يدرك المتآمرون ضد الأمة العربية، أن مصر هي «واسطة العقد» من هذه الأمة، وأنها إذا سقطت ـ لا قدر الله ـ فإن حبات العقد سيتوالى سقوطها سريعا، ولذلك فإن المؤامرات التي تستهدف مصر، وتسعى لضرب أمنها واستقرارها لم تتوقف، ويبدو أنها لن تتوقف.. وكان آخرها تلك الفاجعة التي أدمت قلوب المصريين والعرب والبشرية جمعاء، عندما تم الاعتداء على كنيستين في طنطا والإسكندرية، أمس الأول الأحد، خلال احتفال الأقباط بمناسبة «أحد السعف»، وقتل وإصابة أكثر من مئة وستين شخصا في التفجيرين الإرهابيين.
لقد أراد الإرهابيون بهذه التفجيرات أن يروعوا المصريين ـ مسلميهم ومسيحييهم لا فرق ـ وأن يكسروا إرادتهم، ويدفعوهم إلى أتون الفتنة والفرقة والانقسام.. لكن المؤكد أنهم يجهلون طبيعة هذا الشعب التي تستعصي على أي فتنة أو فرقة، وأن مصر تصدت لمحاولات أكبر وأخطر في هذا السياق، قادها من قبل مستعمرون يمتلكون جيوشا جرارة وطائرات وأساطيل حربية، لكن المسيحيين قبل المسلمين أفشلوا هذه المخططات، وردوا كيد المستعمرين إلى نحورهم، وقال زعماء الأقباط قولتهم الشهيرة «نحن مسلمون وطنا، مسيحيون دينا». وفي أثناء العدوان الثلاثي على مصر ارتقى أحد القساوسة منبر الأزهر الشريف، ليخطب من فوقه، وليؤكد وحدة عنصري الأمة، وانصهارهما في بوتقة الدفاع عن ترابها وتحرير أرضها.
ولقد نجحت مصر خلال ثلاث سنوات من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار بها، وهو ما هيأ الأرضية المناسبة لعودة الاستثمار والسياحة، بعد غياب طويل، وتدشين عملية تنموية كبري تهدف للنهوض بمصر في جميع الميادين، وإعادتها إلى سابق عهدها رائدة لمنطقتها، ولاعبة أساسية في السياسة الدولية.. ويبدو أن ذلك لم يرق للكارهين لاستقرار مصر والمنطقة كلها، فاستأنفوا مخططاتهم التدميرية، لإفساد كل ما بنته مصر، أو تسعى لبنائه خلال السنوات المقبلة، وهو ما نبه إليه الرئيس السيسي في كلمته الأحد الماضي، عندما أكد أن «أعداء الأمة وبعد سيطرة الجيش على سيناء، بدأوا في اتخاذ إجراءات أخرى انتقامية، منها ضرب السياحة والاقتصاد، وكذلك ضرب الوحدة الوطنية وتمزيق نسيج المجتمع».
وكان الرئيس محقا أيضا في مطالبته المجتمع الدولي ب «محاسبة الدول التي تدعم الإرهاب، والتي تسانده وتساند المجرمين والقتلة».. وهو ما ينبغي أن يكون المجتمع الدولي واعيا به بالفعل، ليس فقط من أجل مصر، بل أيضا من أجل الإنسانية كلها.
إن مصر التي أراد الإرهابيون ورعاتهم، أن تخضع أو تنكسر أمام سعار إرهابهم وإراقتهم للدماء البريئة، لن تخضع أو تنكسر، وستبقى كما عرفها العالم كله، وعلى امتداد تاريخها الطويل، عزيزة أبية موحدة، وستنتصر على من أرادها وشعبها بسوء، وسيبقى مسلموها ومسيحيوها متمسكين بوحدتهم الوطنية، رافضين للفتنة، معلين لقيم المحبة والإخاء والسلام، التي نادى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأخوه عيسى المسيح عليه السلام.