تأتي الزيارة التي بدأها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى تركيا أمس «الاثنين»، تتويجا لعلاقات وثيقة متجذرة، وتمتد لتشمل معظم مجالات التعاون بين البلدين، كما أنها تتم في فترة بالغة الأهمية والخطورة، بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، حيث تبذل الكويت وتركيا مساعي كبيرة، من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.. وفي اعتقادنا أنها مساع مشكورة من كل دول المنطقة والعالم، خصوصا في الجانب الإنساني منها، والذي تتميز فيه الدولتان، لاسيما بالنسبة للأزمة السورية.
تجري زيارة صاحب السمو الأمير إلى تركيا ايضا، في ظل تطلعات اقتصادية وتنموية طموحة للدولتين، إذ تخطط الكويت لكي تكون إستراتيجيتها التي تحمل اسم «رؤية 2035»، قادرة على تدشين مرحلة مهمة ومغايرة من تاريخها، لأنها تحمل في أبعادها ومضامينها برامج وخططا كفيلة بأن تنهي عصر الاعتماد على النفط، كمصدر وحيد أو شبه وحيد للدخل، وتضمن التحول الفعلي إلى اقتصاد متعدد المصادر، تتنوع فيه وسائل وسبل الإنتاج، وتتطور آلياته وطرائقه، ولا يبقى هذا الاقتصاد رهنا لسلعة واحدة يزدهر بازدهارها ويتراجع بتراجعها وانخفاضها.. وفي الوقت نفسه تواصل تركيا مسيرتها الاقتصادية والتنموية التي يشهد لها الجميع بالتطور والنجاح وتسعى للمزيد من تقوية علاقاتها بكل دول المنطقة والعالم، وفي الصدارة منها دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن الواضح أيضا أن الكويت تشغل مساحة مهمة من الاهتمام التركي، وقد شهدت علاقات الدولتين تناميا ملحوظا خلال السنوات الاخيرة . وتكفي الإشارة هنا إلى تلك القفزة النوعية الهائلة في حجم التجاري بينهما، والذي ارتفع من 600 مليون دولار، إلى ملياري دولار . كما ان معدلات إقبال السياح الكويتيين على زيارة تركيا، وكذلك التنامي الكبير في حجم النشاط العقاري، كل ذلك يؤكد أن العلاقات بين الكويت وتركيا تمضي بثبات وثقة أيضأ.
أخيرا فإن الكويتيين لن ينسوا أبدا ذلك الموقف المبدئي الرائع لتركيا، بإدانتها للغزو العراقي الغاشم على الكويت، ومشاركتها في حرب تحرير الكويت، عبر تسخير قواعدها الجوية، لخدمة أهداف التحرير . ولقد كان الموقف الكويتي مبدئيا وثابتا أيضا، في إدانتها للمحاولة الانقلابية التي وقعت في يوليو الماضي، ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإعلانها تأييدها للشرعية التركية، ولحماية مكتسبات الشعب الدستورية والديموقراطية، وهي معان وقيم ستترسخ بكل قوة، خلال الزيارة الحالية لصاحب السمو الأمير إلى تركيا.