أذهلني ذلك الرقم، حالة طلاق جديدة في مصر كل دقيقتين وإحدى عشرة ثانية، أعدت قراءة الرقم كثيراً لأتأكد من صحته وهو الصادر حديثاً عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. أي ما يقرب من ثلاثين طلاقاً في الساعة الواحدة، أي سبعمائة طلاق في اليوم الواحد، وفى الشهر يتعدى الرقم واحداً وعشرين ألف حالة طلاق في مصر.
مؤشر يستحق أن يتوقف عنده محللو البيانات والمتخصصون في التحليل الاجتماعي والنفسي والإنساني والاقتصادي بل والسياسي فى مصر. هو رقم من دم ولحم، يخص كائنات إنسانية تتحول العلاقة بينها إلى مواجهات قضائية ومالية قاسية قد تستمر لشهور ولسنوات وربما لا تنتهى، خاصة إذا ما كان هناك أطفال حيارى بين الجانبين.
كالعادة تصدرت القاهرة رأس القائمة، وحتى الصعيد الذى كان متميزاً بصلابة بنائه الأسرى تخلخل الحال ودخل إلى الحلبة وتصدرت محافظة (قنا) مدنه وقراه.
قصص آتية من الريف عن أسباب الطلاق، عن تأثير البطالة بعد تجريف الكثير من الأراضي، عن تدخل الأهل وأعباء الغارمات، عن التعنت في متطلبات الزواج التي لم يعرفها الريف المصري من قبل، عن الزحمة في المدن وأطرافها وما تنتجه من أخلاق غير سوية وأعصاب ملتهبة على الدوام، عن ارتفاع سقف التطلعات بما لا يتناسب مع الدخول المحدودة والمتناقصة، عن مصاريف المدارس والجامعات التي تحوّل معظمها إلى مشروعات تجارية مرهقة التكاليف دون رادع حقيقي من الجهات المختصة حتى أصبح التعليم خارج البلاد أقل كلفة، حتى الانشغال بالموبايل والإنترنت بالصورة المبالغ بها في المجتمع المصري ومن كلا الزوجين أصبح من أسباب الطلاق. أما الأسباب القديمة كتعاطي المخدرات والخيانات الزوجية والسرقة والكذب ما زالت قائمة لا نختلف فيها عن مجتمعات كثيرة.
حالة طلاق في مصر كل دقيقتين وإحدى عشرة ثانية فقط، رقم مذهل لا يجب أن يمر أمامنا مرور الكرام. ماذا حدث لنا؟ ماذا حدث للمصريين؟ وتلك مقولة الكاتب القدير الراحل د. جلال أمين.
د. درية شرف الدين
( المصري اليوم )