حين يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولاته الخارجية، بزيارة المملكة العربية السعودية، واللقاء بخادم الحرمين الشريفين وملوك وأمراء ورؤساء الدول الخليجية والعربية والإسلامية على أرضها، فإن ذلك يعد بلا شك تقديرا كبيرا للمملكة ولقيادتها الحكيمة، ولما تمثله من رمز عظيم للإسلام والمسلمين، يجعلها دائما موضع احترام وتقدير العالم كله.
وقد جاءت القمم الثلاث التي عقدت أثناء الزيارة في الرياض، لتترجم مدى الأهمية التي تمثلها الشراكة الإستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، وبدا واضحا من كلمات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس ترامب، حرص الجانبين الخليجي والأميركي على تعزيز هذه الشراكة، وتحقيق نقلة كبيرة ونوعية فيها، تجلت في أكثر من بعد، لعل أهمها هو توطين الصناعات الثقيلة والحيوية كصناعة السلاح في دول الخليج، وهو ما تضمنته بنود الاتفاقيات التي عقدت بين السعودية والولايات المتحدة.
ومن الضروري أن نتوقف أيضا عند تأكيدات قادة القمة، بالإصرار على محاربة الإرهاب، والسعي لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، ومعالجة الأزمات الكبرى فيها، خصوصا أزمتي سورية واليمن، ومن قبل ومن بعد القضية الفلسطينية، من أجل تمكين دول المنطقة من النهوض مجددا، واستعادة قدراتها الاقتصادية والتنموية، وتوجيه مواردها الوجهة الصحيحة، بدلا من إهدارها في النزاعات والحروب المهلكة والمدمرة.
ومن الطبيعي أن تترقب الدول العربية والإسلامية قيام الولايات المتحدة بدور فاعل، في معالجة قضايا المنطقة، لاسيما القضية الفلسطينية، وهو ما أشار إليه بوضوح صاحب السمو الأمير في كلمته أمام القمة العربية الإسلامية الأميركية، حين أكد أن واشنطن هي القادرة بالفعل على لعب هذا الدور، لما تملكه من تأثير قوي وكبير على كل الأطراف.
وفي النهاية فإن العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، ستدخل بالفعل مرحلة جديدة عقب زيارة ترامب للمنطقة، وذلك عقب سنوات من الفتور بينهما خلال حكم الرئيس السابق باراك أوباما.. وما نأمله أن تكون هذه المرحلة أكثر جدوى وإيجابية، ليس فقط على الدول الخليجية، بل أيضا على كل الدول العربية والإسلامية، والتي نعتقد أنها بعثت برسالة قوية، من خلال قمم الرياض، إلى الشعب الأميركي وكل شعوب العالم، مفادها أن الإسلام دين سلام ومحبة، وأن أهله هم دعاة خير ومودة، وأنهم راغبون في التعاون مع كل أمم الأرض، من أجل خير وسلام الإنسان، أينما كان، وكيفما كان، دون أدنى تمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون، فكلنا خلق الله، وديننا يدعونا إلى التعارف والتعايش مع كل بني الإنسان.
وتلك هي الرسالة الأعظم من قمم الرياض.