احمد الجار الله
لأنَّ في الإعادة إفادة، وكي لا يأخذَها المُصطادون بالمياه العكرة ذريعة ليقولوا: إن في معالجة قضية القروض، كما ذكرنا سابقاً، عدم عدالة اجتماعية، وهدراً للمال العام، ومَسَّاً بحقوق الأجيال القادمة، وغيرها من المزاعم، التي أخشى ما أخشاه أن يكون القصد منها إيجاد شرخ بين الشعب وقيادته السياسية، وهي من ضمن الدعوات الرافضة لأي حلول لقضايا الناس، مثل حقول الشمال و”الداو” وغيرهما من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي أجهضتها تلك الجماعة.
نعود ونكرر: إن الذين اقترضوا لم تكن لديهم أيُّ مشكلة بالتسديد، وكذلك من أقرضهم كان مطمئناً إلى أنَّ سيسترد دينه، لكن الظروف الاقتصادية والمالية أدَّت إلى تعثر هؤلاء، وهنا لا أتحدث عن الديون التجارية الضخمة، إنما عن القروض الاستهلاكية البسيطة، التي أدت إلى كثير من المشكلات الاجتماعية للأسر كويتية.
يا حاكمنا الرضي، ويا ولي العهد الأمين، ويا رئيس مجلس الوزراء النظيف الكف، إن الذين يُبدون الرأي المعاكس لرغبة شريحة كبيرة من الكويتيين، ويبدعون في التنكيل بنحو 120 ألف كويتي وأسرهم، لا يُصوِّرون الأمر بواقعية، ويضخمون المسألة كي يثبتوا صحة مزاعمهم، فيما الحل بسيط، ولا يكلف الدولة أي أعباء، وهو أن تتفق مع البنوك على إسقاط فوائد القروض أو تخفيضها، وتضمن أصل الدَّيْن مع إعادة جدولته على عشرين أو ثلاثين سنة، تماماً مثل قرض السكن والأرض.
إذا فعلت ذلك فإنها تضمن سداد المواطنين للمديونيات بمبالغ زهيدة من رواتبهم، وتحد من المشكلات الاجتماعية الناشئة عن ذلك، إضافة إلى أنها تخفف عن القضاء المزدحمة أروقته بالمتقاضين على مبالغ بسيطة جداً.
أما بالنسبة إلى الدائنين فعليهم الانتباه إلى أن هناك قانوناً جديداً أقر، ونقصد به قانون الإفلاس، الذي سيحمي المدين، ويمنع الزج به في السجن أو بيع بيته في المزاد، أو حتى منعه من السفر، كما أن الديون التجارية لها مخارجها في هذا القانون، وبالتالي عليهم أن يعملوا بقول المثل: “كي لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم”، وأن يتعاطوا مع المسألة بوعي، حتى لا يفقدوا كل شيء، ويخسروا ديونهم.
حين بدأت جائحة “كورونا” هبَّت الدولُ إلى مساعدة شعوبها، وها هو الكونغرس الأميركي يقر، وللمرة الثانية، حزمة تحفيز ودعم ضخمة، إضافة إلى منح كل مواطن ألفي دولار، بعد المنحة السابقة التي كانت 1200 دولار، فيما معظم دول الخليج أقرت تسهيلات ائتمانية للمواطنين وأسقطت بعض القروض، وخفضت فوائد الأخرى.
للأسف، في الكويت المعالجات مختلفة تماماً، وغير علمية ولا عملية، بل خيالية، ففي صندوق المُعسرين وضعت الشروط القاسية التي لم تخدم الهدف، وفي التحفيز لمواجهة التبعات السلبية لـ”كورونا”، أيضاً، كانت شروطاً تعجيزية لا يُمكن لأي مواطن تحمُّلها، وهو ما أدى إلى اتساع رقعة العجز الاقتصادي والمالي.
أقول ومن موقعي كمراقب وكاتب: أخشى أن يكون هدف الذين يعارضون حلَّ هذه القضية البسيطة أحد أساليب التآمر على نظام الحكم في البلاد، من خلال المُباعدة بين الناس والقيادة، وزيادة منسوب التذمر.
أحمد الجارالله
( السياسة الكويتية )
24 ديسمبر 2020