قبل أسبوع تقريبا وقع حادث مروّع حين قام انتحاريان بتفجير كنيستين في مدينتي الإسكندرية وطنطا في مصر العزيزة مما أدى إلى استشهاد وجرح عدد كبير من المواطنين من الأقباط والمسلمين بينما كان رواد الكنيستين متواجدين للصلاة والعبادة.
يقول الإمام علي عليه السلام: «النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ».
وتلك حكمة لا تزال ترن في أسماع الدنيا وتتناقلها الأجيال.. وقد قالها الإمام علي عليه السلام في عهده لمالك الأشتر عندما ولاه مصر حينما كان خليفة للمسلمين.
وهذا ديننا الحنيف أمرنا أن نتعايش مع من نختلف معهم في الدين ممن لم يلحق بنا أذية أو يتسبب لنا بظلم فقال جل شأنه: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». (الممتحنة:8).
وقد نهى القرآن الكريم عن الإساءة إلى الآخرين والتعرض لهم ممن نختلف معهم في العقيدة والفكر وألا يخرج مستوى النقاش والجدل عما هو متعارف عليه فقال جل من قائل: «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ». (العنكبوت:46).
وحذر القرآن الكريم في أكثر من آية على عدم التجاوز على حق الغير ماديا أو معنويا فقال سبحانه وتعالى: «وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ». (المائدة:87)، كما حذر المسلمين من الخصومة والمنازعات فقال تعالى: «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ». (الأنفال:46)، وأمر بالتعاون والتكاتف وإصلاح ما بين الناس وإشاعة روح المحبة فقال عز وجل: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ». (المائدة:2)
أقباط مصر هم سكانها الأصليون، وهم من ساعد المسلمين على فتحها من الرومان فما الذي أوصل أوضاع مصر وما يجتاحها من قلاقل إلى ما هي عليه الآن؟
حمى الله أرض الكنانة من بعض أبنائها قبل أعدائها… وأنشر بهذه المناسبة قصيدتي التي تتحدث عن لقاء جرى بيني وبين الكاردنال بشارة الراعي بطريك أنطاكية والمشرق في جمهورية لبنان العزيز، وهي قصيدة تعبر عن نفسها وتصلح للرد على ما جرى في مصـر العزيزة:
(نِيافَةَ الْكارْدِنَالَ) اشْتَقْتُ رُؤْيَتَكُمْ
والْيَوْمَ تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ لُقْيانا
فَكَمْ سَمِعْتُ لَكُمْ فِي الْجَمْعِ مِنْ عِظَةٍ
كانَتْ لِكُلِّ مَعانِي الْخَيْرِ عِنْوانا
هِيَ الرِّسالاتُ جاءَتْ كَيْ تُوَحِّدَنا
فَتَجْعَلَ الْفَرْدَ فِيْ مَحْياهُ إِنْسانا
فَوَحْدَةُ الْخَلْقِ بَيْنَ النَّاسِ تَجْمَعُهُمْ
حتَّى إِنِ اخْتَلَفَتْ فِي النَّاسِ أَدْيانا
أَهْدِيْكَ سِفْرًا بِعِنْوانِ (الْحُسَيْنُ…) أَتَى
يَضُمُّ مِنْ وَحْدَةِ الْأَهْدافِ أَلْوانا
هُمَا (الْحُسَيْنُ) و(عِيْسَى) فِيْ مَسارِهِما
تَقاسَما الْبَذْلَ آلامًا وأَحْزانا
كُلٌ تَصَدَّى لِرَدْعِ الظُّلْمِ مُحْتَسِبًا
فأَصْبَحا لِسِيُوفِ الْبَغْيِ مَيْدانا
نيافةَ (الْكرْدِنَالْ) ما قُلْتُ لا عَجَبًا
(فَالْأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْلَ الْعَيْنِ أَحْيانا)