أسعدُ اليوم في عودتي إليكم عبر زاويتي بعد إجازة قصيرة أردتها للاستراحة من عناء عام أكاديمي استثنائي، خيمت عليه أجواء الخوف من الجائحة وتخللته تحديات كثيرة.. تواصلنا مع طلبتنا عبر الفضاء الإلكتروني، وانقطعنا عن التواصل الحميم مع أحبائنا.. لكن الله سَلّم، والأمور ستعود بحول الله إلى طبيعتها.. وخلالها شَرفتْني الدولة بمهمة وطنية، أسأل الله أن يمدنا أنا وزملائي وزميلاتي فريق العمل بعونه لخدمة هذا الوطن الغالي.
كثير من الأحداث مرت خلال هذه الوقفة القصيرة، ولكن أقربها إلى نفسي كانت تلك الإنجازات التي حققتها المرأة في مواقع عدة على مستوى العالم والوطن العربي وفي الخليج وفي ربوع هذا الوطن خاصةً.
عالمياً، ضمت قائمة جائزة نوبل لهذا العام الصحافية الفلبينية ماريا ريسا، مناصفةً مع الصحافي الروسي ديميتري، لتنضم إلى قائمة النساء الحائزات هذه الجائزة عبر تاريخ منحها منذ عام 1901 إلى 2021، وعددهن 59 امرأة من بين 975 رجلاً.. فازت ماريا بهذه الجائزة لكفاحها الشجاع من أجل حرية التعبير.. تقدم بطيء للنساء في عالم الإنجازات العالمية، ولكن الخير مقبل إن شاء الله.
على الصعيد العربي، سعدنا بتولي امرأة عربية، للمرة الأولى، رئاسة الوزراء في دولة تونس، حيث اختار رئيسها قيس سعيد السيدة نجلاء بودن رمضان لهذه المهمة الصعبة، في بلد يعاني من اضطراب الأوضاع السياسية والتحديات الاقتصادية والصحية. كما ضمت وزارتها 10 وزيرات، ولعل المرأة في هذه المواقع تكون رأس حربة في محاربة الفساد ومعالجة ملفات التنمية وعامل استقرار لتونس.
وعلى مستوى دول الخليج، فقد ضمت حكومة دولة الإمارات الأخيرة 9 سيدات شغلن حقائب عدة تعكس ثقة القيادة الإماراتية في المرأة وقدراتها.
أما في الكويت، ومع بداية هذا الشهر، فجاء قرار تعيين 7 قاضيات من أصل 15 قاضية رئيسات للدوائر القضائية، كدوائر الجنح والقضايا الجزائية.. كمبادرة متقدمة تُبشّر بزيادة تمكين المرأة التي أثبتت جدارتها في تولي وظائف القضاء وكفاءتها في خدمة العدالة.
أما الخبر «الطازج»، أخيراً، فهو قرار وزير الدفاع الشجاع بفتح التحاق المرأة بالسلك العسكري في الجيش الكويتي جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، بعد أن أثبتت المرأة الكويتية جدارتها في سلكَي الشرطة والقضاء، وغيرهما من مواقع العمل الرسمية والخاصة، وفي مختلف المستويات الإدارية.
نتمنى للمرأة دائماً النجاح والتقدم، فقد استثمرت الدولة في تأهيل قواها البشرية، نساءً ورجالاً، وهم بإذن الله سيكونون العنصر الأساسي الذي سيحدث التغيير إن أحسنا توجيه هذه العناصر.. وهنا نتساءل مع نساء الكويت المؤهلات، هل من مزيد.. لهن..؟ نرجو ذلك.
عزاؤنا إرثك الطيب يا أبا هيثم
لم يكن المغفور له بإذن الله الوزير والسفير السابق المرحوم فيصل محمد الحجي شخصية عادية، خصوصاً لنا نحن من زاملناه في دروب العمل السياسي كوزراء، وفي العمل الاجتماعي والتطوعي على مر سنين طويلة.
كان، رحمَهُ الله، مرشداً ناصحاً لنا، خصوصاً في بداية مشوارنا السياسي، وقدوة بأخلاقه وتفانيه ونظافة يده وبشاشة ابتسامته حتى في أصعب مراحل مرضه.
رحمك الله يا أبا هيثم، فقد كنت شهماً مع رفاقك وصحبك ومع من اختلف معك في الرأي أو في العمل.. عزاؤنا إرثك الطيب وذكرك العطر.. لك الرحمة، ولعائلتك – أم هيثم والأبناء والأهل – والأصدقاء والمحبين الصبر والسلوان.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.
د. موضي عبدالعزيز الحمود
m.alhumoud@alqabas.com.kw
( القبس ) 13 أكتوبر 2021