• نوفمبر 22, 2024 - 10:52 صباحًا

السيسي وسياسة خير الكلام في القمة العربية الإسلامية الأميركية

«خير الكلام ما قل ودل»، أفضل ما يمكن أن يقال عن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمام القمة العربية الإسلامية الأميركية بالرياض، الأحد الماضي، فهو أوجز بشكل مختصر ومفيد وقوى ومعمق أيضا الاستراتيجية التي يجب أن يعتمدها المجتمع الدولي إذا كانوا راغبين فعلا في مكافحة الإرهاب، فالوقت لم يعد يسمح بالمزيد من الجمل الرنانة ولا الكلام المعسول، وإنما حان الوقت للعمل الجاد لوضع حد لهذه الآفة التي تسبب خسائر متزايدة في الأرواح والأموال أيضا.
باختصار شديد وبدون مبالغة ولا انحياز لشخص الرئيس، يمكن اعتبار كلمة الرئيس في الرياض ميثاق عمل، خصوصا أنها احتوت على المطلوب عمله، وأيضا طرحت أسئلة تحدد الإجابة عليها ما يمكن عمله فعليا لمواجهة الإرهاب في العالم كله، خصوصا الأسئلة المتعلقة بمن يقوم بتوفير الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين، ومعالجة المصابين منهم، وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ ومَن يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها.. كالبترول مثلا؟ ومن يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟
هذه الأسئلة مهمة جدا في توقيتها وطرحها أمام قادة يمثلون خمسين دولة، بينهم دول متورطة فعليا في تقديم العون والمساعدة للإرهاب والإرهابيين في المنطقة، وهي دول معروفة للجميع بالاسم، وهناك آلاف الأدلة على تورطها، لكن للأسف الشديد تطغي دائما لغة المصالح الخاصة بين الدول على المصالح العليا للمجتمع الدولي، وتكون النتيجة أن داعمي وممولي بل وصانعي الإرهاب يجلسون على مائدة واحدة مع المتضررين من الإرهاب ليبحثوا جميعا عن مخرج وحل لمواجهة هذه الظاهرة التي تسعى لتفكيك المجتمعات وزعزعة استقرارها وتمثل تهديدا جسيما لجميع شعوب المنطقة كما تقوض جهود وفرص التنمية.
الاستراتيجية التي طرحها الرئيس السيسي أمام قمة الرياض لمواجهة الإرهاب تقوم على أربعة عناصر، الأول أن «مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز فلا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني»، أما الثاني فهو «أن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة كل أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجي، فالإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي».
ثالث عناصر الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب كما طرحها الرئيس تتلخص في «القضاء على قدرة تنظيماته على تجنيد مقاتلين جدد من خلال مواجهته بشكل شامل على المستويين الأيديولوجي والفكري، فالمعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز»، وذكر الرئيس الحضور بمبادرة تصويب الخطاب الديني التي أطلقها قبل عامين بحيث يُفضي ذلك لثورة فكرية شاملة تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيرات خاطئة.
العنصر الأخير في الاستراتيجية المصرية التي طرحها الرئيس متعلق بالوضع الأقليمي، بقوله «إنه لا مفر من الاعتراف بأن الشرط الضروري الذي يوفر البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية هو تفكك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية في منطقتنا العربية»، فإغراق المنطقة في فراغ مدمر وفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا في صراعات طائفية وعرقية.
هذه هي عناصر الرؤية المصرية لمكافحة الإرهاب والتطرف مطروحة أمام الجميع، فإذا كانوا جادين في العمل عليهم اعتمادها كمنهج عمل، إلا إذا كانوا يريدون شيئا آخر.

Read Previous

إذَا تماحكَ أبناء الوطن تَطَاوَلَ عليهم الغُرَباء

Read Next

مصر عصية على العدوانية إلى الأبد

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x