قال الباحث الفلكي الدكتور صالح العجيري: إن أهل الكويت قديما كانوا يترقبون ويستعدون لشهر رمضان المبارك منذ بداية شهر رجب.
وأضاف العجيري في مقابلة مع مجلة «الدريشة» الفصلية الصادرة عن وكالة الانباء الكويتية (كونا) في عددها الرمضاني: أن شهر رمضان أو العيد قديما كانا يأتيان أحيانا في موسم الغوص والناس في البحر فيعود الرجال إلى بيوتهم لإكمال صيام شهر رمضان ومن ثم يرجعون إلى البحر بعد انقضاء العيد وهو ما يطلق عليه «الغوص غوصان» لأنهم يغوصون مرتين في الموسم الواحد.
واستذكر العجيري مقدمات لشهر رمضان من أهمها الاحتفال بدق «الهريس» قبل قدوم الشهر الفضيل بنحو ستة أيام حيث كانت نساء الحي يجتمعن ويتعاون لدق «الهريس» بـ «المضرابة» الخشبية ذات العمود الطويل حيث تقوم نساء «الفريج» اي الحي برش القمح بالماء ومن ثم يدقنه من أجل إزالة القشرة.
وأشار إلى أن رؤية الهلال كانت تتم من قبل رجال يتم اختيارهم لهذه المهمة عند الخليج إذ لم يكن هناك تلوث بيئي أو ضوئي وبعد رؤية الهلال يتم إبلاغ القاضي من خلال الشهود ومن ثم يبارك الناس بعضهم لبعض بالشهر الكريم.
وأكد أن الناس لم يكونوا يأكلون «الهريس» إلا في رمضان وحصرا مساء الخميس ليلة الجمعة وهو ما كان يسمى بـ «النافلة» كما يقوم الناس بتوزيعه على الجيران والأقارب وكانوا سعداء جدا بذلك.
وحول الاحتفال بالقرقيعان، قال إن الاحتفال بهذه العادة القديمة والمستمرة حتى أيامنا هذه يكون في ليالي 13 و14 و15 من شهر رمضان فقط ولأنه لم تكن هناك كهرباء فكان الأطفال يخرجون في الليلة المقمرة بطبلة أو بالإناء وهم يلبسون لباس الغوص الأسود ويتم توزيع الحلوى عليهم.
ويستذكر الباحث الفلكي العجيري من عادات رمضان قديما لعب الأطفال قبل غروب الشمس وأذان المغرب في الشارع فإذا ما سمعوا صوت «الواردة» أي مدفع الإفطار بدأوا بالصراخ كنوع من إعلام أهالي الحي بحلول موعد الإفطار.
وكشف أن الناس كانوا يصلون صلاة القيام «التراويح» 20 ركعة وتم اختصارها إلى ثماني ركعات لاحقا وكان إمام المسجد يضع سراجا «سكندري بولغاز» أمامه لكي يقرأ من المصحف الذي يضعه إلى جانبه أو يقرأ مما حفظه.
وقال: انه قبيل نهاية شهر رمضان بيومين يتم توزيع زكاة الفطر وهي عبارة عن «أرز أو قمح أو تمر» وكانت «العديلة» ممتعة فالرجل يشتري الميزان من السوق ويزن «الشعير أو القمح أو التمر» والأولاد حوله ويقومون بتوزيعه على البيوت ولا يقتصر الأمر على أولاد صاحب البيت ولكن أولاد «الفريج» أيضا يشاركونهم فرحة وزن الزكاة.
وحول الاستعداد ليوم العيد أوضح أن ملابس العيد يجب أن تكون جديدة وهي عبارة عن «دشداشة» للرجل في حين أن النساء يشترون «الملفع» وثوبا جديدا والبنات يضعن «الحنة» على ايديهن وكان الأولاد يضعون ثياب العيد «الدشداشة» إلى جانب وسادتهم قبل النوم في ليلة العيد.
وأضاف: انه في السابق لم تكن هناك بنوك في الكويت وكانت النساء يلجأن إلى شراء الذهب لحفظ الأموال «محزم ـ مرتهش ـ هامة..» وهذا الذهب معد للاعارة للنسوة اللاتي لا يمتلكن الذهب من أجل العيد.
وتابع أنه بعد استطلاع هلال شوال بإتمام الصيام 30 يوما أو رؤية الهلال يذهب الناس لصلاة العيد ويكون إبلاغ الناس بيوم العيد من خلال المدفع.
واعتبر أن «العيدية» في السابق كانت أفضل بكثير من الآن وكانت تسبب الفرحة الكبيرة للأطفال وهي عبارة عن «بيزة» أو «بيزتين» وهي العملة الكويتية القديمة.
وعن ألعاب الأطفال قديما قال: «كانت هناك الأرجوحة وهي عبارة عن صندوق من خشب وحبال ولم تكن السيارات موجودة بشكل كبير مثل الوقت الحالي وكان يوجد رجل عنده «لوري» يقف في ساحة الصفاة وكل طفل يحضر بيزته ويركب في «اللوري» إلى الدروازة ومن ثم يعود إلى الصفاة والأطفال فرحون جدا».
وتطرق إلى «بلاع البيزة» الذي يظهر في العيد قديما وهي لعبة تمثال على شكل إنسان يضع الولد في فمه «بيزة» من النقود فيخرج نوع من «الشرار» أو النار من عينيه فيفرح الطفل كثيرا بذلك المنظر ومن ثم يسأل الطفل «وين بيزتي» فيقولون له أخذها «بلاع البيزة».
وأشار إلى أن الناس كانوا سعداء ومتحابين بعضهم مع بعض مستسلمين لقضاء الله وقدره ويقفون إلى جانب بعضهم بعضا فإذا وقع حريق في أحد البيوت أو المحال يسارع الناس إلى المساعدة في إطفائه حتى انهم كانوا يساعدون بعضهم بعضا في بنائه.