نحن ـ للأسف ـ أمة متطرفة في كل شىء.
نتطرف في الحب حينما نحب، ونتطرف في العداء حينما نعادي.
المذهل أننا ننتقل من الحب إلى العداء مع ذات الشخص أو ذات الموقف ولكن في مدى زمنى مغاير.
أحببنا جلالة الملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان، وصنعنا له القصائد، وشدت له أم كلثوم وعبدالوهاب، وخرج له الشعب احتفالا بابنه الذكر الأول الأمير أحمد فؤاد أمام قصر عابدين، ولم يمر عام حتى خرجت الجماهير كي تبارك «حركة الجيش» ضد مليك البلاد، وخرجت عناوين الصحف المحلية تسبُّ الملك الفاسد الطاغية.
وأيّدنا اللواء محمد نجيب «رمز الثورة المباركة» عام 1952، وفي أقل من عامين سكتنا على إقصائه، وباركنا انتصار الاستبداد على مشروع الديموقراطية.
وجعلنا من الرئيس جمال عبدالناصر حالة مقدسة ووصفناه بـ«الزعيم القائد والرئيس الملهم»، ثم خرجنا نطالب بالإصلاح والتغيير في حركة شباب الجامعات في مارس 1968.
وحينما توفى عبدالناصر ـ رحمه الله ـ بدأ الكتّاب والساسة الذين كانوا يقدسون «ناصر» في حياته يكتبون المقالات والكتب حول مفاسد حكمه وطغيانه.
والذين اعتبروا أنور السادات ـ رحمه الله ـ بطل الحرب في 1973، وبطل السلام عام 1977، لم يخرج أحدهم في جنازته عقب اغتياله عام 1981.
والذين اعتبروا الرئيس حسنى مبارك أعظم حكام جيله، باركوا ما حدث في يناير 2011، وطالبوا بمحاكمته، وشاركوا في إجراءات شطب اسمه من على الميادين العامة والمشروعات الكبرى ومحطة المترو.
ليس مطلوبا أن نقدس الحاكم، أي حاكم، أثناء حكمه، وليس مطلوبا أن نلعنه ونجرّمه عند رحيله أو محاكمته.
المطلوب أن نتوازن في التأييد وفى المعارضة، بمعنى أن تكون لدينا المصداقية والأمانة في أن ننتقد الحاكم الذي نحب، وأن تكون لدينا الشجاعة الأدبية والأمانة أن نشيد بأي إنجاز إيجابي للحاكم الذي نخالفه الرأي أو التوجه السياسي.
إن حكمة خالق السموات والأرض في خلقه هي التوازن بين السماء والأرض، وبين حركة الكواكب والمجرات، وبين الحياة والموت، وبين الغنى والفقر، وبين القوة والضعف.
ولنتذكر قوله تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ».
صدق الله العظيم