خلال الزيارة التي قام بها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى الولايات المتحدة، لم تكن قضايا الكويت ومصالحها فقط حاضرة في دائرة اهتماماته، وعلى أجندة مباحثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل كانت قضايا ومصالح كل دول مجلس التعاون الخليجي، وسائر الدول العربية حاضرة أيضا وبقوة. ذلك أن سموه يدرك جيدا، بخبرته السياسية الطويلة والعميقة، أنه لن يتحقق لأي دولة الأمن والاستقرار بشكل كامل، مهما توافرت لها الأسباب والركائز لذلك، ما لم تكن المنطقة كلها آمنة مستقرة .
ومن هنا فقد جاء تركيز سمو الأمير في المباحثات الثنائية مع الرئيس ترامب، على ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية الحالية، وإعادة اللحمة بين الأشقاء، من أجل استئناف التعاون والتنسيق تجاه الكثير من القضايا المشتركة، ومواصلة تحقيق أحلام وطموحات شعوب دول مجلس التعاون في غد أفضل وأكثر ازدهارا وإشراقا.
وبطبيعته المتفائلة فقد رفض سموه نغمة اليأس التي يروج لها البعض، مؤكدا ثقته في قدرة الكويت على إعادة دولة قطر «للتحليق داخل السرب الخليجي»، وثقته أيضا في حكمة قادة دول الخليج، والتي ستقود في النهاية إلى التقارب والتآلف، وتبديد كل الغيوم العارضة في سماء المنطقة.
ولا شك أن الزيارة السامية للولايات المتحدة كانت ناجحة نجاحا كبيرا بكل المقاييس .. وقد ظهرت نتائجها على الفور عبر الاتصالات التي أجراها الرئيس الأمريكي مع قادة السعودية والإمارات وقطر، والتي فتحت قنوات التواصل مجددا بين الأشقاء، وأكدت أن الحل ممكن وميسور من خلال «الحوار والجلوس معا»، كما ذكر صاحب السمو في مؤتمره الصحفي مع الرئيس ترامب.
هذا الجهد الكبير الذي قام به سمو الأمير، يأتي متزامنا مع احتفال الكويت بالذكرى الثالثة لتكريم الأمم المتحدة له، وتسميته «قائدا للعمل الإنساني»، وتسمية الكويت «مركزا للعمل الإنساني»، ليؤكد أن «أمير الإنسانية» يبذل على الدوام جهودا كبيرة، ليس فقط لإغاثة الملهوفين، ونجدة المكروبين، وتقديم يد العون والمساعدة لكل المحتاجين في العالم، بل إن دائرة اهتماماته تتسع لتشمل أهدافا أكبر وأوسع، متمثلة في رغبته بأن يسود الأمن والاستقرار والسلام كل أرجاء الأرض .. وهو هدف نبيل وعظيم ويستحق أن يشاركه في السعي لتحقيقه كل زعماء العالم.
وإذا نظرنا إلى الزيارة من الجانب الكويتي، فإن النتائج التي تحققت كبيرة جدا، وشاملة للكثير من المجالات، من حيث تعزيز التعاون العسكري، وتزويد الجيش الكويتي بأحدث الأسلحة والمعدات، ومكافحة الإرهاب، فضلا عن زيادة فرص الاستثمارات المتبادلة بين الدولتين، وخلق بيئة استثمارية جاذبة في الكويت، لدعم سوق العمل، وتعزيز متانة الاقتصاد الوطني، واستقطاب أجود الفرص الاستثمارية . وفي اعتقادنا أن النتائج المتحققة من زيارة صاحب السمو للولايات المتحدة كبيرة وهائلة، وأن الزيارة تدشن مرحلة جديدة في العلاقات بين الكويت وأمريكا . ونتمنى استثمار نتائجها الاقتصادية بشكل خاص، لأنها بلا جدال ستعود على الكويت بالكثير من الخير والمنفعة.
ومن المؤكد أن هذا الاهتمام الكبير الذي أولاه الإعلام العربي والدولي للزيارة، ولتصريحات سمو الأمير في أثنائها، يثبت مجددا ما يحظى به سموه من تقدير عربي وعالمي، وأن مكانته كقائد للعمل الانساني، هي مكانة مستحقة، وأن سموه لم يتوقف يوما عن العمل والسعي من أجل خير وطنه وأمته، وسعادة وسلام البشرية جمعاء.