• نوفمبر 21, 2024 - 6:47 مساءً

حان الوقت

الحكومة تدعي الحق معها، ورئيس مجلس الأمة يدعي الحق معه.. المعارضة المتوازنة تدعي الحق معها، والمعارضة المتطرفة تدعي الحق معها، الناخبون يدعون الحق معهم، والأغلبية الصامتة تدعي الحق معها، وبالنهاية سيضيع الوطن.

وسط هذا المشهد القاسي الذي نعيشه في الكويت.. يكاد يضيع صوت الحق بسبب طغيان الصوت العالي والتصرفات الغوغائية التي من شأنها أن تجر خلفها شبابا لا ذنب لهم سوى أن عواطفهم ومشاعرهم جياشة تبحث عن المواجهة أينما كانت، خاصة إذا كانت بنبرة عالية وصاخبة.. ممزوجة بعبارات التحدي القاسية التي تتنافس في إهانة هذا وتحقير ذاك.

اليوم نحن ندخل التاريخ ليس من أوسع أبوابه، بل من أضيقها.. بنفس خانقة وقلب موجوع على وطن تفاخرنا، وما زلنا، فيه في العالم كله.. وطن ما زلنا محسودين عليه بنعمه ورغد عيشه.

إلا أن هذا كله يُنسى فورا وبلمح البصر لمجرد أن فلانا لا نحبه وفلانا لا نطيقه وفلانا لا بد أن ننتزعه نزعا من مكانه.

بلغت الكراهية والتحدي والتمادي بالتعبير عن هذا كله بالصوت والصورة.. فقط لنعلن أننا موجودون ولن نتركه حتى نخفيه من المشهد السياسي كله.

لست مدافعة عن رئيس الوزراء أو رئيس مجلس الأمة أو هذا الوزير أو ذاك.

ولا أدعي أنني أرى نفسي في هذا النفس الجديد والمزعج بالمعارضة، خاصة بعد أن اصطدمت الجديدة منها في حائط مكبرات الصوت والعويل والصراخ..

رئيس الوزراء قد يخطئ أحيانا، ورئيس مجلس الأمة قد يخطئ أحيانا والنواب قد يخطئون أحيانا، والحكومة قد تخطئ أحيانا.. ولكن ذلك لا يسمح لنا أن نُخطّئ الكويت كلها ونحيد بها عن مسار التغيير والتنمية والتطور.

نحتاج سواعد وطنية تعرف كيف تحب وطنها من دون مصالح ضيقة.. تعرف كيف تحتج وكيف تعترض وكيف تنصح وكيف تنبه وحتى كيف تهدد.

الوطن يحتاج سواعد أبناء هذا الوطن العاقلين المتزنين الذين لا يفجرون في كرههم ولا يبالغون في عدائهم.

سواعد تضع كل ما في قلبها جانبا ليتربع الوطن داخله.. تعرف ماذا تقول وكيف تتحدث وتنصح وتقترح.

هذا كله يحتاج إلى مرونة صحية من كل الأطراف.. مرونة تحول دون قطع الحبال.. مرونة تترك لها فرصة التمايل باتجاه أي عاصفة تهب من هذا الطرف أو ذاك.. إلا أنها بالنهاية تعود مكانها.. تربط وتصل كل الأطراف بعضها ببعض.

أي خلافات وعلى أي مستوى لا تُحل إلا بالهدوء والحوار وبعض التنازلات.. شرط عدم التمادي من أي طرف في الرفض أو اشتراط القبول.

من يحب الحكومة أو رئيس مجلس الأمة أو الوزراء أو النواب، ومن لا يستسيغ كل هؤلاء أو غير راض عنهم أو حتى يكرههم، جماعة أو فرادى.. فكلنا سنفقد شيئا واحدا فقط بالنهاية.. إنه وطننا الجميل.

دعوة للجميع للتهدئة والعودة للحوار البناء والمجدي وخلق قنوات جديدة.. وألا يضطر طرف للقيام بما لا نريده ولا نرغبه ولا نتمناه.. أبدا.

إقبال الأحمد

I.alahmad@alqabas.com.kw

( القبس ) 17 ابريل 2021

 

Read Previous

إطلاق مشروع إفطار الصائم في المسجد الأقصى بتمويل كويتي

Read Next

رئيس الوزراء تسلم من الفارس خطة «الأشغال» الإستراتيجية .. تسعى إلى استثمار الخبرات في الوزارة

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x