لطالما حلم عشاق علوم الفضاء في دولة الكويت بأن يشاركوا دول العالم التعمق في الاكتشاف المستمر للفضاء الخارجي منذ أن وطئت قدم رائد الفضاء الأمريكي نيل ارمسترونغ سطح القمر في ستينيات القرن الماضي.
وماان بدأت الآمال الكويتية والخليجية في غزو الفضاء الخارجي تتلاشى تدريجيا حتى تجددت باعلان دولة الامارات العربية المتحدة دخولها مجال استكشاف الفضاء بعد إنشائها مركز (محمد بن راشد للفضاء) في عام 2006 ووكالة (الفضاء الإماراتية) في عام 2014.
ومن المقرر ان تطلق دولة الامارات مسبارا فضائيا باتجاه المريخ سنة 2021 في خطوة غير مسبوقة على المستويين العربي والإسلامي.
وأثارت خطوة دولة الامارات تساؤلات لدى محبي علوم الفضاء في دولة الكويت حول امكانية القيام بخطوة مماثلة ولاسيما ان الكويت لديها من الامكانيات المالية والعلمية ما يؤهلها لانشاء وكالة فضاء وطنية.
وقالت استاذة الفيزياء في كلية العلوم بجامعة الكويت الدكتورة هالة الجسار ان إنشاء وكالة فضاء كويتية “ليس بالحلم البعيد بل على العكس سيكون إنشاء تلك الوكالة مصدر فخر واعتزاز للدولة نظرا للفوائد الاقتصادية والعلمية الجمة لهذه الفكرة”.
وأضافت الدكتورة الجسار في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اهتمامها بمجال علوم الفضاء ازداد منذ انضمام جامعة الكويت الى مشروع مخطط رطوبة التربة (سماب) التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا).
وذكرت ان هذا المشروع المعني بوضع خريطة لرطوبة تربة كوكب الأرض ستكون له فوائد علمية تساعد على فهم دورات جفاف التربة وانتشار السيول وإعطاء نشرات جوية أكثر دقة.
ورأت ان مشاركة جامعة الكويت بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في مشروع (سماب) تعكس امكانيات وقدرة الدولة على الانضمام الى سباق الفضاء الخارجي عبر إنشاء برنامج فضاء كويتي.
وأكدت ان فكرة إطلاق مشروع فضاء كويتي “لن يكون من نقطة الصفر” موضحة ان العديد من الجهات مثل المعهد الكويتي للأبحاث العلمية لديها تعاون سابق مع وكالة (ناسا) في العديد من المجالات المختصة بالفضاء.
وعن المقومات الاساسية لبرامج وكالات الفضاء شددت الجسار على اهمية ان تكون هناك قيادة واعية تستطيع إدارة الجوانب الاقتصادية والعلمية والتقنية للمشروع مؤكدة ان دولة الكويت تمتلك “كفاءات واعدة” قادرة على إنجاح هذا المشروع البشري الضخم.
الا ان إنشاء وكالة فضاء في الكويت لن يرى النور ما لم تكن هناك أهداف مدروسة واضحة وإرادة من الدولة لتحقيق هذا الحلم الذي يتطلع اليه الكثيرون.
وفي هذا الصدد قال مدير برنامج التطوير الإداري للشركات بإدارة الشركات والابتكار في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الدكتور بسام الفيلي في تصريح مماثل (لكونا) ان مشروع إنشاء وكالة فضاء كويتية يتطلب تحديد هدف واضح من وراء إنشائها بدلا من اطلاق المشروع من دون دراسة وافية.
وأوضح الفيلي ان هناك العديد من الأمور التي يجب ان تؤخذ بالحسبان ومنها تحديد الهدف من انشاء الوكالة والرغبة “الجادة” بالمساهمة في تطوير علوم الفضاء وابراز الوجه الحضاري والمتقدم لدولة الكويت على المستوى الدولي.
وذكر ان ” مشروع برنامج الفضاء الكويتي يجب ان يكون من الاولويات الوطنية حتى يتنسى له النهوض ” مبينا ان ذلك “لن يتحقق او يرى النور في ضوء وجود قضايا تبعد الدولة عن التفكير حاليا بالفضاء وسبر اغواره ومنها ايجاد بدائل لمصادر الطاقة ومعالجة قضية الإسكان التي تشغل الشارع الكويتي”.
وقال “الا ان هذا لن يمنع جهة داعمة كمؤسسة الكويت للتقدم العلمي من مساعدة جامعة الكويت وجهات أخرى على بلوغ اهداف قد تبدوا بسيطة ولكن سوف تساعد مستقبلا على انشاء الوكالة المرجوة”.
واكد الدكتور الفيلي ان الكويت تحتاج “لمجموعات متخصصة ومتدربة تستجمع قواها لانشاء وكالة قادرة على دراسة علوم الفضاء وارسال رواد فضاء وأقمار صناعية الى خارج الكرة الأرضية”.
واوضح ان مستقبل هذه الفكرة يكمن في تشجيع الأجيال المقبلة على الاهتمام بعلوم الفضاء واشراكهم في برامج متخصصة وترفيهية تنمي في داخلهم حب الاستطلاع والتساؤل حول ما في هذا الفضاء الشاسع من كواكب ونجوم ومجرات.
وقد تكون النقطة التي أثارها الدكتور بسام الفيلي عن تعزيز حب علوم الفضاء لدى النشء واحدة من اهم مقومات حلم الكويتيين بالوصول الى الفضاء الخارجي استنادا الى المثل العربي المأثور “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”.
من ناحيته أظهر الطالب في جامعة الكويت -قسم الفيزياء- حمد الهندي حماسا منقطع النظير حينما تحدث ل(كونا) عن فكرة انشاء وكالة فضاء مؤكدا ان ” تحديد الهدف من قبل مجموعة متمكنة في هذا المجال سيحول هذا الحلم الى واقع ملموس”.
وقال ان الدكتورة هالة الجسار كان لها دور كبير في تشجيع موهبته واستغلالها بمشاريع نفذها بنفسه مثل تصنيع طائرة من دون طيار قادرة على التصوير الجوي وتطوير سمكة آلية تقوم بقياس طول الأمواج وملوحة المياه بالإضافة الى اجهزة أخرى يمكن ان تستخدم في مجال علوم الفضاء.
وأكد الهندي ان اهتمامه بالفضاء وعلومه دفعه لتعلم كيفية استخدام الطابعة (ثلاثية الأبعاد) بعدما علم ان وكالة (ناسا) أرسلت مواد لرواد فضائها عن طريق تلك التكنولوجيا مضيفا انه نجح بطباعة نموذج مصغر ل (كيوريوسيتي روفر) وهي عربة لوكالة (ناسا) تستكشف كوكب المريخ.
واعرب عن اهمية تقدير دور العلم في تطوير المجتمعات موضحا ان العديد من الاشخاص لديهم علم بان النظرية النسبية هي لعالم الفيزياء المشهور البرت آينيشتاين “لكن السؤال الأهم يجب ان يكون ما هي النظرية النسبية وتأثيرها على حياتنا وكيف نستفيد من تطبيقاتها”.
ومع تصريح الهندي الذي يبعث على الامل يبدو مستقبل انشاء وكالة فضاء كويتية في أيد امينة ولربما في يوم من الأيام سيكون بمقدور رواد فضاء الكويت القيام بتجارب علمية تمكنهم من استكشاف العالم الخارجي