حوار: بسام القصاص
في خضم لجة القضايا التي تموج بها منطقتنا العربية، وما تؤديه دولة الكويت من دور أساسي وفاعل يقوم به سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لحل تلك القضايا، لم تنس الكويت يوما مسؤولياتها تجاه دول إفريقيا، تلك المسؤولية التي تحملتها من واقع مكانتها الكبيرة وإنسانيتها لمساندة دول القارة السوداء في كل المجالات.
ولكي نتعرف على دور دولة الكويت في إفريقيا وأوجه التعاون المشترك التي تثمر دائما تنمية ورخاء، كان لا بد من التحدث لـ «عميد السلك الديبلوماسي» في الكويت وأقدم سفير بها، السيد «عبدالأحد إمباكي» سفير دولة السنغال، الذي يملك من الخبرة والرؤية الثاقبة ما يدعوه لشرح الوضع الكويتي الحالي بخبرة نحتتها السنين، فوضع يده على نقاط قوة دولة الكويت، وكذلك المشاكل وروشتة حلها، الأمر نفسه فعله مع الوضع الإفريقي الحالي عامة، والعلاقات بين البلدين خاصة.
وإلى نص الحوار..
] بداية.. عميد السلك الديبلوماسي سفير جمهورية السنغال، نرجو إلقاء الضوء على العلاقات الكويتية ـ السنغالية.. وما الجديد فيها؟
ـ أولا العلاقة بين الكويت والسنغال تدعو للفخر، ومن دواعي سروري أن أتحدث عن تلك العلاقات المتميزة في كل المجالات، فدولة الكويت أول دولة افتتحت سفارة فى دول إفريقيا (جنوب الصحراء أي الدول غير الناطقة باللغة العربية) وذلك عام 1981 كما أن السنغال من أولى دول إفريقيا السوداء التي افتتحت سفارتها في الكويت، وهذا إن دل فيدل على عمق ومتانة العلاقات الكويتية ـ السنغالية وقوة التفاهم بين قادتهما منذ عهد الشيخ صباح السالم إلى عهد سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، أيضا تعد السنغال الدولة المستفيدة الأولى في إفريقيا السوداء من الصندوق الكويتي للتنمية العربية، فهناك 26 مشروعا قام بتمويلها الصندوق بقيمة 400 مليون دولار، معظمها فى البنية التحتية والتعليم والكهرباء، إضافة الى المنح الدراسية لأبنائنا في جامعة الكويت، كما أن هناك العديد من الاتفاقيات تم إبرامها بين البلدين وتم التوقيع عليها خلال تولى سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة مجلس الوزراء، الذى زار السنغال ثلاث مرات والذي ساعد كثيرا في تعميق العلاقات وتقويتها، كما أننا لا ننسي دور الكويت في فوز السنغال بمقعد غير دائم في مجلس الأمن عام 2016/2017، وهو ما يؤكد عمق العلاقات بين البلدين الصديقين، كما أننا من أوائل الدول التي نددت بالاحتلال الصدامي للكويت وأرسلت كتيبة من القوات الخاصة إلى المملكة العربية السعودية.
] ما سبق يدفعنا للتحدث عن تكريم الكويت وسمو الأمير من قِبل الأمم المتحدة كقائد للعمل الإنساني.. فكيف تراه؟
ـ سبق وذكرت أن سمو الأمير يستحق جائزة «نوبل» في السلام، وأن هذه المبادرة الأممية في مكانها الصحيح، لأن سمو الشيخ صباح الأحمد منذ أن تولي منصب وزير الخارجية ولمدة 40 عاما استطاع خلالها بحكمته المعهودة تكوين علاقات متميزة مع معظم دول العالم، وظهر ذلك جليا بوضوح خلال الغزو الصدامي للكويت في صورة تحالف دولي لا مثيل له ضد هذا الاعتداء، كما أن الشيخ صباح الأحمد لعب أيضا دورا هاما وأساسيا في عودة علاقات كثير من الدول العربية إلى الكويت بعد التحرير، حيث إن بعض الأنظمة العربية، ولا أقول الدول، كان لها مواقف سلبية ضد الكويت خلال الغزو الصدامي، لذلك فإن تكريم سموه بلقب «قائد العمل الإنساني» و«أمير الإنسانية» هو تكريم في محله، ولو حاولنا أن نحصى ما قام به سموه من أعمال إنسانية امتدت إلى شتى بقاع الأرض فلا يمكن أن تحصى.
] إذن.. كيف ترى الكويت حاليا بصفتكم أقدم سفير بها؟
ـ أعتقد أن المجتمع الكويتي تغير كثيرا عما كان عليه قبل الغزو الصدامى، فالمجتمع الكويتي معروف عنه تماسكه وتقاربه دائما، لكن نلاحظ فى مجلس الأمة ـ على سبيل المثال ـ بعض المناقشات التي لم تكن موجودة فى السابق، قد تكون راجعة لعدم تطور مستوى التعليم، ولو قمنا بمقارنة الكويت بدول الجوار سنجد أن الكويت لم تتطور والنمو يسير ببطء في أمور كثيرة كالتعليم والبنية التحتية، عكس السعودية والإمارات وقطر، هناك فرق كبير في النمو السريع حتى الخطوط الجوية الكويتية كانت الأولى في المنطقة قبل 20 عاما، وأعتقد أن هذا التباطؤ يعود لبعض أعضاء مجلس الأمة وتعطيلهم لكثير من المشاريع بسبب المناقشات الحادة والتي يكون بعضها بدافع وطني، والآخر انتخابي.
] سعادة عميد السلك الديبلوماسي، وماذا عن تقييمك للإعلام الكويتي؟
ـ الإعلام الكويتي سبّاق في نقل الأحداث والأخبار منذ أن كان سمو الشيخ صباح الأحمد وزيرا للإرشاد، ثم الشيخ جابر العلي، ويعتبر تليفزيون الكويت من أوائل التليفزيونات في المنطقة الخليجية، هذا بالإضافة إلى الصحافة الكويتية الحرة، وإن كان في بعض الأحيان هناك تجاوز في أمور كان من الأفضل ألا نتعرض لها في وسائل الإعلام كعرب أو كمسلمين، لكن في الأخير لا يمكن أن تقارن الكويت بديمقراطيتها وحرية الصحافة بأي دولة في المنطقة، حيث أتابع حوارات في التليفزيونات خاصة الكويتية أجد أنها لا يمكن أن تحدث في أي دولة عربية في المنطقة، وأتمنى أن تستمر الديموقراطية في الكويت بل وأن تتعدى الحدود إلى دول أخرى.
] سيادة عميد السلك الديبلوماسي، ماذا عن الاتحاد الإفريقي والاحتفال بيوم إفريقيا؟
ـ أولا قبل الاحتفال بيوم إفريقيا كل دولة في إفريقيا لها يوم وطني وحفل خاص بها، بينما الاحتفال بيوم إفريقيا هو ذكرى إنشاء الاتحاد الإفريقي والذي كان اسمه «منظمة الوحدة الإفريقية» ثم تحول إلى «الاتحاد الإفريقي»، فنحن نحتفل بإنشاء هذا التجمع الإفريقي والذي يضم في عضويته 54 دولة، والذي أفاد إفريقيا وساعدها كثيرا على استقرار دولها، لأنه كان هناك كثير من الانقلابات التي تحدث في بعض دول القارة لتغيير نظام الحكم من رئيس إلى آخر، ولكن الاتحاد الإفريقي أصدر قرارات فاعلة بعدم الاعتراف بأي حكومة تأتي عن طريق الانقلاب، كما أن هناك مشروع قرار بتحديد مدة الرئاسة في دول إفريقيا السوداء، فلا يمكن أن يكون هناك رئيس مدى الحياة، بل ستحدد المدة من خمس إلى ست سنوات وألا تتجاوز دورتين من خلال انتخابات نزيهة، كما في السنغال، حيث إن مدة الرئاسة لا تتجاوز 10 سنوات خلال دورتين كل دورة خمس سنوات، كما أن الاتحاد الإفريقي يلعب دورا مهما في فض النزاعات كما في الصومال والكونغو ومالي من خلال إرسال قوات للحد من هذه النزاعات، كما أن هناك أسواقا مشتركة في كل من شرق إفريقيا ووسطها وغربها، ولكن نأمل في المستقبل أن يكون هناك سوق مشتركة لكل دول إفريقيا، كما أنه في حال ترشح دولة من إفريقيا لمنظمة دولية يقوم الاتحاد بدعمها، فإذا دعمت السنغال أو مصر دولة ما فلابد من بقية الدول أن تساعد وتساند هذه الدولة، ويعتبر الاتحاد الإفريقي هو من التجمعات النادرة التي تأخذ بهذه المواقف.
] فهل تعتقد أنه سيكون هناك اتحاد أو تحالف آسيوي على غرار الإفريقي؟
ـ مع كل الاحترام لدول آسيا لكن أعتقد أنه لا يمكن أن يحدث بينهم أي اتحاد أو تحالف، لأن هناك اختلافات في الايدولوجيات لبعض الدول، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يمكن لكوريا الشمالية أن تقف مع كوريا الجنوبية، لذلك تجد أن الأمر صعب جدا، وحتى بعض الدول الإسلامية في آسيا يوجد بينها خلافات، ودول عربية وغير عربية من الصعب أن تقف موقفا خارجيا موحدا.
] أخيرا.. وبعد هذه السنوات التي قضيتها كعميد للسلك الديبلوماسى، ما الذى لفت انتباهك في الكويت وتريد أن تنقله إلى بلادكم السنغال؟
ـ أنا كديبلوماسي أقول إن الدواوين تعتبر مصدرا مهما للمعلومات، حيث إن دواوين الكويت مفتوحة وهناك حرية في الكلام في كل شيء لدرجة أن هناك من ينتقد الحكومة، وقد أعجبتني كثيرا وأتمنى أن تكون في السنغال. كما أرى أن التحالف والتقارب بين الشعب الكويتي شىء جيد، ففي الأعراس والمناسبات العامة التواجد طيب والعلاقات أطيب، ولكن بعض تلك العلاقات يكون ظاهريا مثل مناقشات مجلس الأمة.
] وما الذي لفت انتباهك ولا تريد نقله للسنغال؟
ـ لا وألف لا لمشكلة الزحام في شوارع الكويت التي لا أريد أن أنقلها لبلادي، أما ثانيا (مبتسما) فهي مشكلة تناول الطعام الدسم، فأغلب السفراء الذين عرفتهم بعد أربع سنوات بالكويت تجد أن وزنهم زاد بسبب الطعام الدسم والكرم الحاتمى من اللحوم والأرز.
ولي ملاحظة أود أن أسجلها كوني رياضيا وأحب الرياضة جدا،كان من المعروف دائما أن الكويت سباقة في المجال الرياضى ولا سيما في كرة القدم وكرة اليد، ولكن أرى الوضع الحالي «لا يسر عدو ولا حبيب»، وأتمنى عودة الريادة الكويتية للرياضة.