من قال إن قانون العفو الشامل الذي يطنطن عليه بعض النواب المتكسبين هو مطلب شعبي؟
ومن قال إن هذا التشريع لن ينطوي على مثالب قانونية وسياسية، وربما يمس سيادة الدولة وهيبة حكمها إذا تم تفصيله وإقراره بالطريقة التي تريدها رؤوس المعارضة الهاربة إلى الخارج من قبضة العدالة؟
من أطلق الخطابات المتمردة في وجه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وحرّض الشباب المغرر بهم على الفوضى، واقتحم المرافق الحكومية العامة، عليه أن يعتذر أولا بلا مكابرة، أو ادعاء مفرط بالوطنية والمظلومية، ثم ينبغي تاليا أن ينفذ العقوبات الصادرة بحقه المؤيدة بأحكام قضائية نهائية، كما فعل ذلك النائبان السابقان د. فهد الخنة ود. وليد الطبطبائي، وعدا ذلك، نكون قد سلمنا رقابنا لزمرة من السياسيين المتمردين الذين يرغبون بإعادة مسلسل الإثارة واللجوء إلى الشارع، وفرض الأمر الواقع مستخدمين أسلوب الغوغاء.
ظهر علينا هذه الأيام مارقون يسربون كلاما مسموما وتحريضيا يستهدفون من خلاله أحد أقطاب النظام الحاكم، ويتهمونه بالوقوف في وجه قانون العفو الشامل، وتعطيل الحياة البرلمانية، إذا حصل هذا التشريع على موافقة الأغلبية النيابية، وبالطبع، فإن مثل تلك المهاترات والترويجات الاستعدائية الخطيرة تستلزم حزما من الأطراف التي بيدها القرار حتى لا تنفلت الأمور لا سمح الله، ونعود إلى مربع مظاهرات الساحات والشوارع والأجندات المدسوسة.
المسائل السيادية وهيبة الحكم والأمن الوطني والحفاظ على الجبهة الداخلية، ومراعاة المصالح العليا للبلاد، كلها أمور، لا تحتمل التساهل أو التجاهل، لذا، يفترض بنواب الاستعراضات السياسية أن يفهموا جيدا أن أي طريق إلى العفو، أو المصالحة الشاملة لا بد أن ينطلق من احترام دولة القانون والمؤسسات، وانتهاج الحوار، والأدوات الحضارية المشروعة، عوضا عن الهمجية في الأقوال والتصرفات.
أسرة الحكم في الكويت كانت وما زالت قريبة من الشعب وأبوابها مفتوحة للجميع، ولطالما آمنت إيمانا مطلقا بأهمية التشارك بالقرار والمسؤولية مع أهل الديرة في كل صغيرة وكبيرة، والتاريخ، قديمه وحديثه، يؤكد هذه الروح من التواصل والتفاعل والانسجام بين الحكام وفئات المجتمع كافة، لكن يبدو أن هناك نزعة من متشيطنين لضرب تلك الأواصر المتينة.
الديمقراطية لا تعني الاستسلام والإذعان لثلة من الحمقى السياسيين، فالدستور الكويتي، في المادة 50، وضّح أهمية فصل السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، مع تكاملها وتعاونها، وإذا كانت هناك مجموعة نيابية ترغب باختطاف قرار المجلس، فمن الواجب مواجهتها، سياسيا وقانونيا، وإذا تمادت، فإن آخر الدواء الكي.
من المهم إعادة النظر في بعض مواد الدستور الخاصة بمجلس الأمة، مع ضرورة تقييم التجربة البرلمانية وترشيدها بصياغة أخرى تنفع ولا تضر، فنحن ننتظر بفارغ الصبر هذا القرار التاريخي الشجاع
عبد الرحمن المسفر.
مستشار إعلامي
Almesfer2215@hotmail.com
( السياسة )
28 ديسمبر 2020