماضي، لمنحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار لدعم برنامج الإصلاح الحكومي الهادف إلى سد عجز الميزانية وإعادة التوازن إلى أسواق الصرف.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن جهاز التمثيل التجاري التابع لوزارة التجارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والبرتغال زاد خلال العام الماضي بنحو 14 في المائة ليصل إلى 194 مليون يورو مقابل 167 مليون يورو خلال عام 2014، بينما ارتفع حجم الصادرات المصرية إلى تلك الدولة خلال العام الماضي ليبلغ 91 مليون يورو مقابل 87 مليون يورو في 2014، وبلغ حجم الواردات المصرية من البرتغال 103 ملايين يورو عام 2015.
ويقدر حجم الاستثمارات المصرية في البرتغال بنحو 40 مليون يورو طبقا للبنك المركزي البرتغالي، في حين بلغت الاستثمارات البرتغالية في مصر نحو مليوني يورو وبلغ رأس المال المصدر بنحو 404 ملايين يورو، وتتركز الاستثمارات البرتغالية في مصر في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والملابس الجاهزة والطاقة الجديدة والمتجددة،أما بالنسبة لأهم القطاعات التي تستثمر فيها مصر بتلك الدولة فهي قطاع العقارات والتشييد والبناء.
ومن جهة أخرى، تتمثل المجالات الواعدة للتعاون بين البلدين في قطاعات الموانئ، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وصناعة الأدوية والتكنولوجيا، والطاقة الجديدة والمتجددة، وتوجد إمكانيات كبيرة لتعزيز المشروعات المشتركة في تلك المجالات في إطار آليات التعاون الاقتصادي بين البلدين والتي تتمثل في اللجنة المشتركة والمقرر عقد اجتماعاتها العام القادم، وتبادل الزيارات بين كبار المسئولين وبحث إمكانية إنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال لتفعيل الشراكة بين القطاع الخاص بالبلدين.
ومن جانبه، قال وزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل، إن هناك عددا من الموضوعات الاقتصادية الهامة قيد التفاوض بين البلدين حاليا لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري من بينها تأسيس مجلس أعمال مصري ـ برتغالي مشترك يضم قطاعات الجلود وقطع غيار السيارات والرخام والجرانيت والكابلات والطاقة المتجددة والإنشاء.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هناك فرصة متميزة لتعزيز التحالف الاقتصادي بين مصر والبرتغال في جميع المجالات للاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز للبلدين.. بحيث تكون مصر بوابة لصادرات البرتغال إلى الدول العربية وإفريقيا، بينما تتحول البرتغال إلى بوابة للصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي وتجمع الدول الناطقة بالبرتغالية، وذلك من خلال إنشاء خطوط ملاحية منتظمة بين الدولتين في ضوء الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها حكومتا البلدين لزيادة النمو الاقتصادي.
وفى السياق نفسه، زار الدكتور أحمد درويش رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لشبونة في بداية أكتوبر الماضي للمشاركة في اجتماع الرئيس البرتغالي بأعضاء الغرفة الصناعية العربية بالبرتغال، لاستعراض فرص ومزايا الاستثمار في محور قناة السويس.
ووقعت مصر والبرتغال العديد من الاتفاقيات لدعم التجارة والاستثمارات المشتركة من بينها اتفاق الامتيازات الخاصة للملاحة عام 1980، واتفاق حماية وتشجيع الاستثمارات عام 1999.

Read Previous

سمو الشيخ محمد بن راشد: هدفنا صنع المستقبل وليس توقعه

Read Next

سلطنة عُمان في عيدها الوطني الـ46: رؤية إستراتيجية شاملة لبناء حاضر زاهر ومستقبل واعد

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x