يبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الثلاثاء زيارة رسمية إلى دولة الكويت يجري خلالها مباحثات مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها على مختلف الصعد، بالاضافة إلى التباحث في آخر مستجدات المنطقة.
وتأتي زيارة أردوغان إلى الكويت بعد أقل من شهرين على زيارة سمو الامير إلى الجمهورية التركية ما يعطي مؤشرا واضحا على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ومدى تطورها في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات وقد انعكس ذلك ايجابيا على العديد من المواقف والظروف التي تعرض لها البلدان.
وتندرج القمة الكويتية ـ التركية المرتقبة ضمن سلسلة حافلة من اللقاءات بين قيادتي البلدين الصديقين في السنوات القليلة الماضية فقد شهد العام الماضي زيارة سمو الأمير إلى تركيا حين ترأس وفد دولة الكويت في القمة العالمية للعمل الإنساني التي عقدت بمدينة إسطنبول في شهر مايو الماضي فيما سبق أن قام الرئيس أردوغان بزيارة رسمية إلى دولة الكويت في أبريل 2015 بعد أشهر على توليه منصب رئاسة الجمهورية التركية.
أكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان بلاده تولي أهمية كبيرة لتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع دولة الكويت التي تعد إحدى الدول الأكثر استقرارا وأمنا وازدهارا في المنطقة.
وقال اردوغان في مقابلة خاصة مع وكالة الانباء الكويتية «كونا» امس الاثنين قبل زيارته الرسمية لدولة الكويت المقررة اليوم الثلاثاء: ان تركيا والكويت بلدان شقيقان وصديقان وتشهد العلاقات الاقصادية بينهما تطورا سريعا على غرار العلاقات السياسية.
واعتبر حضوره لمراسم وضع حجر الاساس لمشروع مطار الكويت الدولي الجديد والذي سيكتمل بناؤه من قبل إحدى أوائل الشركات التركية وهي شركة «ليماك» القابضة فخرا كبيرا بالنسبة له من حيث التأكيد على المستوى المتقدم الذي وصلت إليه الشركات التركية على الصعيد العالمي.
وأعرب الرئيس التركي عن أمله في مشاركة أكبر للشركات التركية في إنجاز مشاريع البنية التحتية التي تتطلع الكويت إلى تحقيقها في إطار خطتها التنموية لعام 2035 متوجها بجزيل الشكر والامتنان إلى حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والحكومة الكويتية لما تلقته الشركات التركية من دعم متواصل.
وأشار إلى ان البلدين يمتلكان طاقات كبيرة لتطوير علاقاتهما في الاستثمار والتجارة والصناعات الدفاعية والسياحة وغيرها من المجالات، معربا عن أمله في زيادة الاستثمار المتبادل واستعداد تركيا لتبادل تجاربها مع الكويت في مجال الصناعات الدفاعية الذي يعد من مجالات التعاون الاستراتيجي.
وفي هذا الصدد اوضح اردوغان أن من المنتظر أن يتناول اجتماع «اللجنة المشتركة للتعاون»، الذي سيعقد على مستوى رؤساء الحكومات في الاشهر القادمة هذه المجالات وغيرها بشكل تفصيلي، مشددا على ضرورة عقد اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة ومنتدى الأعمال بين فترات غير بعيدة من أجل الارتقاء بعلاقات البلدين الاقتصادية والتجارية إلى المستوى المطلوب.
ولفت الرئيس التركي إلى ان حجم التبادل التجاري بين البلدين في الربع الأول من العام الحالي وصل إلى 152 مليون دولار مسجلا زيادة بنسبة 17 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2016.
وأضاف: ان حجم التبادل التجاري بين أنقرة والكويت بلغ 287ر1 مليار دولار في العام الماضي حيث وصلت قيمة حجم الصادرات التركية إلى الكويت 431 مليون دولار فيما بلغت قيمة الواردات 856 مليون دولار متطلعا إلى بذل جهود أكثر من أجل زيادة التجارة البينية مع أخذ طاقات البلدين بعين الاعتبار.
وأعرب اردوغان عن سعادته بقدوم الأخوة الكويتيين إلى تركيا بشكل متزايد يوما بعد يوم، مشيرا إلى استضافة بلاده حوالي 180 ألف زائر كويتي في العام الماضي و30 ألف في الربع الأول من عام 2017. ورأى الرئيس التركي ان اتفاقية التعاون في مجال السياحة التي وقعها البلدان أثناء زيارة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الرسمية إلى أنقرة في مارس الماضي من شأنها أن تعطي دفعا جديدا لهذا المجال.
وبين ان دولة الكويت حلت بالمرتبة الأولى في مجال الاستثمار بالعقارات على مستوى دول الخليج حيث يتملك الكويتيون أكثر من ستة آلاف عقار في تركيا حتى الآن، معربا عن اعتقاده بأن الاستثمار في هذا القطاع سيشهد زيادة أكثر في الفترة المقبلة.
وعن حجم الاستثمار المباشر الذي تقوم به دولة الكويت منذ عام 2002 في تركيا التي تحولت إلى مركز جذب استثماري قال اردوغان: ان القيمة بلغت حوالي 1.7 مليار دولار إلى جانب نشاط 280 شركة كويتية في تركيا حاليا.
وأكد الرئيس التركي ان بلاده تمكنت من جلب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 176.6 مليار دولار في الفترة من 2003 و2016 بفضل المناخ الاستثماري المواتي منها 12.3 مليار دولار تحقق في العام الماضي، داعيا الأخوة الكويتيين إلى زيادة الاستثمار في تركيا.
وفي المقابل أشار اردوغان إلى وجود سبع شركات تركية برؤوس أموال تركية تنشط في الكويت، لافتا إلى ان شركات المقاولات التركية حققت في الكويت من خلال 30 مشروعا انجازات ضخمة بلغ مجموع قيمتها حوالي 6.5 مليار دولار.
واعرب عن اعتقاده بأن الشركات التركية ستساهم في تنمية الكويت بشكل أكبر في الفترات القادمة مع الوفاء بالثقة التي حظيت بها، مؤكدا اهتمام رجال الأعمال الأتراك بمنطقة الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص.
وعن علاقات بلاده مع دول الخليج أكد الرئيس التركي ان إحدى أولويات السياسة الخارجية التركية تعزيز وتعميق علاقاتها مع الدول الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية والعسكرية والصناعات الدفاعية بما يتماشى ومستوى العلاقات السياسية الممتازة بين الطرفين، مشيرا إلى الجهود الكبيرة التي تبذل سواء في المناسبات الثنائية أو متعددة الأطراف.
وبين ان علاقات أنقرة ودول الخليج تقوم على أرضية متماسكة بفضل آليات التعاون التي أنشأت مع حكومات الدول على المستوى الثنائي ليتم الانتقال بعد ذلك إلى طرح مشاريع تعاون جديدة متطلعا إلى تأسيس مثل هذه الآليات مع جميع دول الخليج وتنويع العلاقات معها.
وفي هذا السياق أشار اردوغان إلى وجود آلية حوار استراتيجي رفيع المستوى بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي «ونؤسس أرضية علاقاتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي بصورة متكاملة».
وأضاف الرئيس التركي أنه تم اتخاذ قرار باستئناف المفاوضات بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي حول اتفاقية التجارة الحرة في الاجتماع الأخير الذي انعقد بالرياض في الـ 13 أكتوبر الماضي معربا عن أمله في أن تكون مخرجات هذه المفاوضات إيجابية لما سيجنيه كل من تركيا ودول الخليج من فوائد كبيرة من ذلك.
وأكد تطابق وجهات نظر بلاده مع دول مجلس التعاون الخليجي إزاء المشاكل الإقليمية والعالمية والاهتمام الذي توليه تركيا للتعاون والتشاور مع دول الخليج في زمن تواجه فيه المنطقة تحديات جادة معربا عن سعادته في ان يرى نفس القدر من الاهتمام صادرا عن دول الخليج أيضا.
ووصف اردوغان تركيا ودول الخليج «كجزيرة استقرار وسط منطقة جغرافية تعاني من مشاكل شتى وكل ما نريده معا هو إحلال السلام والاستقرار والطمأنينة في منطقتنا وأن تعيش الشعوب في هناء بعيدا عن الحروب».
وتابع قائلا «نريد ان نرى الناس يعيشون معا في السلم والاستقرار دون وقوع حروب أهلية ودون تعرض أحد للضغوط بسبب عرقه أو معتقده ونعلم جيدا بأن دول الخليج تشاركنا في ذلك أيضا».
وأكد الرئيس التركي بأنه على قناعة تامة بأن التعاون بين تركيا ودول الخليج مرتبط بالسلام والاستقرار الإقليميين، معربا عن تفاؤله بأن المنطقة ستتجاوز هذه الأيام العصيبة.
واضاف اردوغان أنه «يمكن أن نحرر أنفسنا من التأثيرات السلبية للاعبين الخارجيين كلما استطعنا تحقيق التنمية الاقتصادية معا يدا بيد واستطعنا بذلك ضمان استقرارنا».
وشهد آخر اجتماع رسمي بين الرئيس التركي وسمو الأمير في العاصمة التركية أنقرة في مارس الماضي توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم منها ثلاث لدعم مدن تركية لايواء اللاجئين السوريين والاتفاقيات الاخرى تتعلق في المجالات العسكرية والسياحية والشؤون الدينية.
وأجرى الرئيس التركي أول زيارة رسمية إلى الكويت في أبريل 2015 بعد أن زارها مرتين عامي 2005 و2011 عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء.