تابعت ـ على البعد ـ وقائع المؤتمر الدورى الثالث للشباب.. وكم تمنيت أن أكون بينهم.. وأعتقد أننى خسرت كثيرا عندما اعتذرت عن عدم قبولي الدعوة للمشاركة فيه، لأسباب صحية.. ومكانية.. ولكنني أقول إنني تابعت باهتمام ما جرى في الجلسات.. وأقول للمغرضين: إنني كلما استمعت للرئيس السيسى متحدثا ازددت إيمانا بأنه القائد الذي تحتاجه البلاد، لعدة أسباب أولها إخلاصه وإيمانه بما يقول.. بل أقرر هنا أننى أراه «الرئيس الأولى بالرعاية» وأنه أخلص من تولى راية قيادة الأمة.. ليس فقط لإيمانه العميق بالله سبحانه وتعالى ـ وهذه وحدها مما تحبب الناس فيه ـ ولكن أيضا لأنه أول رئيس يقول للناس الحقيقة.. رغم مرارتها.. فما من رئيس كاشف للأمة بحقيقة ما تعانيه.. وبالصعاب التي تواجهها.. بل أقول واثقا إن من رؤساء مصر من كان يحجب الحقيقة، ومن كان يخشى العمل على مواجهتها.. وإذا كان الرئيس السادات هو أشجع من واجه المخاطر، إلا أنه رأى التراجع عن برنامجه الإصلاحي، عام 1977، لأن الشعب لم يكن مهيأ ليتحمل دوره ويتقبل تبعات هذا الإصلاح، خصوصا أن الشعب وقتها كان ينتظر «المكاسب والمنافع» بعد أن ضحى طوال سنوات ما بين هزيمة 67 وانتصار 73.. وبالتالي لم يكن الشعب يتقبل التضحية.. بينما كان يتوقع المكاسب وجنى الأرباح.
ولكن ظروفنا الآن تختلف.. ويكفي أن نقرر أن أى تأخير في تنفيذ برنامج الإصلاح يعني أن يتحمل الشعب أكثر وأكثر.. فالإصلاح يجب أن يتم.. مهما كان الثمن.. هنا كان ضروريا أن يصارح الرئيس الناس بفداحة فاتورة الإصلاح.. والرئيس عندما يقرر أننا تأخرنا كثيرا.. وتراجعنا كثيرا.. فإنما كان يقول الحقيقة.
والرئيس يطرح أسئلة مثلا: من أين يمول مشروع المليون رأس من اللحوم.. ومن أين يموِّل مشروع الصوبات الزراعية.. ولا من أين يمول مشروع المزارع السمكية.. وكلها بمليارات الجنيهات.. ويجيب الرئيس بنفسه: كلها «سنة واحدة» كمان، أى يطالب الرئيس الشعب بمزيد من الصبر.. ومزيد من التحمل.. والباقي من الزمن سنة واحدة.. وسيأتي الفرج مؤكدا من عند الله.. ومدعما بالله القوى العزيز.
وهو هنا لا يزايد.. أو يكابر، فقط يقول الحقيقة.. وأمام الأمة عام واحد.. فإذا نجح برنامج الرئيس.. خيرا وبركة.. أو هو يعلنها بنفسه.. أنه ليس مستعدا للبقاء إذا رأى الشعب ذلك.. والرئيس هنا ـ وأنا لا أعرف النفاق ـ يصارح الشعب كما لم يصارحه أي رئيس آخر.. حتى ولو كانت لهذه المصارحة فوائدها وإن كانت لها مضارها.. ولكنه لا يريد أن «يزايد على الشعب».
وبالمرارة الكاملة تحدث الرئيس عن أننا بارعون في السخرية من حالنا، ولذلك يتعمد أن يصبح هذا المؤتمر كل شهر، حتى يصارح الشعب بالحقيقة.. وحتى يسمع الناس، منه مباشرة، ويناشدهم أن يتحملوه.. ويتحملوا برنامجه الإصلاحى.. فهذا هو الطريق الوحيد الباقى، فهل نحن عند مستوى المسؤولية؟! وليس من أهداف المؤتمر أن تنقل الكاميرات ما يجرى تنفيذه.. ولكن الرجل يريد أن يقول: هذا هو عملي بيميني.. تعالوا شوفوا.. ورغم تأكيدي أن الرئيس السادات كان الأشجع في مواجهة الأزمات.. فإنه لم يتحمل مصارحة شاب ـ في أحد المؤتمرات أيامها ـ وصرخ فيه بكل عنف قائلا: الزم مكانك، رغم ذلك فإن الرئيس السيسي يسمح للشباب بأن يتكلم.. بل أعلنها وبشدة ردا على صراحة شاب قال إنه يخشى أن تتم مطاردته بعد أن قال ما قال.. ولكن الرئيس طمأن الشاب.. في إشارة واضحة لأي أجهزة.. ولكل الأجهزة.. تماما كما استمع ـ في المؤتمر السابق الذى عقد بأسوان ـ لشاب يكشف أخطاء الصرف الصناعى بمصانع كيما.. فطلب من الشاب ـ يومها ـ أن يرافقه إلى الموقع ليرى الحقيقة.
** السيسي.. ليس كأى حاكم سابق.. وعلينا جميعا أن نثق فيه وأن نمنحه الفرصة ـ وهي كما قال ـ الصبر والتحمل لمدة عام واحد.. فلماذا لا نمنحه هذه الفرصة.. التي هي فرصة للوطن نفسه.
** لماذا نضيع فرصة حقيقية للإصلاح.. وما كان أسهل على الرئيس إلا أن يعمل لنا ـ كما يقول المثل ـ من البحر طحينة.. ولكنه يريد أن تشارك الأمة.. وعام واحد ليس أمرا صعبا على أي شعب.. فلماذا يقف البعض متفرجا.. لماذا لا يتحمل كل منا دوره وقدره من أجل غد جديد؟!
** وهنا يؤكد الرئيس متسائلا: من يحافظ على مصر.. ويجيب: لا الجيش.. ولا الشرطة.. بل تماسك الشعب هو ما يحقق هذا الهدف.. هو وعي الشعب وتماسكه هو ما يحفظ لنا هذا الوطن.