كلما زادت رقعة الأمل لدينا بانفراج في العلاقات العربية العربية جاءت أحداث ومواقف وتصريحات تعيدنا إلى نقطة الصفر لنحاول من جديد الاتجاه إلى توافق عربي دائم مستمر، وذلك ليس بالأمر الهين أبدا. تجربة التوافق العربي مرت عبر عقود طويلة من الزمن بمراحل مختلفة لم تكن كلها جيدة، فكان الخلاف والاختلاف هما سيدا الموقف على الرغم من المحاولات الجادة والمخلصة للم شمل الأمة من أجل صالح شعوبها ومستقبلها.
يبدو للمتابع أن التوافق العربي أمر مستحيل لتناقض المواقف وتباعدها بالرغم من العوامل المشتركة والقاعدة الصلبة التي نملكها، فعوامل التاريخ والجغرافيا واللغة والدين قواسم لا يملكها غيرنا كما نملكها ولكن الفرق بيننا وبين الآخرين أنهم يملكون الإرادة الجماعية والمصالح التي تجمعهم، ونحن أيضا نملك الإرادة ونملك المصالح المشتركة ولا نملك الاتفاق على الموقف الواحد الذي يعزز من مكانتنا كأمة عربية على الخريطة العالمية.
في مواقف كثيرة لمسنا التوافق والاتفاق العربي وفرحنا به أيما فرح كشعوب عربية وأيضا إسلامية، آخر تلك المواقف تجلى في نتائج القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت في الرياض مؤخرا والتي وضعت أسسا لعمل جماعي منظم يهدف إلى أمن واستقرار الدول العربية والإسلامية يؤدي إلى ازدهار اقتصادي نتطلع إليه، شهدنا في تلك القمة رسم الخطوط العريضة لخطة متكاملة الأركان هدفها رفع مكانة الدول العربية والإسلامية إلى مرتبة الشراكة الفاعلة مع المجتمع الدولي عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص وهو أمر غاية في الأهمية يعود بالنفع التام على حاضرنا ومستقبلنا.
التوافق العربي ليس من سابع المستحيلات أبدا، بل هو في متناول اليد لكنه يحتاج إلى جهد جماعي مخلص من أجل تحقيقه والمضي قدما نحوه دون عثرات ومواقف لا تخدم المصالح العليا لوطننا العربي الكبير.