من المؤكد أن التنظيمات الإرهابية التي تقوم ببعض عملياتها داخل الأراضي المصرية، لا تهدف إلى مجرد قتل عدد من الأشخاص هنا وهناك، وإنما تهدف ـ خصوصا حين تتعمد إيقاع الأذى بالأقباط ـ إلى إسقاط الدولة المصرية، وخلق فتنة بين المصريين، مسلمين ومسيحيين، والقول للمسيحيين في مصر، إن الدولة لا تقوم بحمايتهم بالشكل الكافي، وإنهم ليسوا آمنين في مصر، وذلك ما أكده بالفعل الرئيس عبدالفتاح السيسي، عقب ساعات قليلة من وقوع الحادث الإجرامي الذي استهدف حافلة تقل عددا كبيرا من الأقباط، كانوا في طريقهم لزيارة أحد الأديرة في محافظة المنيا.
تلك هي إذن هي الغاية الأبعد والأهم للإرهابيين، الذين يعز عليهم أن يروا دولا عربية تتمتع بالأمن والاستقرار، وتوجه معظم جهودها نحو التنمية والاستثمار، وتطوير مجتمعاتها لكي تستتطيع اللحاق بركب التقدم العالمي، ويريدون أن تتحول كل دول المنطقة إلى بؤر للصراع والشقاق والفتن وإراقة الدماء والاحتراب الأهلي، كما نجحوا بذلك بالفعل في أكثر من دولة من دول المنطقة.
لكن ما غاب عن هؤلاء الإرهابيين، أن مصر الدولة الأقدم والأعرق في المنطقة، وربما في العالم كله، تختلف عن دول كثيرة نجحت فيها مساعي الفتنة، وأنشبت أظفارها فيها حتى أهلكتها ودمرت مقدراتها، وأسلمت مقاديرها إلى غير أبنائها، وجعلت مصيرها بأيدي قوى أجنبية تقرر لها ما تشاء. فمصر تمكنت من الصمود أمام جيوش جرارة لقوى دولية كبرى، في مراحل مختلفة عديدة من تاريخها، كما أنها أفشلت كل مخططات العنف والإرهاب التي تعرضت لها، وانتصرت على كل قوى البغي والعدوان التي أرادتها بسوء، وكلنا يعرف موجات الإرهاب التي شهدتها مصر في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، والتي تلاشت كلها في النهاية، وانتهت إلى لا شيء، ولم تفلح في تحقيق أي هدف من اهدافها.
هذا الرصيد الكبير الذي تملكه مصر في مواجهة الإرهاب، هو ما يجعلها الدولة الأقدر على مكافحته والقضاء عليه، وكما انتصرت في كل مراحل تاريخها على الإرهاب والإرهابيين، فستنتصر في معركتها الحالية أيضا، وستثبت للعالم كله أنها أكبر وأبقى من كل قوى الشر والبغي والعدوان.