• نوفمبر 23, 2024 - 4:22 صباحًا

محاولة جادة لمعالجة فن الحوار المفقود بين الشرق والغرب

تظل جسور التواصل بين الشرق والغرب أحد أكثر التحديات الإنسانية، في فترات تاريخية وفِى محاولات عنترية أكثر منها واقعية، حاولت أجزاء من هذا الطرف أو ذاك أن تسيطر على الطرف الآخر. وفِي مرات عديدة حاول أفراد ممارسة العولمة حتى قبل اختراع المصطلح، فكان المستشرقون وكان «المستغربون» إن صح التعبير، ويمكن اعتبار هؤلاء هم «العولميون الأوائل»، هم الجسور الحقيقية في محاولة الفهم.
وقبل أن أتابع يجب أن أعيد الحق لصاحبه، فصاحب تعبير «العولميون الأوائل» هو شفيق جبر، رجل الأعمال المعروف الذي لم يكتف بمتابعة أعمال المستشرقين وجمعها، بل حاول أن يسير على خطاهم، ومن هنا كانت مغامرته المهمة والشيقة والتي لم تحظ باهتمام مصري كاف رسميا وإعلاميا، للأسف، رغم أهميتها. قد لا تكون هي كل الحوار المطلوب بين الشرق والغرب، لكنها خطوة شجاعة في بدء وتطوير هذا الحوار. هذه المغامرة تمثلت في إطلاق مبادرة مستوحاة من الرسامين المستشرقين المسافرين الذين وقع في غرامهم شفيق جبر، وأتت المبادرة استجابة للوعي المتزايد لدى البعض، هو من بينهم، بالأهمية الكبيرة لتعزيز العلاقات بين الشرق والغرب، والتركيز على بناء جسور التفاهم والتعاون.
أعجبني اختيار اسم المبادرة «الشرق والغرب: فن الحوار»، بالفعل فإن ما ينقصنا ليس فقط الحوار ولكن في الأساس هو غياب الفن في إدارة هذا الحوار عندما يوجد مع الآخر.
وتهدف مبادرة «بين الشرق والغرب: فن الحوار» إلى إعادة بناء الجسور التي كانت موجودة بين الشرق والغرب، وذلك من خلال برنامج تبادل مستمر يهدف إلى ربط وبناء علاقات بناءة بين قادة المستقبل من العالم العربي والغرب من الشباب. ويعمل برنامجها، الذي أصبح يعرف باسم «زمالة جبر» نحو الهدف الرئيسي المتمثل في البناء على العلاقات بين الدول من خلال الحوار بين الثقافات وتطوير المشاريع التعاونية، والتي هي نتيجة لرؤى مشتركة من الشباب المشاركين في المبادرة.
وفي كل عام، تتكون المبادرة من 20 -24 فتاة وشابا، حوالي 10 أميركيين و10 مصريين، مع توزيع متساو للرجال والنساء. يقضي المشاركون في البرنامج أسبوعين فى مصر، يليهما أسبوعان آخران في الولايات المتحدة، ويستمر بناء علاقات دائمة من خلال التدريب العملي على الأنشطة، المشاركة في النقاشات، والتفاعل القائم على شبكة الإنترنت، والأهم من ذلك، مشاريع العمل التعاوني الخاصة بهم.
عندما أطلق شفيق جبر في العاصمة الأميركية واشنطن مبادرته منذ حوالي خمسة أعوام كنت حاضرا، وكان ذلك الإعلان في متحف متروبوليتان الشهير في ليلة مصرية راقية مبهرة، وفِي حضور أميركي رفيع المستوى وثقافي وديبلوماسي عالمي. استقبال الفكرة كان شديد الإيجابية، حماسة جبر للمشروع لم تتوقف منذ بدئه، بل إنه تعامل معه طوال الوقت كأولوية رئيسية بين أعماله وارتباطاته بل ومشاكله.
لذلك لم يكن غريبا، رغم قيمته، التكريم الذي حصل عليه شفيق جبر الشهر الماضي عندما اعترف مركز لندن لبحوث السياسات، وهو مركز فكر معروف في السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركي، وقريب الصِّلة بالجمهوريين، على مدى السنوات الخمس الماضية بالمساهمين في تعزيز التفاهم والحوار ومنح المركز شفيق جبر جائزة الحرية الأميركية المرموقة (للمرة الأولى تمنح لغير أميركي)، لجهوده في بناء الجسور على أساس المنفعة المتبادلة مع الدول ذات الأهمية الحاسمة للولايات المتحدة. المؤسف أيضا أن أحدا لم يهتم إعلاميا بهذا التكريم الذي كان شريكا له فيه هنري كسينجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق.
مثل هذه المبادرة، ومثل هذه الشخصية هي ما يمكن اعتبارها عناصر مهمة فيما نطلق عليه القوة الناعمة للدولة. وهو أمر جدير بمن يهتم بمصلحة هذه الدولة أن يهتم به ويدعمه.
حرمتني الظروف مرتين متتاليتين من المشاركة في هذه المبادرة المهمة، وأشعر بالحزن لذلك، ولكني أعتزم ألا أفقد مثل هذه الفرصة مرة ثانية.

Read Previous

العم علي يوسف المتروك

Read Next

الكويت و3 دول خليجية تعرض استضافة السوبر المصري

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x