نعيش هذه الايام أفراح العيد الوطني الـ 60 والذكرى الـ 30 للتحرير، وهي أفراح مستحقة – ولكن ينبغي ألا تنسينا، ولو للحظة واحدة، أن هذا الاستقلال ما كان ليتحقق، وأن التحرير ما كان ليتم، لولا تمسكنا بوحدتنا الوطنية، ورفضنا التفريط في هذه الوحدة باي صورة من الصور، وأننا دفعنا ثمنا باهظا باهظة من دماء شهدائنا، الذين بذلوا أرواحهم فداء للوطن.
ذلك هو الدرس الأهم والأعظم من دروس الأعياد الوطنية، والرسالة التي يجب ألا تغيب يوما عن أنظارنا..
ولكن للأسف على الرغم مما لدى الكويت كل عوامل ومؤهلات الاستقرار والتنمية ، من حكم رشيد يحرص على التواصل أبناء شعبه وتلمس احتياجاتهم وهمومهم ، وديموقراطية تتطلع شعوب كثيرة لأن تتمتع بمثلها، وتمكين صارم لدولة القانون التي يصبح جميع المواطنين فيها سواسية، في الحقوق والواجبات، وإعلان للحرب على الفساد بكل أشكاله، ومحاسبة مرتكبيه مهما كانت مناصبهم ومواقعهم الوظيفية.
على الرغم من ذلك كله فنحن نبحث بأنفسنا عما يجلب لنا المشكلات والأزمات، والتي إذا حاولت أن تعرف أسبابها ومبرراتها، فلن يخرج الأمر عن كونه سعيا من البعض إلى تحقيق مصالحهم الشخصية، ولو كان ذلك على حساب المصلحة العليا لوطنهم، وعلى حساب أمنه واستقراره، حتى لو غلف هؤلاء أهدافهم الحقيقية بشعارات براقة، تزيف الواقع وتقلب الباطل حقا والحق باطلا. وهم ـ مع الأسف ـ لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم، لأنهم ببساطة لو كانوا يتمتعون بالحد الأدنى من الإدراك والوعي، لأيقنوا أن مصلحتهم لا تنفصل بأي وجه عن مصلحة دولتهم، ولتفانوا في ترسيخ أمنها واستقرارها، والنأي عن كل ما يضرها أو يشكلا مساسا بها أو أذى لها.
صحيح أن أحدا لا يستطيع أن ينازع ممثلي الشعب تحت قبة عبد الله السالم ، حقهم في استخدام أدواتهم الدستورية لمراقبة الحكومة ومحاسبتها، لكن ذلك يمكن أن يتم ـ
كما يحدث عادة في الدول عريقة الديموقراطية ـ في إطار من الرشد والنضج السياسيين، ومن دون الدخول في أزمات واحتقانات سياسية، تزعزع الاستقرار الذي هو أساس التنمية وحامي مكتسباتها. . ولا حاجة بنا إلى أن نكرر ما سبق أن نبهنا إليه كثيرا، من أهمية أن نأخذ الدرس والعبرة، من تجارب دول عديدة ، قادتها حالة عدم الاستقرار إلى أزمات وكوارث أكلت الأخضر واليابس، ولم تترك فيها شيئا قائما على حاله وتحولت إلى “أشباه دول ”
ومن ثم فإن من المحتم بناء على هذه الرؤية ترشيد ممارساتنا السياسية، داخل مجلس الأمة، عبر حسن استخدام الأدوات الدستورية، وتجنب الإسراف في توتير العلاقة بين السلطتين، والذي لن يستفيد منه أحد، بل سيتضرر منه الجميع،
إننا نتمنى أن يقول العقلاء كلمتهم، وأن يفرضوا حكمتهم، حتى لا تسود الغوغائية التي هي أساس الفوضى والباعث عليها والمؤدي إليها، وأن نعي جميعا بأننا في سفينة واحدة، وأنه ليس من حق أحد أن يخرق هذه السفينة، ومن واجبنا أن نمنعه لننجو جميعا.
إن الكويت التي قدمت الكثير لأبنائها، لا تستحق أن نفعل بها ذلك، فارحموا الكويت، واتقوا الله فيها وفي أنفسكم، وردوا لها ولو بعضا من جميلها عليكم، وتعاونوا بكل ما تملكون من أجل حماية أمنها واستقرارها وتحقيق التنمية المنشودة .
حفظ الله الكويت وأدام أفراحها ، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد أمير البلاد المفدى وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد حفظهما الله ورعاهما .