عندما علمت بزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الكويت الاسبوع القادم، عادت بي الذاكرة الى لقائي الأول بالرئيس، عندما كان لا يزال وزيرا للدفاع، في نهاية العام 2013، ويومها لاحظت وكتبت ذلك أيضا في أكثر من افتتاحية بـ «الخليج»، أنه يمتلك رؤية إستراتيجية شاملة لتشخيص مشكلات مصر بدقة متناهية، وكذلك لوضع التصورات الكفيلة بانتشال مصر من هذه المشكلات، وتدشين مرحلة جديدة من العمل والبناء والتنمية، من أجل إعادة هذه الدولة الكبيرة والرائدة إلى مكانتها اللائقة والمستحقة.. وأكدت يومها أن رؤيته لقضايا أمته العربية تبرهن على أننا أمام قائد واع بأهمية هذه الأمة، ودور مصر تجاهها، تماما بالقدر نفسه الذي يدرك خصوصية العلاقة بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، وضرورة الحفاظ عليها قوية ومتينة وبعيدة عن أي مؤثرات جانبية قد تضعف منها أو تنال من قوتها.
وها قد أثبتت الأيام صدق ما خرجنا به من انطباعات، فطوال السنوات الثلاث الماضية، ورغم التركة الثقيلة جدا التي ورثها من فوضى وانعدام الأمن وغياب شبه كامل للتنمية، تمكن الرئيس السيسي باقتدار، وعبر سياسات منهجية متزنة ورشيدة، من إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع مصر، وقلم أظافر الإرهاب في سيناء، وشرع في إعداد هذه البقعة العزيزة تاريخيا ووطنيا على قلوب المصريين، لمرحلة تزدهر فيها من جديد، وتشهد خلالها تنمية شاملة تعود بالنفع على أبنائها ومعهم كل المصريين. كما أطلق الرئيس سلسلة من المشاريع التنموية والخدمية العملاقة، مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع زراعة المليون ونصف المليون فدان، وإعادة تشغيل مئات المصانع التي ظلت مغلقة ومعطلة طوال أكثر من ثلاث سنوات، إضافة إلى عشرات الطرق السريعة التي تربط كل أرجاء الدولة بسهولة ويسر، وإصلاح شبكات المياه والكهرباء، بحيث لم تعد تشهد الانقطاعات التي أرقت المواطنين وأرهقتهم طويلا.
ولا بد أن نلاحظ أيضا ما قد يغفل عنه الكثيرون، هذا الاهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس بالشباب، وتلك المؤتمرات التي تعقد لهم ويشاركهم فعالياتها، ويفتح معهم حوارات متحررة من أي قيود، وفي اعتقادي أن مثل هذه المؤتمرات، مع ما يصاحبها من دورات تأهيلية وتدريبية مهمة ومكثفة، ستنتج لمصر أجيالا من القيادات الشابة المؤهلة والمثقفة والمزودة بتقنيات العصر وعلومه، لتتولى زمام القيادة في كل ميدان.
إن مصر تمضي في عهد الرئيس السيسي بخطوات واثقة، نحو استعادة دورها ومكانتها إقليميا ودوليا، ويكفي هذا القائد وهو ينتمي في الأساس إلى واحدة من أعرق المؤسسات في العالم، وهي القوات المسلحة المصرية، أنه نجح في الحفاظ على وحدة الدولة، وتجنيبها الانزلاق إلى خطر الفوضى التي ضربت دولا كثيرة في المنطقة، وأنه أيضا يقود توجها عربيا يسعى للحفاظ على تماسك دولنا العربية، وحمايتها من التمزق والضياع، ورفض التدخل الأجنبي فيها، وكلها مؤشرات تؤكد ما بدأنا به، من أننا بإزاء زعيم صاحب رؤية إستراتيجية شاملة وواعية، وأنه يمضي في تنفيذ هذه الرؤية بحكمة وتعقل، وأنه أيضا يستحق كل هذا التأييد الكبير الذي يحظى به من أبناء شعبه، لمواصلة مسيرة البناء والتنمية والاستقرار.
ونحن إذ نرحب به ضيفا عزيزا على الكويت، فإنما نرحب بقائد يقدر الكويت وقيادتها وشعبها، ويؤمن إيمانا لا يتزعزع بأن أمن الخليج «خط أحمر»، وهو من أمن مصر، وأن مصير هذه الأمة واحد، وما يجمعها أكبر بكثير مما يفرقها.
نرحب بالرئيس السيسي، بين أهله وإخوانه.