إذا كنتَ مشغولًا بالشأن العام، ولديك أسئلة لم تجد لها إجابة، فانتظر لقاءات الرئيس، وسوف تعرف كل شيء.. فالرئيس يتكلم فى كل شىء دون حساسية.. فالذين استفسروا عن القطار الكهربائي قد وجدوا الإجابة عند الرئيس.. والذين يسألون عن تطوير السكة الحديد قد فوجئوا بأن العمل فى السكة الحديد مستمر، وسيأتي عام 2022 ليتم تجديد الشبكة والقطارات والجرارات.. وهى خطوة جيدة للغاية.. فلن يكون هناك قطار قديم أو جرار قديم بنهاية 2021.. وإذا كنتَ تسأل عن شقة أو الصرف الصحي لقريتك، فبالتأكيد أصبحت لديك إجابة بعد مؤتمر الرئيس فى بورسعيد!
فى لقاءات الرئيس سوف تجد كل المعلومات وتسمع اسم قريتك فى المؤتمر، وتراها على الخريطة التي يعرضها رئيس الوزراء أو أى وزير فى الحكومة.. سوف تعرف المستشفى المجاور لك متى يدخل الخدمة؟.. وسوف تعرف مدرسة قريتك متى تعمل؟.. وسوف تعرف محطة الصرف الصحي المُعطَّلة متى تعمل، وسوف ترى ترعة بلدكم إن كان قد تم تبطينها أو أنها فى الخطة.. كل هذا وأكثر بشفافية لا حدود لها!
أحيانًا لا تريد الحكومة من الرئيس أن يتكلم.. وأحيانًا تطالبه الأجهزة بألّا يطرح موضوعًا معينًا.. لكن الرئيس يصر على مكاشفة الرأي العام.. وفى مؤتمر أمس تصورت أن رئيس الوزراء سوف يقدم كشف حساب للرئيس، واكتشفت أنه يقدم خطة الحكومة المستقبلية، وألزم نفسه بإنهاء المشروع القومي لتطوير القرى المصرية وتغيير خريطة مصر خلال ثلاث سنوات، والتي كان مُقدَّرًا لها أن تنتهى فى عشر سنوات، وأرجو ألّا تكون خطة رفع الكفاءة على حساب الكفاءة!
وقد لاحظت أن ردود الرئيس تشمل جميع ما يشغل الرأي العام ويثير التساؤلات.. ومعناه أن الرئيس يتابع مناقشات الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي، وفى الصحف والفضائيات ومجلس النواب.. وكنت أتمنى أن يتكلم عن تصفية مصنع الحديد والصلب، وهل هناك حل آخر أم لا؟!
ولكنه لم يتكلم.. وأنا أُثمِّن هذا التوجه الرئاسي.. خاصة أن مجلس النواب يتناول الموضوع.. ولو تكلم فيه الرئيس لاعتبرناه مصادرة على موقف مجلس النواب.. والحمد لله لم يفعل.. وبالتالي فتح الباب للجميع لكى يتكلم براحته، ونعرف موقف مجلس النواب، دون إيحاء للجميع بأن الموضوع «اتقفل».. ومن هنا فقد ترك الحبل ربما يكون هناك اتجاه لتغيير دفة الموضوع!
لا أدَّعِى أن عندي معلومات عن الموضوع.. فقط أتوقع أن الرئيس لم يغلق الباب فى الموضوع حتى يترك فرصة للنقاش العام والإجراءات النيابية حتى لا يُقال إنها تمثيلية.. كما نسمع!.. فلو كان الرئيس قد تكلم لأرسل إشارات بأن اتجاهات الريح كذا وكذا.. الحمد لله لم يحسم الموضوع بأي كلمة منه.. وهى إشارة إلى أن هناك مجلس نواب بيده الأمر الآن.. فإن انتهى إلى التصفية فهو قرار المجلس، وإن انتهى إلى إلغاء القرار فهو قرار المجلس، ومعناه أن المؤسسات بدأت تعمل.. وهو يفسر لماذا لم يتكلم الرئيس عن «الحديد والصلب»؟!
محمد أمين
( المصري اليوم )
23 يناير 2021