محمد الصقر:
- علي الغانم اقتصادي وسياسي ورجل رياضة ومزارع حوّل تراب الكويت خصيباً
- حفظ لــ «الغرفة» حضورها المميّز ووضع على عباءة الكويت أوسمة دولية رفيعة
- «الغرفة» بعهد الغانم.. انتقلت من جيل المؤسسين للمخضرمين
- شخصية جريئة منفتحة حازمة بلا تعسف وحاسمة بلا تردد وصريحة دون تجريح
علي الغانم:
- عملتُ في «الغرفة» 4 عقود وأشعر أني ما زلت أعمل بها
- إصلاح الكويت بالحرية الاقتصادية والاستقلالية التجارية المحصنة بالكفاءة والمحروسة بالعدالة
- انخفاض مستوى التعليم أخطر من تراجع سعر برميل النفط ودخل الفرد
- لـ «تجار الكويت» بالتعبير التاريخي الأصيل دور رئيسي في قيام الدولة وبنائها وتطورها ونمائها
نظمت غرفة تجارة وصناعة الكويت حفل تكريم لرئيس غرفة التجارة والصناعة السابق العم علي الغانم، وذلك تقديرا لجهوده الكبيرة في خدمة الاقتصاد الكويتي، بحضور رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، وعدد من الوزراء والشخصيات الاقتصادية البارزة، وحشد كبير من أعضاء الغرفة وكبار الشخصيات.
وفي هذا السياق، قال رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر، إن مرحلة رئاسة علي الغانم لغرفة التجارة، كانت بمنزلة الجسر الذي انتقلت عبره الغرفة من جيل المؤسسين الى جيل المخضرمين، حيث كان لشخصيته الجريئة المنفتحة دور كبير في أن يأتي هذا الانتقال بأسلوب ولا أرقى، وتواصل ولا أقوى.
واستطرد، بالقول: «عرفناه حازما بلا تعسف، حاسما بلا تردد، صريحا دون تجريح، وديبلوماسيا حين يغني التلميح عن التصريح، إذ نسج في الأصالة والإيثار والالتزام على منوال من سبقه، ومهد الطريق واسعا لمن يأتي بعده لتطوير يواكب روح العصر في تحديث الوسائل، وتوطين الوظائف، والانحياز بحماس للعلم والتقدم والمستقبل».
وقال الصقر ان علي الغانم، يعد ناشطا سياسيا دخل مجلس الأمة، ورجل رياضة، حيث ترأس نادي الكويت، ومؤخرا اصبح مزارعا غير محترف، حوّل تراب الكويت خصيبا، وطوع مناخها رطيبا، وجعل من مزرعته حقل تطوير لا يتوقف، ومصدر إهداء لا ينضب.
وأضاف: «من قبيل توثيق الحقيقة في حضور شهودها، أو من قبيل الإقرار بالفضل لأهله، أجد من واجبي تجاه من نحتفي به ونحتفل من أجله، أن أتحدث عن علاقة الزميل الكريم أبو مرزوق بغرفة تجارة وصناعة الكويت، التي اختارها منطلقا طبيعيا لعمله الاقتصادي العام، فانضم إلى مجلس إداراتها عام 1981، وتدرج في مواقعه إلى 2004، حين اهدته الغرفة رئاستها بالتزكية والاجماع، إلى أن أعاد إليها أمانتها عام 2020، رغم كل محاولات زملائه في أن يثنوه عن ذلك».
وقال الصقر: «بعد هذا كله، أشعر أنه من الصعب علي، ومن الظلم لك، أن أتجاوز أمورا ثلاثة: أولها، أنك حفظت لغرفة تجارة وصناعة الكويت ما سجلته دائما من حضور مميز، ومؤثر، وبالغ الاحترام، في الأوساط والمنابر الاقتصادية العربية والعالمية، من خلال مشاركتها الفاعلة في منظمات العمل والتجارة، وفي الغرفة الدولية، والغرفة الاسلامية، واتحاد الغرف العربية، واتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مجالس ادارة الغرف العربية الأجنبية المشتركة، وهذه ظاهرة رائعة ومستمرة تضع على عباءة الكويت أوسمة دولية وإقليمية رفيعة».
وتابع: «الأمر الثاني هو جهود الغرفة واجتهاداتها الجادة والمخلصة والجريئة في الدعوة الى الإصلاح الاقتصادي بكل أبعاده، وهي الدعوة التي كنت تحرص دائما على أن تؤكد فيها العلاقة العضوية الوثيقة بين التنمية والتعليم. فالإنسان الكويتي هو منطلق التنمية وهدفها، وانخفاض مستوى التعليم هو أهم وأخطر التحديات التي تواجه الكويت ومستقبلها».
ولفت إلى ان الأمر الثالث الذي يصعب تجاوزه أن أبو مرزوق أصيل الانتماء العربي بقدر ما هو أصيل الهوية الكويتية، ورغم كل ما اعترى العروبة من وهن وتفكك، وما ارتكب في حقها من خطايا وأخطاء مازال مهموما بقضاياها، واثقا من إشراقة فجرها مهما طال ليلها.
قال الصقر: «الأخ الزميل أبومرزوق، لقد عرضت الأمانة التي خلعتها عن كتفك، فأبى أن يحملها من كان أحق بها وأجدر بأدائها، وكنت ظلوما جهولا فأقبلت عليها، لأدرك من اللحظة الأولى كم أرهقت نفسك، وكم أتعبت من أتى بعدك، ولأعرف من المهمة الأولى كم هو شاق المضي في نهج المؤسسين، وكم هو شقي من ينحرف عنه».
وأضاف: «غير أن ما جعلني أقبل على هذه المسؤولية هو أملي بتوفيق الله عز وجل، وتطلعي الى استمرار دعم ورعاية صاحب السمو الأمير، والى تواصل تشجيع سمو ولي العهد للقطاع الخاص ودوره، وما جعلني أقبل على هذه المسؤولية معرفتي بتفهم مجلس الأمة وأهدافه الوطنية، وثقتي بصدق جهود سمو رئيس مجلس الوزراء الإصلاحية وما يشجعني على مواصلة السير في هذا الطريق أنك معنا وبيننا، نعود إليك، ولا تضن علينا».
وفي ختام حديثه قال الصقر: «يشرفني أخي أبو مرزوق أن أنقل إليك مشاعر زملائك أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، الذين أعربوا عن أسفهم العميق لإصرارك على اعادة الأمانة إليهم. وعن ثنائهم الصادق على ما أبليت من إخلاص واقتدار، وعلى ما أبديت من جرأة والتزام، كما عبروا عن اعتزازهم الشديد بما ساهموا في خدمة الاقتصاد الكويتي في ظل رئاستك».
من جانبه، أعرب الرئيس السابق لغرفة تجارة وصناعة الكويت علي الغانم، عن بالغ التقدير والامتنان والعرفان لما لاقاه من مشاعر الود والاخاء والوفاء خلال هذا الاحتفال، حيث قال: «تتزاحم أمام عيني وفي سماء ذهني دلالات زاهية من التعبير الزاهر، وأطياف حائمة من ذكريات الماضي الغابر، وألوان باسمة من أماني المستقبل والحاضر، وجميعها تلح ان ينالها التعبير والبيان، وان يجري بها اللسان والبنان، وانا بينها، لا ادري ما آخذ منها وما ادع، ويضيق بها وقتي وإن اتسع».
وأضاف الغانم: «هذه اللحظات التي أسعد بوقوفي فيها أمامكم، وأسر بالحديث بها لكم لحظات نادرة في حياتي، سارية في نبضاتي، ممازجة لومض خواطري، مخالطة لنبض مشاعري، هي كل ذلك وهي لا غرو ان تكون كذلك».
وتابع بالقول: «المضيف الذي بكرمه غمرني هو مؤسسة المجتمع المدني، الأبعد تأريخا وأصالة، والأسرع اقبالا على الحداثة، هي المؤسسة التي عملت فيها ومعها ولها قرابة 4 عقود لم أوفها فيها حقها، والتي رغم مغادرتي لها اشعر بأني مازلت أعمل بها، وأني لم أغادر قط ساحتها».
وأشار إلى أن الحضور في هذا الاحتفال ليسوا فقط هذه النخبة الكريمة التي جمعها دفء المحبة ونبل الوفاء ورقي التقدير من الرجال، بل هم ايضا أولئك الرواد الراحلون أشباحا، الباقون أرواحا، الذين تركوا بعد رحيلهم مضيء مآثرهم، ووضيء آثارهم.
وشدد الغانم على أن الفترة الحالية على المستوى العالمي، حرجة واستثنائية، حيث تتسابق فيه المتغيرات المقلقة، وتتلاحق الأحداث المؤرقة، وتغشى العالم فيها مخاوف صراع مجنون، ونزاع مفتون، يذكي الغرور ناره وتلهب الغطرسة أواره، ويعلو وجه وطني منه كدر ورهق، وتوجس وقلق، يرسمه اصلاح قاصر، وفساد ظاهر.
وأشار إلى ان الحرية الاقتصادية، هي التفسير التأريخي، لنشوء المجتمع الكويتي، وقيام دولته الفتية، فالعتوب عندما حطوا رحالهم على هذه الرمال المشرقة بأمجاد الأمس، والمتألقة بأشعة الشمس، انما اكتشفوا العبقرية التجارية للموقع، والاهمية الاقتصادية للموضع، فوظفوا انفتاح الميناء، وانسياح الصحراء، خطا تجاريا، وممرا اقتصاديا، يربط الجزيرة العربية وما وراءها، ببلاد الشام وما بعدها، كان هو الاكبر في المنطقة كلها، والأوسع أثرا في النفع لها، بنوه بخبراتهم وايديهم، وقادة النواخذة والبحارة من رجالهم، فوصلوا به الى الهند وسيلان وشرق افريقيا واليمن وعمان.
واضاف: «لم تكن علاقة الكويت والكويتيين بالتجارة، مقتصرة على الكسب المعيشي، بل كانت بمنزلة ارتباط عضوي، تفاعلت فيه طبيعة المكان، مع سجية السكان، فنشأ عنه مجتمع كويتي متكافل، متميز متكامل، يتم بالايمان العميق، والترابط الوثيق، والتسامح والتكاتف، والانفتاح الحضاري، والازدهار الثقافي، والفطرة المبدعة للحلول الوسط، البعيدة عن التفريط والشطط، بل أكاد اجزم بأن ما التزم به الكويتيون في تجارتهم، من خلق وأمانة ونبل واستقامة ومن بذل وكد، واجتهاد وجد، وما فرضته عليهم حياة البحر بتقلباتها، وشعاب الصحراء بتنوعها، من استقلالية في الفكر والنظر وتضامن في مواجهة الشدة والخطر، كانت هي العوامل التي رسخت مفاهيم الحرية في مجتمعهم، وأسس العدالة في دولتهم».
وقال الغانم إن هذا الدور المفصلي، في النشاط التجاري، وفي نشوء المجتمع الكويتي، وفي بناء قواعد نهضته الاقتصادية، وبلورة ثوابته المجتمعية ورسم محدداته السياسية، يؤكد حقيقة مهمة هي ان «لتجار الكويت» في التعبير التاريخي الاصيل، او «للقطاع الخاص» في المفهوم الحديث، دورا رئيسا في قيام الدولة وبنائها، وتطورها ونمائها، ولئن خفتت اضواء التجارة بعض الخفوت، وتوارى دور القطاع الخاص بعض التواري، نتيجة هيمنة منتجات النفط، وسيطرة رأسمالية الدولة، فإن كل المؤشرات تؤكد ان المشروع الاصلاحي، لمستقبل الكويت الاقتصادي، انما يقوم على الحرية الاقتصادية، والاستقلالية التجارية، المحصنة بالكفاءة والمحروسة بالعدالة، كما يقوم على القطاع الخاص، القادر على النهوض بمسؤوليته التنموية، والملتزم بواجباته الاجتماعية.
وتابع: «في يقيني، ان هذا الارتباط، ثنائي التفاعل والاتجاه، بين الكويت والحرية الاقتصادية من جهة، وبين القطاع الخاص والمستقبل من جهة، هو الذي اوحى بشعار الكويت، سفينة تجارية، يحميها صقر صحراوي نافذ البصر، وهو الذي دفع الرواد، الى ان يؤسسوا غرفة تجارة وصناعة الكويت، ويرفعوا بناءها على قواعد راسخة، من وطنية المنطق، ومنطقية الرأي، ومن ادب المشورة، وديموقراطية الإرادة، فكانوا ـ بذلك ـ اصحاب قضية».
وقال الغانم أن تجديد العلاقة، بين الكويت والتجارة، وفق تقنيات العصر واقتصاديات المعرفة، يعد توظيفا حديثا للمزايا النسبية التنافسية، لرقعة الكويت الجغرافية، لانفتاح فكرها، وحيوية اهلها، لكي تكون مركزا تجاريا عالميا، تحقق فيه استراتيجية الكويت 2035 انسجاما محليا واقليميا، مع مقتضيات العولمة او الاقتصاد العالمي، ومجاراة تنموية للتكامل الاقتصادي الخليجي، وتعاونا مع الاقتصاد العربي، وبناء للقدرات اللازمة، والامكانات المتوائمة، للتعامل مع المشاريع والتحالفات التجارية، الغربية منها والشرقية.
واضاف: «لا يبقى شيء على حال، بل ذلك هو المحال، فكل يوم جديد، هو تغيير وتجديد، تتسابق الاجيال، ويتعاقب الرجال، ويتغير ارباب المناصب، فهذا مترجل وهذا راكب، وتلك هي الحياة، لا تجامل في سنن التغيير ابدا، وتلك هي السنون، لا تعفي من صدأ العزيمة احدا، وذلك أمر معلوم ثابت الأساس (وتلك الأيام نداولها بين الناس)».
قال الغانم: «أحدثكم اليوم، وفي الخاطر مواقف وذكريات، حلو أكثرها، ومر بعضها، وعزيزة كلها، ترجع الى أربعين عاما في مجملها، وتنطلق في ذاكرتي كجياد سباق، لتثير في انطلاقها مشاعر الاشفاق، ومشاعر الاطمئنان، ومشاعر الاعتزاز والامتنان». وأضاف: «فأما الاشفاق، فمن اي تقصير أو خطأ لي، إذ هما مسؤوليتي وحدي، غير ان ما ارجو ان يشفع لي، في اي خطأ او تقصير قد يكون وقع مني، هو اني لم ارد الا مصلحة بلدي واهلها، ورفع اقتصادها ومكانتها».
واستطرد« اما الاطمئنان، فلثقتي بقدرة الاخوة الفضلاء، والزملاء الاعزاء، على حمل الأمانة بكل جدارة، ومتابعة المسيرة بكل كفاءة، وعلى تطوير اداء الغرفة وتعزيز دورها، في خدمة الكويت وتقدمها وازدهارها».
وفيما يخص مواقف الاعتزاز، قال الغانم: «لمواقف الغرفة الوطنية، وآرائها الصريحة العلمية، في ميادين التشريع والتوعية، والإصلاح والتنمية، ولخدماتها المتميزة على الصعيد المحلي، والصعيدين العربي والدولي، ولوعي الغرفة العميق، بالعلاقة العضوية، بين التعليم والتنمية، ولدعوتها الملحة الى اصلاح النظام التعليمي، والبناء المعرفي، بكل مراحله ومستوياته، وكل مستلزماته ومتطلباته، لأن الإنسان هو منطلق التنمية وهدفها، ووسيلتها وغايتها، ولأن انخفاض مستوى التعليم في الكويت، اخطر من انخفاض في سعر برميل النفط، او معدل دخل الفرد».
وأضاف: «مع مشاعر الاعتزاز هذه، تتزاحم في مخيلتي صور واسماء جميع الزملاء، الذين جميعهم اخوة اعزاء، والذين شاركوني مراحل المشوار الطويل، واتصفوا بالخلق النبيل، واليهم يرجع بعد الله الفضل في بذلهم لكل ما هو ممكن ومتاح، وفيما حققته الغرفة من تقدم ونجاح، فإليهم جميعا دون استثناء، والى جميع موظفي الجهاز الاداري الاعزاء، اتوجه بخالص الشكر والعرفان، وصادق التقدير والامتنان، قائلا لهم: كنتم خير الزملاء والاعوان والرفاق، وخير من يجسد الود والتعاون والوفاق، شكرا لعطائكم الفائق، ولدعمكم الصادق، ولاختلافكم الراقي، ولتميزكم الاخلاقي».
وتابع: «أخلص مشاعر الود والعرفان، وأبلغ معاني التقدير والامتنان، الى جميع من حضروا هذا الاحتفاء، وغمروني بمشاعر الود والاخاء، وجسدوا بذلك معاني النبل والوفاء، اشكركم جميعا شكرا لا يبلى ولا يفتأ على الأيام يتجدد ويترى».
قال الصقر، مستهلا كلمته خلال الحفل: «من قبيل التزود بما لا زيادة عليه، أو من قبيل لزوم ما لا يلزم، أن أحدثكم عن الصديق العزيز علي الغانم، فكلكم له صديق، وكلكم عليه عزيز، وكلكم تعرفون عنه ما أعرف وأكثر، وقد خبرتم فيه ما خبرت وأبعد، من علو الهمة، وعمق الالتزام، ومن تواضع الواثق، ومهارة العارف: طالبا في كلية فيكتوريا، مدرسة أبناء النخبة العربية حينذاك، ومهندسا خريجا من جامعة هامبورغ، حين كانت ألمانيا تعيد بناء ذاتها على أسس التضحية والعلم والعمل».
وأضاف: «لقد عاد أبو مرزوق من رحلته العلمية، لا يحمل شهادته الجامعية فقط، بل يحمل، أيضا تصميما على خدمة الكويت في إطار هذه القيم، ما أهله، وهو في العشرينات من العمر، أن يتولى تأسيس ورئاسة أحد أكبر المشاريع التي قامت عليها الصناعة الكويتية».
وتابع، بالقول: «ثم ضاق ثوب الوظيفة الحكومية عن احتواء طموحه، فانطلق إلى رحاب القطاع الخاص، مواصلا إرثا عائليا وتراثا عريقا، تاجرا وصناعيا، ومهندسا مقاولا، ومستثمرا وشريكا في الكويت أولا، وفي العالم العربي، ودول أخرى».
«وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين»