بتفاعل شعبي ونيابي وحزم حكومي انتهت ازمة سوق المباركية ذلك الايقونة التاريخية التي تعد المقصد السياحي الأول لزائري الكويت، ولم تفلح الأهداف التجارية في حرمان المواطنين والمقيمين والزائرين من أجوائه التراثية التي يستمتع بها الجميع.
وقال مجلس الوزراء في بيان: إنه بناء على توجيهات سمو رئيس الوزراء جابر المبارك خاطبت وزارتا المالية والتجارة الشركة المديرة لأسواق المباركية وطلبتا منها وقف اجراءاتها فورا تجاه المحلات التجارية.
ولفت إلى ان نائب رئيس الوزراء وزير المالية أنس الصالح ووزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب بالوكالة خالد الروضان التقيا وفدا يمثل أصحاب محلات سوق المباركية.
وأضاف البيان: أن أصحاب المحلات شرحوا للصالح والروضان الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الشركة المديرة للسوق وطلبها بإخلاء المحلات أو «زيادة القيمة الإيجارية».
وأوضح أن الوزيرين اتفقا مع أصحاب المحلات على إعادة فتح المحلات بعد إغلاقها احتجاجا على قرار الشركة الجديدة بزيادة الإيجارات، وأكدا حرص الحكومة على حفظ جميع حقوق العاملين في سوق المباركية دون الإخلال بالطابع التراثي للسوق وما يحمله من تاريخ.
وأشارا إلى حرص الحكومة على إيجاد الحلول السريعة لمشكلة أصحاب المحلات بالسوق، مشددين على أهمية الحفاظ على مصالح المستأجرين وعدم التأثير على الأسعار بشكل عام.
من جانبها، أبدت النائبة صفاء الهاشم التي زارت السوق خلال اضراب نفذه أصحاب المحال حزنها الشديد على مشاهدة سوق المباركية خاليا من الزوار نتيجة إيقاف الأعمال به بسبب قيام وزارة المالية بترسية مناقصة على إحدى الشركات التي قامت بدورها برفع أسعار الايجارات بشكل غير معقول، مؤكدة انها لن تقف مكتوفة الأيدي وسوف تتخذ خطواتها عبر القنوات الشرعية في مجلس الأمة لإنصاف أصحاب المحلات في السوق.
وقالت الهاشم: ما يحدث في سوق المباركية هو حرمان قرابة 6 آلاف أسرة كويتية من مصدر رزقهم والقضاء على وجهة سياحية شعبية من الطراز الأول بحجة تطويرها وهو أمر مرفوض.
تفاعل نيابي
وكانت قامت النائب صفاء الهاشم بجولة على أسواق المباركية مبدية حزنها على مشاهدة سوق المباركية دون زوار نتيجة إيقاف الأعمال به بسبب قيام وزارة المالية بترسية مناقصة على إحدى الشركات التي قامت بدورها برفع أسعار الإيجارات بشكل لم يقبله أصحاب المحلات، مؤكدة أنها لن تقف ساكنه وسوف تتخذ خطواتها عبر القنوات الشرعية في مجلس الأمة لإنصاف أصحاب المحلات في سوق المباركية.
وتقدم النائب محمد الدلال بسؤال إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح حول زيادة إيجار المحلات في سوق المباركية.
واستفسر الدلال عن إجراءات وزارة المالية القانونية والفنية «أملاك الدولة» في اعتماد الشركة المديرة الحالية لسوق المباركية، وهل اتبعت في الاختيار الإجراءات القانونية اللازمة وصولا إلى التعاقد، طالبا تزويده بنسخة من اتفاق التعاقد بين إدارة أملاك الدولة والشركة الحالية المديرة لسوق المباركية، مع بيان الضوابط والالتزامات التي أُلزمت بها الشركة المديرة للمحافظة على تراثية وهوية السوق، وإدارة الكويتيين وبالأخص القدماء منهم للمحال التجارية وضمان الأسعار المعقولة في البيع، مع بيان آلية مراقبة أملاك الدولة لكل الالتزامات والواجبات المطلوبة من الشركة المديرة.
وتساءل الدلال: «هل شمل التعاقد بين إدارة أملاك الدولة بوزارة المالية والشركة المديرة لسوق المباركية ضوابط تتعلق بضمان استقرار أسعار المحال التجارية، من خلال ضمان عدم إرهاق الشركة المديرة لأصحاب المحال بأي التزامات مالية كبيرة من شأنها أن تؤثر سلبا على زيادة أسعار البضائع التي تباع، والتي سيتأثر منها سلبا مرتادو وزائرو سوق المباركية؟».
هيئة الشراكة
من جانبه قال المدير العام لهيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص مطلق الصانع إن دور هيئة الشراكة في موضوع إدارة أسواق المباركية انتهى منذ أن تمت ترسية مناقصة سوق المباركية على إحدى الشركات العقارية المحلية، إذ إن المطلوب من الهيئة هو فقط عمل مزاد والحصول على أعلى سعر لأملاك الدولة.
وأكد الصانع أن الهيئة طبقت القانون رقم 105 لسنة 1980 بشأن نظام أملاك الدولة، وجميع إجراءاتها تمت وفق القانون، كما أن ديوان المحاسبة اعتمد تلك الاجراءات.
ولفت إلى أن هناك العديد من العقود سيتم تجديدها خلال السنوات المقبلة وفق هذا النظام ما لم يتم تعديله، وعلى المتضررين اللجوء إلى مجلس الأمة وتعديل القانون.
تفاعل بلدي
وكشفت مصادر مطلعة أن المدير العام للبلدية أحمد المنفوحي خاطب وزارة المالية، ممثلة في إدارة عقود أملاك الدولة، بمراعاة عدم زيادة الإيجارات حتى لا تؤثر سلبا على المستهلكين، لا سيما أن السوق خدمية من الدرجة الأولى ونقطة جذب سياحية على مستوى البلاد.
وقالت المصادر: إن المنفوحي شدد على منع المستثمر من تحصيل أي إيرادات أخرى غير منصوص عليها في العقد الجديد، في حال رغبته في تحصيل مبالغ نظير خدمات يقوم بتوفيرها لرفع جدوى السوق الاقتصادية، لكون الأمر يتطلب موافقة خطية ومسبقة من الطرف الأول في العقد الجديد.
وكانت البلدية قد دعت إدارة عقود أملاك الدولة إلى السماح بدمج أكثر من محل من المحال المواجهة لمسجد البحر لاستغلالها كمطاعم مع تكييفها وتهويتها، وأن يكون لدى المحال ارتداد يُسمح باستغلاله في وضع الطاولات والكراسي، وأن يعاد التصميم الداخلي لهذه المحال لتتناسب مع النشاط الخاص بها بحيث يسمح بوجود ثلاجات وأماكن تخزين من دون الحاجة إلى تحويل بعض المحال في الجهة الخلفية إلى مخازن، وأن تحتوي بطبيعة الحال على مصاف للدهون، وفق اشتراطات وزارة الأشغال، وبأي حال لا يلغي وجود هذه المطاعم إمكانية وجود نشاط كافتيريا في مواقع مختلفة للمشروع.
وطالبت البلدية بأن توجد محال لإدارة المقاهي تحتوي على كاشير ومخازن، وأن يكون لكل محل ارتداد يسمح باستغلاله لوضع الطاولات والكراسي مع مراعاة قوانين البيئة ذات الصلة والتي تمنع التدخين في الأماكن المغلقة كما يجب على المقاهي الالتزام بربط نظام التهوية الخاص بها مع نظام التهوية الخاص بالمشروع والمحافظة على طابع المقهى التراثي بعدم إغلاق جوانبه ومنع عمل الكبائن، وعلاوة على ما سبق يجب توفير نظام تبريد لهذه المنطقة، فضلا عن منع التدخين داخل مكونات المشروع التزاما بقوانين البيئة ذات الصلة، ونظرا لطابع المشروع العمراني الذي يجعل المحلات متلاصقة والشوارع بينها ضيقة.
من جانله انتقد نائب رئيس المجلس البلدي مشعل الجويسري القائمين على أزمة أصحاب المحلات في سوق المباركية بسبب رفع الإيجارات 500 في المائة بعد أن رست إدارتها على شركة اخرى، مما صعّد الأمر إلى أن يتطور ويصبح إضرابا لأصحاب المحلات في المباركية عن العمل امس الخميس احتجاجا على رفع الإيجارات بنسبة كبيرة.
وقال الجويسري في تصريح صحافي: ان سوق المباركية بات سوقا تراثيا عريقا ومتنفسا للمجتمع يجب الحفاظ عليه من جشع وطمع بعض أصحاب النفوذ للسيطرة على محلاته وتطفيش أصحابها برفع الإيجارات عليهم، مطالبا الجهات الرقابية الحكومية بالتدخل حالا لانصاف أصحاب المحلات.
وقال: ان اي ضيف من خارج الكويت بمجرد دخوله للبلاد يذهب رأسا إلى أسواق المباركية، مستغربا من الجشع والتنفيع والاستعداد لقتل المنطقة سياحيا، مشيرا إلى ان رفع الإيجارات سيرفع التكلفة على الزبائن، ويحول المباركية لمكان متكلف ومكلف مثل المجمعات.
وأشار الجويسري إلى ان أصحاب المحلات بالمباركية نفذوا إضرابهم عن العمل احتجاجا على رفع الإيجارات، حيث خلت أسواق المباركية من المحلات المفتوحة والمعروضات، فيما تواجد بعض التجار والعمال أمام المحلات كرسالة احتجاج على رفع الإيجار.
من جانبه دعا مدير ادارة تنمية المشاريع السابق في بلدية الكويت م. باتل الرشيدي وزارة المالية ممثلة في ادارة املاك الدولة إلى التدخل لوقف الزيادات المطلوبة في ايجارات محلات سوق المباركية.
وقال الرشيدي في تصريح صحافي: ان سوق المباركية يعتبر من الاسواق التراثية في البلاد والذي اصبح محط انظار الكثير من الزوار للبلاد سواء الخليجيين أو العرب وحتى الاجانب، مشيرا إلى ان اغلب البضائع التي يتم بيعها رخيصة الثمن ولا تحقق نسبة عالية من الارباح لاصحاب المحلات، موضحا ان شركة مجمعات الاسواق التي كانت مستثمرة للسوق لم ترفع الايجارات بل قامت بإعادة تأهيله وتوفير احتياجات الزوار من اجل المحافظة على هذا السوق التراثي، مستغربا من النسبة العالية للزيادات التي طلبتها الشركة المستثمرة الجديدة على اصحاب المحلات التي تزيد على 500 في المائة وهي تعتبر مرتفعة وغير مقبولة.
وكان عدد من اصحاب المحلات في سوق المباركية؛ قد اضربوا عن فتح محالّهم، بعد إبلاغهم ـ من قبل الشركة الجديدة التي تدير السوق ـ برفع إيجارات محالهم، بنسب تتراوح ما بين 200 و350 و500 في المائة.
وقال أصحاب محال منتهية عقود إيجاراتهم أنهم فوجئوا بطلب رفع القيمة الإيجارية 4 أضعاف، وقد لبّوا الطلب، ودفعوا مقدما 3 أشهر، ولكن بداية مارس 2017 كانت المفاجأة الكبرى؛ إذ اكتشفوا أن الشركة التي رفعت عليهم الإيجار عقدها منتهٍ مع المالية، وهناك شركة جديدة لها طلبات، وهي مضاعفة قيمة الإيجار بنسب تتراوح بين 6 و10 أضعاف، وفق موقع كل محل.
وشددوا على رفضهم للزيادة، مبينين انها ستنعكس عليهم سلبا وعلى رواد السوق، لانها ستودي إلى زيادة الاسعار.
وقال سامي الحشان، وهو مالك لبعض المحلات في سوق المباركية: إن السوق هو ملك للدولة لكنه مؤجر بنظام BOT من قبل إحدى الشركات وكنا ندفع قبل سنتين ما قيمته 120 دينارا عن كل محل ثم زادت الشركة مع طفرات الأسعار قيمة المحل الإيجارية إلى 460 دينارا، ثم فوجئنا بأن الشركة زادت الإيجارات مرة أخرى لتصل إلى 1100 دينار كويتي عن كل محل وجميع المحلات الموجود في السوق، والتي يبلغ عددها 600 محل لا تتحمل الكلفة الباهظة لهذه الإيجارات التي تسبب بها جشع التجار.
وأضاف الحشان: أن ما يجري هو محاولة لتجريف هذا السوق التراثي وتسليمه للمطاعم الكبرى والمحلات ذات العلامات التجارية الفخمة على حسابنا، خصوصا أن الكثير من المقاهي الفخمة فتحت فروعا لها داخل السوق التراثي وتريد تدمير بقية المحلات المنافسة التي توفر نفس القهوة ونفس الأكل بأسعار أقل بكثير منها.
وأشار الحشان إلى أن الشركات الحكومية ترفع الأسعار بنسب لا تتجاوز 200 في المائة على الشركات التي تجني الملايين من أملاك الدولة بينما ترفعه على التجار البسطاء والصغار بنسب أكبر من هذا.
تضامن
وعبّر التجمع العمالي عن مساندته وتضامنه مع اصحاب محلات سوق المباركية بسبب قيام الشركة المستثمرة بزيادة قيمة إيجارات محلات السوق وفق ما افاد أعلان اصحاب المحلات.
وإذ يؤكد التجمع بأن أي زياده غير مستحقة على إيجارات المحلات سوف تساهم بزيادة أسعار السلع والتأثير على حيوية السوق الذي يعتبر معلم سياحي وتراثي هام للكويت.
وأخيرا نؤكد على أهمية وحدة صف اصحاب المحلات وتضامنهم من أجل تحقيق اهدافهم المنشودة.
مجزرة تراثية
من جهته اعتبر الكاتب الصحافي احمد بودستور ان ماحدث يعد مجزرة تراثية في هذا السق التاريخي وقال: المثل يقول (اللي ماله أول ماله تالي) وما تقوم به الحكومة ممثلة بوزارة المالية من تدمير للتراث وطمس لهوية أقدم سوق في الكويت وهو سوق المباركية هو قطعا مجزرة وجريمة لا تغتفر وينبغي التصدي لها وأن لاتمر مرور الكرام وعلى كل من يعنيه الأمر وفي مقدمتهم أعضاء مجلس الأمة الوقوف مع حقوق أصحاب المحلات التي توارثوها أبا عن جد منذ إنشاء السوق في عهد المغفور له الشيخ مبارك الكبير رحمه الله حيث كان يستقبل المواطنين في كشك مبارك الموجود في السوق مما يؤكد مكانة السوق التاريخية في قلوب المواطنين فهو يعبق برائحة الماضي الجميل ولهذا ينبغي المحافظة عليه.
وحذر من ان ترك الحرية المطلقة للشركة في التصرف مع أصحاب المحلات وزيادة الإيجارات عليهم وأيضا التصرف بالسوق فهي تستطيع أن تهدم السوق وتبني مكانه مجمعا تجاريا من أجل أن يدر عليها دخلا كبيرا حتى تستطيع أن تحقق أرباحا من العقد الذي تبلغ قيمته ثلاثة ملايين و ستمائة وخمسون ألف دينار وهو مبلغ زهيد بجانب القيمة التاريخية للسوق التي لا تقدر بثمن.
واوضح ان الشركة المذكورة وزعت إنذارات على أصحاب المحلات طلبت منهم زيادة الإيجار 5 أضعاف يعني المحل الذي آجاره 200 دينار شهريا يصبح الإيجار الجديد 1000 أو يقوم صاحب المحل بإخلائه والجدير بالذكر أن عدد أصحاب المحلات تقريبا 600 وهو مايعني قطع رزق 600 عائلة تستفيد من محلاتها في سوق المباركية.