• نوفمبر 23, 2024 - 2:39 مساءً

ما بين الغراب والإنسان

قد تبدو حادثة نادرة وقد تمر مرور الكرام لكنني أراها حادثة دالة، تندرج على «الغراب» الذي قام بها، وتتعداه إلى الإنسان. أما الغراب فهو ذلك الطائر الذي نعرفه جميعا، والذي يخشى الإنسان ويخاف من الاقتراب منه، لكنه هذه المرة وفى الإسكندرية وفي أحد أحيائها الشعبية تجرأ الغراب ودخل من نافذة مفتوحة لأحد البيوت وانقض على جسد طفل رضيع ونهشه في رقبته بعدوانية باحثا عن طعام له في جسده الضعيف ومات بالطبع هذا الطفل المسكين من جراء هذا الهجوم المباغت من الغراب.
وفي تعليق أساتذة الطب البيطري على تلك الواقعة الغريبة أكدوا أن في سلوك هذا الغراب جديدا وخطيرا، لأن طبيعة هذا الطائر لا تمثل عادة خطرا على حياة الإنسان، كما أن تكوينه الجسماني يخلو من المخالب والمناقير الحادة ولا يصلح للهجوم، بالإضافة إلى أنه يخشى الأماكن المغلقة.
وعندما طرح محرر مكتب الأهرام بالإسكندرية، الذي كتب عن هذا الوضوع، سؤالا على مجموعة من أساتذة الطب البيطري عما يرونه جديدا في سلوك هذا الطائر، أجمعوا على الآتى «التلوث البيئي» هو الذي أدى إلى تغيير في سلوك الطيور والحيوانات، ذلك أن انتشار القمامة أصبح له تأثيره الواضح على سلوك القطط والكلاب أيضا في الشوارع، فقد أصبحت أكثر عدوانية تجاه المواطنين، وكثيرا ما تقوم بمهاجمتهم للحصول على الطعام وبدأ التأثير يمتد إلى الطيور، لذا فإن رفع القمامة وتحقيق النظافة العامة هما من الأمور المهمة لحماية الإنسان من التغير المفاجئ في سلوك تلك الحيوانات التي قد نعتبرها حيوانات مستأنسة.
هذا هو التلوث الأول، القمامة، أما التلوث البيئي الثاني فهو تلك الترددات والشحنات الكهربائية المنتشرة في الهواء نتيجة انتشار أبراج شبكات الهواتف المحمولة وهي تؤثر على كافة الكائنات الحية ومنها الإنسان بالطبع، وتؤدي إلى إثارة الطيور والحيوانات وجعلهم أكثر عدائية.
دفعنى هذا التحليل العلمي لأثر التلوث البيئى على تغيير سلوك الحيوانات والطيور إلى التفكير في الإنسان الذي يتلقي هو الآخر تأثير شبكات الهواتف المحمولة ويعاني من انتشار القمامة ويتعذب في زحمة الشوارع وتكدس وسائل المواصلات العامة وهرج ومرج حالة المرور وزغيق أصوات الميكروفونات بالمقاهي والمطاعم والزوايا، والذي يسير في نهر الطريق مصاحبا للسيارات والموتوسيكلات والتكاتك، حيث إن الأرصفة أصبحت للمحلات والمقاهى، هذا المحيط العام الذي يعيش فيه عموم المواطنين أصبح ضاغطا على الأعصاب، طاردا للإحساس بالراحة والأمان، ألا يؤثر ذلك على سلوك المواطنين وعلى أخلاقهم وحتى على لغة التخاطب بينهم؟ قطعا له تأثيره الذي نراه ونلمسه وكثيرا ما نستهجنه.

Read Previous

صباح الإنسانية

Read Next

كيف نتعامل مع التقارير العالمية ضدنا؟

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x